اللحظة التي خرجت من عتبة الدار،وواجهت ما خيل لي انه سيكون افق الفوضي والوحل،،تبينت سوء ظني، كان واضحا ان ربا حنون،وطبيعة طيبة،عازمان علي اعداد مسرح بهي لتجلي سمح وجميل. الشمس والريح تولتا امر الماء والطين،فبدا البراح باكمله قطعة سقطت من النعيم،بدا لي الافق باكمله كونا لا يمكن ان يكون الا في الاحلام،اخرجت الارض كل زينتها،شجر،وزهر،وثمر،وناس كانهم ليسوا من رايناهم امس في رحلة التجوال.حمدت الله اني قد تماهيت وهذا البهاء،متجلببا بجلبابي،متعمما بعمة توتل بيضاء،متلفحا بشال فال فخيم ورثته من الحبيب ابي،لا يفارقني ابدا في الاسفار،ثم ان عصا الخيزران التي اهدانيها الزعيم،اكملت واجب اخراجي ،متماهيا مع هذا المهرجان البديع،،،يا،،صدقوني لست مشروعا للدجل والخرافة،ولكني مفتون بما ابدعه الانسان البسيط من حيل ودربه،لهزيمة بؤسه وورطته الوجودية،في هذا البراح البكر البتول،الغامض البسيط،الواضح العميق،سيكون عليك ان تفكر الف مرة قبل ان تحاكم هؤلاء الرائعين،وحدهم هم حملة روح النقاء الموروثة من الاسلاف،لم تختلط باي من كل مايخطر بالبال،ليس هنا في كل هذا الافق من جميع حضارة القرن الفائت غير راديو الترانزستر،او ساعة جوفيال يتوج بها الزعيم،ليس في كامل الافق غير طيبة فاضحة، انسان مدهش مبدع،،سترونه معي بعد حين. ادخلتني ساعة دخولي الساحة،في حالة وجد وجذب.. الصدق ما اقول،،لو وجدني الاديب بشري الفاضل في حالتي تلك،لكتب،حكاية الولد الذي طارت عصافيره،وهاانذا اغسل عن عيني دمع يغمرني،انفض شجنا يسكنني،لامسك ولو لبرحة بتلك اللحظة،لاصحو ولو لبعض ساعة صباح لاجد فيي طعمها،في انفي عطرها،في روحي حبورها. الفضاء الممتد في كل اتجاه وصوب بدا مهرجانا للبهجة والجمال،تقاطرت كل الحلال والفرقان الي حيث يقام يوم الغبطة والمرحمة،اخذ الناس زينتهم بملابس بسيطة مزركشة،صنعوها من فيض خيوط اشجار ونباتات الغابات،بدت النسوة زهور يانعة،والرجال نخل وابنوس،اني وليت وجهك فاجئك جمال باذخ،نساء عجن باحلي ما في الطبيعة البتول من طيوب،فبدون اجمل ما خلق الله،فاكهة مكتملة النماء،سمها ماشئيت،فلقد اودع الله الاجمل من كل شئ فيهن... صبرا ساكمل مارايت في حديقة البهاء،،واعاود وصف كل شئ في المقدمة،مشي امام الجوقة كمايسترو محترف،،رجل عاش فوق الارض زمانا طويلا،عمدوه زعيم طقوس الاعياد وايام المسرات،سمح بسام،رغم سنه بدا رشيقا كنحلة،بهي كفراش،،ممراح ضحوك،بعصا قائد اوركسترا محترف،كان يضبط ايقاع الجميع.. قارعي الطبل والدفوف،ضاربي النوبة،اهل المزامير،خالي الباهي ومزماره الشجي،حاملي الرايات الخضر،،يا رب المعجزات انه نفس براحنا،ثم صف النسوة والرجال،،بصوت حلو اخاذ،،يرددون،،الله الله،،وكلام منظوم اخر لم افهم معناه ولكن شجي قلبي واحسست به... هاهنا احتفلو جميعا،،ابناء يسوع لم يتخلفوا... الذين جاؤا بالدين في زمان سحيق،،كانوا اهل محبة واشواق،لذا انفعل وتفاعل معه الناس،،هكذا قال لي مرافقي الملاوي،الذي فاجاني بانه يؤمن بكل الاديان طالما تدعو للمحبة والسلام.... في الحقيقة،،طبيعة الاشياء والحياة هنا تجعلك تؤمن بكل دين.. ليس هذا موضوعنا،نحن هنا بصدد وصف لمائدة المحبة الكبري،وحفل الصبيات والصبيان بالعيد السعيد،،ومفاجات اخر. مائدة الطيبين الكبيرة،،مشوا في مناكب الغابات،تخيروا من ماتنتج ما تستسيغه النفوس،يقيم الاود ويشبع النفوس،هاهي الارض تعطي من مابها،فاكهة الاشجار،ثمار النبات،كل مايؤكل ادخروه ليوم المرحمة العظيم هذا،اشعريين في قلب الغاب،،كل ماعنده،علمتهم الحياة وحكم الاسلاف،ان تحمي ظهر اخيك قبل ظهرك،ان تطعمه قبلك،،علي ظهره يحملك ان سقطت في وعر الدروب،وبرمحه ينغذك ان هاجمتك الكواسر. ثم انهم جاؤوا باعشاب البحر المدخرة ليوم الافراح ذا،السمك المجفف،جاؤوا بصيد البر والبحر،بالطير والجراد،كلما ساقه حظهم الطيب في ايام التربص والقنيص،،لم يبق شئ من مخلوقات النواحي الا وجاؤوا به،تحفه القبائل والفرقان،برماح مشرعة،سهام مسنونة،جلبة وخيلاء،نحاس يضرب،ومزمار يسامر روح الاسلاف التي في يقينهم انها تحوم حولهم ذاك اليوم،تشهد سمرهم،وتسعد بما يغمرهم من نشوة وحبور.. يحرس مادبة السعد قبل اعلان افتراع طقوسها،صبيات مليحات،بدت بلا تثريب فواكهن اليانعة تخرج من ثنايا اذياءهن،مفاتن هنا،لا فتن،تبين في كل مكمن ثمرة،وكل ملتقي غصنين،خصرا يضيق كفرع غصن،عجيزة تتمرد راكضة للخلف،نهود مشرئبة للتقدم،متوترة كسهم يهم بالانطلاق،يا اصدقائي هذا براح مسكون بالطيبة والرضوان،ليس لشيطان الرغائب عليهم هذا اليوم من سبيل،وتغضب القبيلة من عيون تتلصص بالشهوة والرغائب،اما العيون العامرة بالبراءة،فهنا حق لها ان تمتلئ من النظر في الحدائق النضرة الحلوة، من غير حجر ولاتاثيم،،وسنري كيف ان يوم الجمع والمسرة يخبئ لنا من المفاتن والافراح كل مثير وعجيب.. حتي اذا اجتمع كل الناس، وازدحمت الساحة بخلق اكثر من ان تطيق،دق نحاس مصقول دقات افزعت الطيور ففرت من اوكارها ومخابئها ناشدة السلامة في افق بعيد،جفلت الحيوانات في الاحراش وتردد صدي صياحها في الانحاء،زئير اسود،عوي كلاب،فحيح ثعابين،،ثم سكن كل صوت،كانما هو العدم،،قام من وسط الجمع شيخ مهيب موغل في القدم،ولكانه من نسل نوح الاول،عزف علي غيثار لحنا حزين باك،اسال دمع الحاضرين،مرافقي الملاوي اسر لي بان هذه تحية ارواح الاسلاف،حارسة الفجاج،راعية الود والسلام،ثم قامت امراة من وسط النسوة ،نضرة ودود،تلت ميثاق شرف الانحاء،،لا دم يسيل ابدا بين ابناء الفجاج،،ليرد جمع الجمع،،،،ان نعم.. ثم صدحو تكبيرا وحمد،قرا القران بصوت حلو رخيم،فاثار شجني،واسال دمعي،،ولما قضيت الصلاة امنو بعده،نسوة ورجال،صبيان وصبية،هب نسيم لطيف علي الفجاج،،ورايت فيما يري المنتشي حبور في الوجوه لاتخطئه عين،صفاء وسكينة،وبان ان كل هذا مسقي من نهر حب عظيم،في تلك اللحظة التي رقت روحي حتي حسبتني انا نفسي نفحة معجونة بالسماحة والبهاء.. وتقدم اخر ،كانه روح من ارواح الاسلاف هبطت من صعيد مقدس،، هلل ،وكبر وقال.... اقول لكم انا،قبل ان اقول قوله،،اني ،وانا المدمن علي قراءة السير والاخبار،المدوام علي تتبع بدائع الاسلاف،لطيف الكلم،المغرم بتغشي مجالس الندامي والسمار،الذي قضي حينا من الدهر اقرا باشتياق لاهل الذوق،الفكر،المعارف ،،اني طوال سني ما سمعت مثل الذي سمعت،،هئيو اسماعكم،،ترجمه لي كلمة كلمة،،رفيقي الملاوي... يتبع،،،