هكذا وفجاة هبط وزبر خارجية دولة جنوب السودان بنجامين برنابا الي الخرطوم وسكب علي الفور عبارات الاخوة والود الذي تكنه جوبا للخرطوم ،وقوله انه م لن يدخلوا حربا مع السودان ،وانهم شعب واحد في بلدين مختلفين الي اخر مثل هكذا تصريحات براقة،ربما قد لاتعكس مايجري علي ارض الواقع حقيقة لاسيما وان السودان وجوبا دخلا في مخاشنة لفظية واتهامات متبادلة مع اواخر العام المنصرم ،بلغت ذروتها بالتصريح الناري لمدير جهاز الامن والمخابرات السوداني الفريق اول محمد عطا عندما حذر جوبا من مغبة دعم وايواء الحركات المسلحة وهدد بملاحقتها في اي مكان ،الاتهام الذي كذبته جوبا وصدقه الواقع الفعلي المعاش . المهم برنابا اتي للخرطوم ونثر تصريحاته الدرر ،في ذات الوقت الذي يحتدم فيه القتال مع خصومهم ورفقاء الامس ،مع تواتر الحديث عن احتلال رياك مشار لمدينة الناصر مرة اخري ،واشتداد اوار الحرب يجعل سلفا المهجس بان الخرطوم تدعم مشار علي حسابه يبعث وزير خارجيته ربما لتحييدها في الصراع الدائر ،وقد يكون الثمن والمهر غاليا،ومن طلب الحسناء لم يغلها المهر . ولكن هل تجدي المسكنات في علاج ازمة الخرطوم مع جوبا ؟ام ان البتر والكي هما الانفع لمثل هذه الازمات؟ الخبير الاستراتيجي مصطفي حمدي قال ل(المستقلة)ان حاجز عدم الثقة هو اكبر عائق في سبيل تطور اي علاقة مثلي وبناءة بينهما ،ومهما سكبت انشاء العواطف والامنيات يبقي اثرها محدودا لايقوي امام اي ريح عاتية من الخلافات ،ويري ان جوبا لاتهرع الي الخرطوم الا اذا استحكمت حلقات الازمات عليها ومن منظور الخبير ان الحل يكمن في المكاشفة ووضع كل الكروت لاسيما الامنية منها علي مائدة الطرفين ،وتقديم تنازلات حقيقية ان رغب الطرفان في جوار امن وعلاقات ممتازة. صحيح ان وزير خارجية جوبا اكد في الخرطوم علي اهمية انفاذ اتفاقيات التعاون المشترك بين البلدين ،كما امن علي ضرورة عقد اللجنة الامنية المشتركة في منتصف يناير الحالي ،وصحيح ان وزير الخارجية علي كرتي اكد علي ذات المضامين في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع برنابا وقال :ان منهج حكومته هو العمل علي ما تم الاتفاق عليه مع وزير خارجيةدولة الجنوب والبحث عن وسيلة لحل الوسائل التي لم يتم التوصل لاتفاق عليها،وان الطرفان اتفقا علي دفع اللجنة الامنية المشتركة للاجتماع والتي منوط بها العمل علي حل المشاكل الامنية المختلفة ورسم الخط الصفري الذي يساعد في رسم المنطقة المنزوعة السلاح بين البلدين. الاان الصحيح بحسب المحلل السياسي شاكر عبدالغفار ان هذه المهام لن تفرخ في مناخ الشكوك والاتهامات المتبادلة ،مذكرا بعديد اللقاءات التي جمعت الطرفين من اعلي القمة الي ادناها ،وتكرار ذات الجمل والعبارات الدبلوماسية وما ان ينفض سامر تلك اللقاءات الا وتعود (ريمة لعادتها القديمة)ويبدا الطرفان في تبادل الاتهامات ويحتقن الموقف حتي يكاد يضع البلدين علي شفير الحرب .وليس بعيدا الاعتراف الذي نقلته الاخبار عن مني اركو مناوي قائد حركة تحرير السودان الذي كشف عن ترتيبات لتدريب عسكري مكثف لعدد من قادتها الميدانيين بمعسكرات تقع علي الحدود مع دولة الجنوب برعاية تامة من جوبا وكمبالا استعدادا لما وصفه بمرحلة جديدة ومتقدمة ستظهر نتائجها علي الميدان ضد الحكومة قريبا علي حد زعمه ،واشاد مسؤول شئونه الخارجية بالدعم اللوجستي الذي تقدمه لهم دولة الجنوب . لكن شاكر استملح ل(المستقلة)اهمية تعدد اللقاءات بينهما لجهة ان ذلك قد يفضي الي بناء ثقة معقول يمكن التاسيس عليه لعلاقة صحية وبناءة ،من واقع ان الطرفان محتاجان لاستقرار واطفاء اي بؤر صراع قد تعيق جهودهما في الالتفات الي تنمية دولتيهما ،وقال ان شعب الجنوب لم يهنا باستقلاله ،ويعيش اوضاعا ماساوية صعبة ونقص حاد في الغذاء ،والتنمية متعطلة ،وحله في جوار امن مع الخرطوم ،ويستطرد ذات الوضع تجابهه الخرطوم لاسيما بعد ذهاب الجنوب بنفطة والضائقة المعيشية التي يعاني منها السودانيين ،تستلزم من قيادته الاسراع في لملمة اي عوائق تشيع عدم الاستقرار بين البلدين . لكن السيد كرتي قال ان الاتهامات ستظل قائمة ما لم تعقد اللجنة الامنية المشتركة لاجتماعاتها لازالة هذا المشكل ،واضاف :ان معالجة هذه الامور يجب ان تتم في اطار التفاوض وليس عبر الاعلام. وكان سلفاكير قد بعث برسالة الي الرئيس البشير هناه فيها باعياد الاستقلال وبعث وزير خارجية دولة الجنوب ليمثله في مشاركة السودان احتفالاته بهذه المناسبة . [email protected]