يقولون إن المؤمن مبتلى ... ومرة المؤمن مصاب ...، وورد في الأثر أنه إذا أحب اللهُ قوماً ابتلاهم، وأن التمحيص والفحص والإبتلاءات والإمتحانات لا تزيد المؤمن إلا صلابة، وهذه المقولات الأثرية كلها صحيحة سواءً كانت دينية ربانية أم بشرية نابعة من عراك الحياة، ولكنها (أي الإبتلاءات) تبقي أيضاً ودوماً نتيجة لأفعال البشر سواء كانت هذه الأفعال ذاتية ام غير ذلك، فلكل فعل رد يماثله في القوة والضدية ولا يستثنى من ذلك شيء ولا إنسان ولا أي كيان اجتماعي ولا دولة، ولذلك فإننا كسودانيين وخاصة في الآونة الأخيرة مررنا بامتحانات وابتلاءات فاقت تصوراتنا الدينية والدنيوية للإبتلاءات حتى كدنا أن نكون حالة استثنائية في مضمار الإبتلاءات التي تنوعت عدداً وشكلاً ونتائج شتى منها الصراعات والحروبات القبلية وحروبات الحكومات المتعاقبة ومعارضاتها المختلفة مروراً بالسيول والفيضانات في بعض السنين وموجات الجفاف والتصحر في سنين اخرى، ويا سبحان الله مغيِّر الأحوال. هذا ناهيك عن الأمراض والغلاء والنزوح واللجوء وتدهور الإقتصاد والتعليم والخدمة المدنية ووو إلى المسكوت عنه من أحاديث الفساد والإفساد والمحاباة والإنشقاقات والإنقسامات والقرف والذهج السياسي، فبعد هذا هل نحن بدعاً من المجتمعات والدول؟ أعني في حياتنا العامة والخاصة! ألم نتباهى في كل مرة وعلى الدوام بأننا الأفضل والأحسن والأكثر عطاءً والأفضل في العمل والبذل والعطاء والأكثر صدقاً ونحن ونحن من نفر عمَّروا الأرض حيث ما ذهبوا؟ . وتصور كيف يكون الحال لو ما كنت من الناس الزي ديل (سوداني ! ) أو من ناس زين ( سمح سهل حسن المعاملة ) وأهل الحارة ما أهلي؟. هذا الكلام صحيح في السودانيين الأوائل صناع الإستقلال حفظة الوحدة المحافظين على تراب الوطن وشعبه وعلاقاته القوية رغم التباين الواضح في السحنات والألسن والوجهة والواجهات الفكرية بصورة عامة والتوجه الثقافي على وجه الخصوص. فهل نحن الحاليين مثل أُولئك السايقين الأوفياء؟ أم إننا بدّ لنا قناعاتنا واقنعتنا وثقافاتنا بثقافة الجمل الذي لايعمل أي حساب لنباح الكلاب؟. على كل وحتى لانُعمل السياط أكثر من هذا على أظهرنا جلداً للذات كما يقولون أرجوا أن ننتبه جميعاً أولاً كشعب قبل الحكومة والقيادات المعارضة وعضوية الأحزاب والكيانات الإجتماعية المختلفة قبل الهياكل والمكاتب التنفيذية لخلاص ما يمكن خلاصه من ما تبقى من تراب الوطن ( أقول الوطن ) ثم مقدرات شعبه من عبث بعض منسوبي الحكومة قبل الطابور الخامس والمندسين والخونة والمارقين والمرجفين والمغرر بهم ثم نعمل على تحقيق الوحدة لما تبقى من الوطن وشعبه وعزل كل متسول وانتهازي . ولعل الأهم من هذا وذاك ان شهر رمضان على الأبواب وهذه فرصة للتسامح والتصافي ولو من خلال أيامه الثلاثين أو التسعة والعشرين فقط. فأرجوا أن تتوقف الحكومة والمعارضة اللتان تدينان بدين واحد وتتصارعان على كرسي واحد وتراب واحد ودولة واحدة ووطن وشعب واحد أن تتوقفا بحق دينهما عن اطلاق النار وعن الإتهامات والتصريحات التي لا تجلب للوطن إلا البلايا والرزايا ثم أدعوا الآخرين جميعاً من أبناء وطني للتسامح ونبذ التناحر والإحتراب والإقتتال والتكالب على كل شيء يسيء للوطن وإنسانه، أدعوا الجميع بحق دينهم وشعبهم وترابهم الواحد أن يتمسكوا بهذا الأمر ويستجيبوا لدعوتي هذه بحق الرب ودينه القويم. [email protected]