إحتفت جمهورية جنوب إفريقيا في الخامس من ديسمبر المنصرم بالذكري الأولي لرحيل قائدها الفذ العملاق أيقونة النضال و ساحر القاره السمراء نيلسون مانديلا،كما إحتفل العديد من محبي الإنسانية بالمناسبة نفسها في أنحاء متفرقة من العالم بصورة بالغة سطرت مدي قيمة الفقيد لبقية شعوب العالم،ونجد أن شهر ديسمبر قد سميه بديسمبر الحداد عند شعب جنوب إفريقيا وأصبح الجميع يتوشحون ثوب الحداد حدادا وفقدا وإحتفاءا بأعظم زعيم انجبته ماما أفركا وعرفته الإنسانية،ويرسم ديسمبر لوحة حداد أخري مع شعب جنوب السودان الذي فقد فيه الألاف من الأرواح البريئه بسبب إحتدام الصراع الداخلي بين أبناء الأمومة في الحزب الحاكم،وبحلول ديسمبر الموشح بالدماء خفقت القلوب مجددا وإزدادت ضرباتها خوفا ورعبا مما يخبئه ديسمبر في جوفه أملين بعدم تجدد الأحداث السابقة التي أفقدت الشعب الجنوبي خيرة أبنائه،وهذه النفسية المتأرجحة غيبت الإهتمام بذكري الرحيل مانديلا الذي يمثل أسطورة حركات التحرر الإنسانية كما يسميها الراحل د/جون قرنق وهو الأخر يصفه الأخرون في أنحاء مختلفة من القاره الإفريقية بمانديلا السودان لأنه كان يحلم بتحقيق المصالحة الوطنية في السودان إلا ان المنية لم تمهله طويلا لتحقيق مبتغاه فرحل ولم يكمل المشوار. كنت اتخيل أن معظم القادة الأفارقة سوف يحيون ذكري زعيمهم الراحل بذات الإيقاع الاول الذي كان بمثابة أكبر حدث شهدته إفريقيا علي مستوي التاريخ،وأضخم تابين في العالم حضره قاده دوليون ورؤساء بمختلف مسمياتهم،وإن لم تحتشد الوفود كالمرة السابقه في جنوب إفريقيا لتأبين الفقيد خصوصا القادة الأفارقه كان من الأجدي تنكيس كل اعلام افريقيا في ذكراه حدادا ووفاءا لما قدمه للقارة السمراء والعالم أجمع،وكم تمنيتُ تابينه علي إيقاع الطقوس والثقافات الإفريقية كلٌ علي حدي في منطقته وقريته وبإيقاعه الخاص، ولكن زعماء الإتحاد الإفريقي إنشغلوا بمأربهم ونسوا ذكري أعظم حدث لن يتكرر قريبا في إفريقيا،وأري ان الوازع الإنساني يتطلب تبني الإتحاد الإفريقي لذكري التأبين عن طريق الإعلان ليوم (الحداد الإفريقي) من مقره الدائم باديس ابابا موجها ندائه لكل الشعوب القاره السمراء علي ضرورة تنكيس كل اعلام افريقيا في يوم عطلة رسمية تكون الأولي من نوعها تشمل كل الشعوب علي صعيد القارة،مصحوبا برفع اعلام الحداد مرسوما عليها خارطة إفريقيا ومدمجا فيها صورة الفقيد مانديلا ايقونة القاره السمراء ،وفي تقديري لو تبنت الإتحاد الإفريقي هذه الفكرة لوجدت المساندة والدعم المنقطع النظير من أغلب الأفارقة وكذلك من محبي الإنسانية بمختلف مشاربهم من كافة بقاع الأرض،وبالتأكيد ان الجميع يساهمون بطرق مختلفة فشركات الملبوسات تسطيع أن توفر الملايين من الفنايل الموسومة بشعار الحداد أي خارطة إفريقيا عليها صورة الفقيد وكذلك الأعلام بنفس الشاكلة،كما يمكن للكاف برئاسة عيسي حياتو وأعوانه تنظيم كأس مانديلا للمنتخبات الإفريقية تخليدا وتمجيدا لذكري الراحل المقيم،ولابد للبحاثة والكُتاب الأفارقة عمل دراسة مضنية ومستفيضه لمشروع نيلسون مانديلا الوطني من أجل إستخلاص العبر والدروس في شكل مناهج للتربية الوطنية تطبع بكل اللغات وتوزع في القارة السمراء كي يستفيد منه الأجيال خصوصا الدرس الأول وهو (معني قبول الأخر) الذي مهره الساحرمانديلا بسبعة وعشرون عاما في السجن،وأعتقد ان هذا من أعظم الدروس التي يجب أن يعيها الحُكام والمعارضين الأفارقة كما يجب ان يكون نبراسا للإتحاد الإفريقي يستهله كمقدمة ومرجعية في عمليات التفاوض بين الخصماء الأفارقة. الجدير بالذكر أن الحديث عن مانديلا يطول ومهما تحدثنا عنه في هذه السطور لا نستطيع أن نمنحه حقه ومستحقه،ولكنا نتحايل علي أنفسنا من باب الوفاء لأهل العطاء إن إستطعنا الي ذلك سبيلا ولستُ أدري ماذا نحنُ قائلين فيه!؟نبكيك ولا نمجدك ، نمجدك لا نبكيك أو نبكيك ونمجدك حيرتا فينا الحس معاك فايتنا وين داير تمش!مانديلا يافجر الغناوي الضاحكة مين تاني بعدك يعطي إفريقيا عظمتها ووقارها الزاهر!كنت الألق كنت الأمل كنت المجد كنت الشعاع كنت البدر الوهاج كنت شمس العزة ونوره الأخضر فأنت حيا فينا لم تمت وستظل حيا وتحيا فينا من جديد طالما بقينا علي قيد الحياة ،مانديلا شمس إفريقيا التي لا تعرف المغيب. وللحيث بقية بقلم/صالح مهاجر خلف الستار 10.12.2014 [email protected]