الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ميليشيا الدعم السريع ترتكب جريمة جديدة    بعثة الرابطة تودع ابوحمد في طريقها الى السليم    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون ينقلون معهم عاداتهم في الأعراس إلى مصر.. عريس سوداني يقوم بجلد أصدقائه على أنغام أغنيات فنانة الحفل ميادة قمر الدين    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    تقارير: الميليشيا تحشد مقاتلين في تخوم بلدتين    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرقنا انقلاب.. يجمعنا واتساب:... وهل امتطى احد ائمة المساجد سيفه بحثا عن الفقر ليجز رأسه؟
نشر في الراكوبة يوم 18 - 12 - 2014


حتى لا يهتف* الناس: الشعب يريد اغلاق المساجد
* برسالة على "الواتساب" زودني احد الاصدقاء من الخرطوم، سأرمز اليه بحرف (دال)، بالعمود اليومي "حديث المدينة" الذي يكتبه الاستاذ عثمان ميرغني، رئيس تحرير صحيفة "التيار".
في معرض تعليقه على ما أكد انه خبر ورد في معظم الصفحات الأولى لصحف الخرطوم حول تكفير بعض ائمة المساجد الدكتور حسن الترابي، انهى الصديق الاستاذ عثمان ميرغني، زاويته الراتبة يوم الخميس 11 ديسمبر الجاري، بالفقرة التالية: السودان فيه ما يكفي من شلالات الدم.. وأنهار الأحزان واليتم والترمل.. فلماذا تتحول خطب المساجد إلى شرارات فتن؟ أدركوا السودان.. قبل فوات الأوان.
* ما ان انتهيت من قراءة "حديث المدينة"، وبالفعل كان موضوعه ولا زال وسيظل لفترة طويلة حديث المدينة، قلت في سري كلمة "برافو" التي عندما أجد ما يفيدني في مقال ما، أصْبَحْت انطقها احيانا جهرا، غير عابئ بان من حولي قد يظن بي الظنون. كتبت ذات الكلمة لصديقي (دال) فبدأت بيننا رسائل على النحو التالي:
دال: عليك ان تحيل رسالتك السابقة لصاحب حديث المدينة. ولكن، دعني افيدك ان كنت لا تعلم، انه لا يتعامل مع الواتساب. استراح ام أراح، لا ادري.
عصام: عثمان يكتب لكل الناس يوميا، وعادة يبقى ما يكتبه حديثا في المدينة إلى ان يكتب غيره. وعليه اعتقد انه استراح، فليس لديه وقتا كافيا للواتساب، وتعلم انه يسرق الوقت. ومع ذلك، مَنْ تظن انه أراح؟
دال: تدرك جيدا موقفي من كل من له شبهة صلة بجماعة الاسلام السياسي، وعثمان ضمنهم. على كل، انه قلم جرئ ومقروء، وفي كل مجالس المدينة التي غشيتها حينها، تضامنت معه بشدة بعد الاعتداء اللئيم الذي حدث له. سامح الله البعض من اصدقائك الصحفيين الذين ربما دون ان يدروا تسببوا فيما اصابه. ولكن، يجب ألاَّ ننسى ان عثمان ميرغني ساهم مع غيره في زرع ما حصد في نفسه وفي جسده. ليكن ما حدث له كفارة.
عصام: وهل سيحصد الشيخ الترابي من ألسنة أئمة المساجد، غرسه وزرعه الذي سقاه نصف قرن من الزمان؟ أخشى من "حجم" كفارته، منطلقا من قولك حول ما حدث لصديقي عثمان.
دال: دعنا من ذلك الان، وإليك ما أفكر فيه. ان الحديث عن المساجد وأئمة المساجد اصبح يتطلب اكثر من مقال من أكثر من شخص، بل حملة قوية، ان لم تستطع الصحف استضافتها فلنا في الفضاء الرحب مجالا واسعا ومفتوحا.
إما ان تعود المساجد كما كانت قبل ان يسيطر عليها اهل الاسلام السياسي، او تترك لهم المساجد ينعقون فيها كما يريدون.
إلى ان يقضي الله فيهم أمره، لم لا تُتْرَك لهم المساجد؛ زيتهم في بيتهم؛ يفعلون فيها ما يفعلون كما يحدث منهم في كل دوائر الخدمة العامة التي لم تعد لها اية علاقة بما هو عام من شئون العباد وأصبحت مرعى خاصا لأهل الاسلام السياسي؟ لماذا لا تنطلق حملة تحدد على الاقل المساجد التي يخطب فيها مؤيدو المشروع الظلامي لأهل الاسلام السياسي؟
بعد ان اخرجونا من دوائر الخدمة المدنية والأجهزة والمؤسسات القومية وجعلوها حكرا لهم ولأولادهم، لماذا نشاركهم مساجد، وآداب الاسلام لا تسمح لنا بمقاطعة الأئمة فنخرج منها والعبرة في سقف الحلق ونتبادل هز رؤوسنا فلم تعد تستحمل حمل عمامة؟ لماذا لا ندعو الناس لمقاطعة المساجد الموبوءة بالداء المعدي؟ انه داء اخطر من الايبولا التي قام عليها المجتمع الدولي ليكافحه. متى وكيف نحصن الاجيال الجديدة منه؟ جيلنا حامل الفيروس اللعين ميؤس منه، فكيف تنجو الاجيال الجديدة التي تواجه القاعدة خلفها وداعش أمامها؟ وأين المفر، طالما مرجعية أئمة غالبية المساجد في السودان هي ذات مرجعية داعش والقاعدة؟ صدقني يا شقيق، نحتاج لذلك حتى لا يهتف الناس في يوم قادم "الشعب يريد اغلاق المساجد" أو "الشعب يريد إنزال السبابة"، فقد كان رفع السبابة والهتاف الانصاري "الله أكبر.. الله أكبر" سِيَّان وكان ذكرا صوفيا سودانويا "الله في.. الله في.. الله في" فصادرها اهل الاسلام السياسي لتصبح علامة لا تمل استعمالها حتى تابيتا بطرس، المترهلة في كل شيء حتى في الوظائف، لتعرض بها عند مشاركاتها التجريدات والنفرات والحفلات والتكريمات والهبالات والسخافات وشغل المشاطات والشعبطات بجانب الرئيس وصحبه عندما تدق طبول الرقص ويلعلع "الساوند سيستم" فتهتز اجسادهم ويفيض جسدها فتنوم المادة 152 من قانون يُجْلَد بموجبه النساء وتهان كرامتهن. يا اخي الشعب حقا "يريد انزال السبابة"، فقد اختطفها اهل الاسلام السياسي ضمن ما اختطفوا في عملية اعادة صياغة المجتمع لصالح تمكينهم ونهبهم ثروة البلد وصارت ذات العلامة التي كانت اشارة الى ان الرب فوق، تذكرنا بكثرة استعمالها من قبل ال غسان الوالغين في المال الحرام بكل ما هو تحت، اي نعم يا شقيق، كلما هو تحت ووضيع من اعمالهم وأفعالهم وأقوالهم، والتي لا تستحق ان تتعامل معها إلاَّ بالنعال، اعزك الله.
**لم أرد على صديقي (دال) الذي فاجأني حقا بتلك الرسالة الطويلة. جلست أفكر وأضرب أخماسا في اسداس وأسأل نفسي.. هل خَطَّها على التو أم انها كانت جاهزة، ليس في ذهنه فحسب، وإنما مكتوبة؟ هل أرسل لي (دال) مقال عثمان ميرغني مدخلا لرسالته؟
* تركت تلك الاسئلة معلقة، وهرعت سريعا لأرشيفي انقب فيه، فانطلقت كلمة "وجدتها" مكررة ثلاث مرات، إحداها سرا والأخرى جهرا والثالثة "جسرا" يربطني برسالة (دال) و"حديث المدينة" معا. زال عني هَمّ الأسئلة، وكتبت لصديقي: نشر لي الاستاذ عثمان ميرغني بصحيفته "التيار" يوم 27 أغسطس 2011 مقالا بعنوان: رسائل مفتوحة.... في زمن الرذيلة (محجبة) والفضيلة (سافرة). دعني أجلس للمقال مستعملا خاصية القطع واللصق وأزودك بثلاث فقرات منه دون أي تعديل.
دال: أتَذَكَّر ذاك المقال جيدا. عنوانه كان لافتا.
عصام: جاء في إحدى الفقرات:
وهل خافِِ على البعض ان الأجيال في وطننا لم (تضهب) لان العديد من الدروب تقاطعت أمامها في 30 يونيو 1989؟! ألم يكن واضحا، حينها، وجود دربين لا ثالث لهما.. درب الاعتدال ودرب التطرف؟ ألم يكن الأول هو مسار البحث عن السلام والوئام لاستمرار التعايش على أساس المواطنة، لِيُيَسِر بدون مزايدة، استمرار البلد واحدا موحدا متماسكا متطورا متكاملا مع شعوب العالم التي نشدت في أواخر 1989 الحرية والديمقراطية، فيما انعطف السودان وحده نحو الديكتاتورية؟ أليس الأمر غريبا ومثيرا للسخرية والشفقة في آن؟ وهل كان كل العالم على باطل وأهل الإنقاذ وحدهم على حق حينها؟ ألم يك واضحا وجليا ان درب التطرف، في اخف وصف له، سيفرز التوهان والهضربة بالجهاد وتمكين سياسة الإقصاء؟ ألم تُرْغَم أجيال لم تكن حتى في أرحام الأمهات في يونيو 1989، على السير في درب التطرف فاقدة الإرادة؟ ألم (يُساق) معها إلى ذات الوجهة الوطن، كل الوطن، وكل حي فيه.. بشرا وحيوانا ونباتا، وكل أصم فيه.. صخرا وترابا وطينا؟ وأخيرا لا بد من التساؤل دون مواربة: ألم يتم كل ذلك وأكثر من المسجد وفي المسجد وبالمسجد؟
وجاء في فقرة اخرى:
لنفترض ان أهل التطرف، تمشيا مع الأهزوجة التي ثبت ابتذالها: "هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه"، وعبادة وتقربا لله، عملوا واجتهدوا ونصروا الإسلام بإدخالهم إلى المساجد الأجيال التي صارت فيما بعد تائهة و(ضهبانة)، فهل يختلف معنا احد ان قلنا أيضا انهم أحاطوا تلك الأجيال والمساجد، عن قصد ومع سبق الإصرار والترصد، بمؤسسات سلطة وحكم وإدارة، في السياسة والاقتصاد والاجتماع، أشاعت الفساد والكذب والنفاق وكراهية الأخر وتمكين الشر فتسللت بين كل ذلك الرذيلة محجبة، داخلة خارجة لا يميزها ولا يسألها أحد، ففرضت نفسها على المجتمع عنوة واقتدارا بالالتفاف على ما سيصبح مألوفا في زمن المسغبة.. وانزوت الفضيلة سافرة حائرة تنتظر عودة الوعي، في حسرة على ماض وصفه أهل التطرف بجهل لا يعادله جهل ب "زمن الجاهلية".. بئس القاموس الذي استقى منه صانعو المسغبة في كل ربوع البلاد، فهل تريد ان تعرف من هم صُناع الفقر؟ تلفت حولك ستجد ملتحِِ بالقرب منك، ليس مهما ان كان عنوان لحيته "أكل عيش" أو غير ذلك من متلازماتها، وابحث عن من نشر هذه الثقافة.. ثقافة الاستهبال بالدين وباسم الدين، وأشر إليه بأصبعك وقل له بالصوت العالي: أيا صانع الفقر!
فقرة ثالثة من المقال انتهت بالتالي:
المشروع الظلامي لم يبدأ مع أخذ كل السلطة في 30 يونيو 89، وإنما مع (خمج) قوانين سبتمبر.. واستمر في أجهزة الإعلام بنفس البرامج من نوع ساحات الفداء وغيرها التي غسلت الأدمغة، وداخل نفس المساجد _أمساجد تلك يا وطن أم أقبية أجهزة أمنية سيئة السمعة؟_ وبالأخص تلك التي شهدت أروقتها طبخ وإنضاج أسوأ المؤامرات والدسائس والجرائم التي ارتكبت في حق هذا الشعب الطيب.
* بعد ان زودته بتلك الفقرات، اضفت في رسالة أخرى: تلك فقرات ثلاثة ارجو ان تسجل نفسها ضمن الصرخة التي اطلقها الاستاذ عثمان ميرغني، بأن أدركوا السودان.. قبل فوات الأوان.
* تركت المساحة والزمن لصديقي (دال) وانتقلت أعالج مسائل أخرى، فلم أفلح. ظللت راكزا مركزا على جوالي في انتظار خاصية لفت الانتباه عند استلام رسالة. عندما لم يطق أحدنا الأخر، الصبر وأنا، ضغطت على علامة خدمة "الواتساب"، ولم تفارق عيني حساب صديقي واللون الاخضر المتقطع يفيدني بانه على الطرف الاخر يكتب، ويكتب، ويكتب. مضى زمن طويل وخيمت اسئلة إضافية من شاكلة ماذا يكتب؟ هذه المرة يبدو انه ليست لديه رسالة جاهزة كما السابقة، فماذا لديه؟ وهل لديه جديد يضيفه ام سيفكك القديم؟ هل سأخُط له ردا، ام ان رسالته ستنهي حوارنا؟ لم أجد أجوبة لتلك الاسئلة، فقررت الصبر والانتظار. انطلقت تنهيدة مني بعد ان التقطت أذني صوتا هادئا يفيد بان هنالك رسالة في ذات الحساب الذي كنت قد فتحته بعد ان عِيلَ صبري، فهل كَلَّ متنه من الطرق الخفيف على لوحة مفاتيح جواله؟
* وصلتني رسالة صديقي (دال) التي كتب فيها: هل سمعت ان احد ائمة المساجد، عملا بقول ابن ابي طالب، قد نزل من منبره ممتطيا سيفه باحثا عن فقر في شكل رجل ليجز رأسه؟ لم يكن محتاجا إلاَّ ان ينتظر عند باب الخروج ليدحرج أكثر من رأس على الاسفلت.
هل تَذْكُر مسجد العمارات في النصف الثاني من التسعينيات عندما كان يخطب فيه عصام أحمد البشير؟ كنا قبل مفاصلة الترابي البشير، ننطلق اليه سائقين و"راقشين" وراجلين، الاعمى يحمل المكسر، نذهب زارفات ووحدانا لا لنصلي خلفه فحسب وإنما لنستمع إليه. وبفضل ألسنتنا المعجبة الناقلة وبعض اقلام الصحفيين، كان حديث عصام البشير يبقى لاسبوع بحاله حديثا في المدينة وللمدينة الى ان يستلمها حديث جديد في جمعة جديدة، واحدة تلو الاخرى. لم يكن عصام البشير حينها اماما في مسجد فقط، ولم يكن متحدثا لبقا فحسب، كان يجس نبضنا ويقيس درجة حرارتنا قبل ان يصعد المنبر فيوجه لسانا سليطا ضد الفساد السياسي والمالي والمحسوبية والانتهازية واللصوصية واللامبدأية. كان رافضا للاقصائية، داعيا للأخلاق الوفاقية، مناهضا التمكين والكنكشة وإفقار الطبقة الوسطى بقرارات الطرد من الوظيفة تحت دواعي "صالح عام" مفترى عليه، فكان يمثلنا ويعبر عنا ولسان حالنا. كان قوله سديدا يطفئ النار المشتعلة في دواخلنا. كنا ما بين الخطبتين نقولها ثلاث في سرنا: لهم يوم، لهم يوم، لهم يوم.. اللهم امنحنا الصبر حتى يجئ. وبالفعل جاء اليوم ولكن بما لا نشتهي، فها هو ذات الامام يغني في مسجد آل البشير بكافوري ويطرب اهل الانقاذ ويحرق حشانا. قضى غرضه بنا فنزل من المنبر واعتلى مقعد الوزارة وصمت عن نقد اخطبوط الفساد.
لا تَلُومَنَا على سذاجتنا المفرطة يا شقيق، فقد كنت انت حينها بعيد عنا. لم نغفل حقيقة ان عصام البشير مُنَظَّم في جماعة الاخوان المسلمين وكنا حينها نظن انهم على خلاف مبدأي مع الترابي، فاتضح لنا انه خلاف على السلطة ومخرجاتها وما تجره لهم من رغد العيش والسيطرة على افئدة وعقول العباد؛ على الاقل هذا ما اثبته لنا عصام. باع منزلا بملايين الدولارات لوزير لم يرع حقنا في مال الدولة والشعب فدعانا لأكل الكسرة الناشفة وأكل هو سحتا، واختزن مالا حراما ليشتري المنزل المليوني. ولولا محاولة الزوغان البائسة من السمسار، لكان الموضوع الذي دُفِنَ ليلا، قد تَرَكَ لنا "بَرَّه" شيئا آخرا خلافا لكراعه، ولكان للقول المأثور معنى يليق بالفعل الذي مد لسانه يغيظنا، وقبض كف يمناه يَحُك بها دائريا الكف الايسر بعد ان أفْرَدَه. هل تنتظر يا صاحبي ان يجيء رجل شريف ممتثل لابن أبي طالب فيقول "لو كان مثل ذاك الفِعل رجلا لأقمت عليه الحد، جلدا وقطعا وبترا من خلاف مع التعزيز والتغريب والرجم بالكلمات قبل الحجارة"؟ لقد جمع فِعل الوزيرين في جوفه كل الجرائم، فهو بين امام مسجد راعي المسلمين وبين أمين بيت مالهم. هكذا تكون دولة الشريعة غير المدغمسة وغيرها دولة قاطني كافوري الجدد ومن لف لفهم وباعهم واشترى منهم من ال غسان فأجازت له دولتهم التحلل ليمد لسانه لأمة المسلمين، بئس الفقه الذي ينتجه البشير ورهطه وتصمت عنه مساجد السودان. ولولا فطنة السمسار الذي لجأ للصحافة ناشرا الفضيحة لحماية نصيبه من صفقة حرام هو الوحيد الشريف بين أطرافها، لكان قد فاتنا مشهد تغطية عورة عقد بيع وشراء بين إمام مسجد يبث الظلام ويُطْلَق عليه مسخرة مسجد النور، ووزير مالية كان حتى وقت قريب يسلتف احتياجاته مثله مثل سائر الناس لولا انتمائه للإسلام السياسي الذي استوزره علينا فأصبح مليونيرا مثله مثل عصام البشير الذي اخذه ذات الاسلام السياسي مباشرة من مسجد العمارات للوزارة وقدم اليه مصاصة الفساد فلعقها باشتهاء وبشهوة مشهودة.
أبعد هذا نتحدث يا أخي عن ائمة المساجد من اهل الاسلام السياسي؟ هل تريد المزيد ام تنتظر هتاف الناس: الشعب يريد إغلاق المساجد؛ الشعب يريد إنزال السبابة؟
* تركت بعض الزمن يمر، عسى ان تتواصل رسائله فلم أرِدْ قطع استرساله، غير انه توقف. لم يراودني احساس بانه ينتظر تعليقا مني، وفي نفس الوقت لم يكن لدي ما اضيفه قولا مني على قوله. استمر صمت الرسائل بيننا الى ان فاجأني مرة اخرى وكأنه قرأ أفكاري، فكتب صديقي (دال): ارجو ان تعيد نشر المقال او على الاقل تلك الفقرات الثلاثة في مقال جديد. كما ارجو ان تمدني برابط المقال لتعميمه على الاصدقاء في قائمتي.
عصام: شكرا يا حبيب على اهتمامك، والمسألة لا تحتاج لمقال جديد. يكفي نشر رسائلنا التي تبادلناها. لم تعد تهمني الفقرات الثلاث وانما رسالتك الاخيرة والسابقة التي دفعتني لأنقب قي ارشيفي. كم انت رائع وحاضر. مرفق لك الرابط المطلوب:
http://www.sudanile.com/index.php/20.../56904-c13-2A2
دال: نعم، نعم.. نعم.
عصام: لا عليك، سأتدبر أمر اسمك.
دال: إذن، أنشر. فاصل لنواصل.. كما عودتنا إنهاء رسائلك.
*
[email protected]
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.