لم نكن نرغب في مغادرة مدرب الهلال النابي في هذا الوقت الحساس. لكن الحصل حصل. وليس أمامنا سوى التسليم بهذا القرار الخاطئ، ولو أننا نتساءل: إلى متى سنستمر في عشوائيتنا وتخبطنا ومنح البعض حق أن يتحكموا بمصائر مؤسساتنا وكياناتنا؟! مغادرة النابي في هذا الوقت والفريق على أعتاب المرحلة الأهم من البطولة الأفريقية سيترك فراغاً كبيراً. فالمدرب الأجنبي الجديد القادم سيحتاج لبعض الوقت لكي يعيد التأقلم من جديد مع أجوائنا الغريبة والعجيبة. صحيح أن كامبوس سبق أن درب الهلال، لكن الآن الظرف مختلف. سيواجه كامبوس بمجلس إدارة ولاعبين لم يتعامل معهم من قبل، ولذلك يصبح الحديث عن معرفته ببيئتنا من فارغ القول. الخطوة الصحيحة الوحيدة التي لجأت لها لجنة التسيير هي التعاقد مع الأخ التاج محجوب مدرب الأهلي الخرطومي كمدرب عام. فالتاج أحد أبناء الهلال الذين يهمهم أمره كثيراً بعيداً عن لعبة المصالح الكريهة. ووجوده خلال الفترة الماضية على رأس الجهاز الفني لنادِ يشارك الهلال في الدوري الممتاز يجعله قريباً من ظروف وحالة لاعبي الهلال. كما أن التاج رجل محترم ومدرب مؤهل ومنظم وصاحب رؤية فنية واضحة ورأي سديد. يمكن جداً أن يفيد التاج الهلال إن تفهم المدرب الجديد كامبوس أهمية وجوده بجواره. فقد سبق للتاج أن عمل مع غارزيتو، لكنه لم يستمر لأكثر من 45 يوماً. عندما أراد البرير استقدام التاج كمدرب عام بجوار غارزيتو أصر التاج على مناقشة غارزيتو في الأمر أولاً حتى يضمن تعاونه معه. وقد وافق غارزيتو على وجود التاج بجواره وبدأ معه بشكل طيب. لكن الفرنسي انقلب عليه بعد فترة قصيرة عندما وجد أن التاج صاحب رأي وليس مجرد مساعد يكتفي بمهمة جلب المعدات ونقل حديث المدرب للاعبين. بعد تلك الفترة القصيرة طلب غارزيتو من الإدارة استبعاد التاج. لهذا عندما قرأت بالأمس خبر تعاقد الهلال مع التاج تخوفت من تكرار ما حدث في فترة سابقة. وقلت لنفسي كيف يتعاقدون مع التاج قبل أيام من قدوم المدرب الجديد كامبوس، ولماذا لا يتنظروا وصوله، ثم يقرروا في أمر المدرب العام بعد أن تتم مناقشة البرازيلي في الأمر حتى نضمن عدم وجود خلافات في هذا الظرف الدقيق الذي لا يحتمل إضاعة ولو يوم واحد. لهذا اتصلت بمجرد سماع الخبر بالأخ التاج محجوب لكي أسمع منه شخصياً أولاً ما إذا كان الخبر صحيحا، ومن ثم كيف تسير الأمور إن صح الخبر. فوجدت التاج كالعهد به متريثاً ومركزاً في كل خطوة يريد أن يخطوها. أكد لي التاج محجوب أن بعض أعضاء لجنة التسيير تحدثوا في الأمر مع إدارة النادي الأهلي التي وافقت على الفور باعتبار أن الهلال يمثل الوطن في بطولة خارجية مهمة. ولأن علاقتهم بالتاج طيبة للغاية، حيث أوضح لي أنه وجد في نادي الأهلي بيئة محفزة ومريحة لم يمانعوا في انتقاله للهلال إذا كانت لديه الرغبة. ومن جانبه يرى التاج أن للهلال دين عليه ولا يمكنه رفض أي تكليف يطلبه منه النادي الذي قدمه للشهرة. قال لي أنه يوافق على العودة للهلال رغم مرارة التجربة السابقة وبالرغم من أنه مرتاح في ناديه الحالي وأن الكرة اصلاً بالنسبة له ومنذ عودته من سلطنة عمان ليست المهنة الأساسية التي يعتمد عليها في معيشة أسرته. لكن التاج وضع لموافقته النهائية شروطاً محددة. أول هذه الشروط هو جلوسه اليوم مع أعضاء لجنة التسسير للتفاكر حول المرحلة القادمة وما هو مطلوب منه بالتحديد. وثاني هذه الشروط وأهمها هو التأكد من رغبة كامبوس بعد وصوله يوم غد الأحد والجلوس معه لتوضيح وجهة نظره حول قبوله بالتكليف كمدرب عام للهلال. قال لي التاج بالحرف الواحد أنه سوف يوضح لكامبوس ما حدث في تجربته مع غارزيتو بالتفصيل. وسوف يؤكد له على حقيقة أنه ليس لديه أي مصلحة من قبول عرض الهلال سوى مساعدة ناديه السابق في تحقيق النجاح في البطولة التي يخوضها حاليا. فإن وجد لدى كامبوس رغبة حقيقية للتعاون من أجل الهلال والهلال فقط فسوف يقبل بالتكليف. وإلا فلديه عمله المريح حالياً، كما لديه مصادر دخل أخرى يعيش منها عياله. هذا بالضبط ما قاله التاج محجوب دون زيادة أو نقصان مني. فكل العشم أن تمضي الأمور كما نريد لها أن تمضي من أجل الهلال ولا شيء غيره. المفارقة أن التاج اتفق معي في حالة الاستغراب التي تعترينا من قبول المجلس باستقالة النابي في هذا الوقت. وقال أنه كان يتمنى أن يستمر النابي على الأقل في المباريات الأولى من دوري المجموعات، وبعد أن تتوقف البطولة مع بدء كأس العالم كان من الممكن أن يكون الظرف مواتياً أكثر لتغيير النابي. لكن سبق السيف العزل أخي التاج والأهلة الآن بانتظار خطوات جادة من لجنة التسيير لتصحيح هذا الخطأ بأسرع ما يمكن لأن الوقت لا يسمح بالمزيد من الأخطاء. وكل الأمل أن تتفقا أنت وكامبوس على ما فيه مصلحة الهلال. نقطة أخيرة: أثناء كتابتي لهذا المقال اتصل بي الصديق فيصل مكاوي ليفيدني بأن إحدى صحفنا الرياضية نشرت خبراً مفاده أن الهلال ينفي مفاوضته للتاج محجوب لتولي مهمة المدرب العام بالنادي!! قلت للصديق فيصل التاج الذي اتصلت به بنفسي مساء الأمس أم تاج آخر هذا الذي تتحدث عنه الصحيفة! فيصل نفسه نقل لي بالأمس مستغرباً خبراً نشرته صحفنا يقول أن النابي أبدى استغرابه من قبول المجلس لاستقالته. قلت له لا تصدق مثل هذا الكلام الفارغ يا صديقي، فهو لا يبدو منطقياً ولا يمكن أن يدخل عقل أشرف ولدي ( 7 سنوات)، إذ كيف يستقيل مدرب بكامل إرادته وفي ذات الوقت يبدي استغرابه من قبول الاستقالة. وعاد فيصل اليوم ليؤكد لي أن النابي نفى أن يكون قد صرح لأي مخلوق بعد تقديم استقالته. المهم دائماً أن يفهم القارئ دوافع بعض صحفنا وكتابها، ليحدد بعد ذلك ما يمكن تصديقه مما يستحق أن يلقي به في أقرب سلة مهملات. [email protected]
