في احد ايام أكتوبر من العام 2012 تم استدعاء عدد من الوزراء الى القصر الجمهوري على نحو عاجل لمقابلة الرئيس..جاء مبكرا الدكتور عابدين شريف وزير الدولة في الموارد البشرية وللرجل قصة مؤلمة مع المنصب الوزاري .. استقال شريف الخبير في التنمية البشرية من وظيفة مرموقة بالخليج ليصبح وزير دولة لبضعة اشهر..كذلك جاء لاهثا الاستاذ السموأل خلف الله..ثم توالى حضور الوزراء ..شكر الرئيس المجموعة على الخدمات التي اسدوها للوطن خلال فترة تكليفهم بالمنصب الوزاري .. كان قرار الإعفاء الجماعي استجابة لسياسة التقشف التي أعلنتها الحكومة ثم نكصت عنها لاحقا . من ذلك الاجتماع انصرف السمؤل خلف الله وزير الثقافة الى مكتبه السابق في دار أروقة للثقافة والفنون..عاد الشيخ السمؤل الى محراب الثقافة الذي ظل وفيا له منذ تكليفه في النصف الاول من الثمانينات بمنصب السكرتير الثقافي في اتحاد الطلاب السودانيين في مصر..كلما سمعت بتدشين كتاب اكتشفت ان السمؤل يقف من وراء الفكرة. لم يتركوا الرجل في سعة العمل بعيدا عن دواوين الحكومة..نثرت الحكومة كنانتها ولم تجد افضل من السمؤل القريش لتكليفه بهيكلة الإذاعة والتلفزيون في هيئة واحدة..قبل ان يصل السمؤل الى مكتبه كان المبنى يشهد عدد من الوقفات الاحتجاجية بسبب تأخر المستحقات المالية..لم يتعجل الرجل في إصدار القرارات وبدا بدراسة الملفات ..الأمر الأكثر إلحاحا بالنسبة له كان صرف حقوق العاملين المتراكمة بطرف الحكومة. صباح امس كان من المفترض ان حضر السمؤل خلف الله اجتماعا ترأسه النائب الاول بحضور وزير الدولة بالمالية ووزير الاعلام.. احتدم النقاش حول بعض الشئون المالية.. رفع السموأل صوته بجراءة فكان جزاؤه الطرد من الاجتماع ثم الإقالة من المنصب...نحو الثالثة ظهرا حملت وكالة ( سونا) قرارا بإعفاء السمؤل خلف الله القريش من منصب مدير عام هيئة الإذاعة والتلفزيون.. حينما بث النبأ السمؤال القريش بالنبا في مناسبة جامعة حضرها الرئيس.. لم يفعل الرجل شيئا غير ان إغلق هواتفه ثم انصرف.. الذين كانوا يتظاهرون ضد الإدارة السابقة في حوش الاذاعة والتلفزيون شق عليهم الخبر المفاجيء. لم اتعود في هذه الزاوية ذكر محاسن السياسيين بسبب قلتها وكثرة الساعين لهذا الشرف.. ولكن معرفتنا بالأستاذ السمؤال تجعلنا نحزن لإقالته ..السموأل مثال للمثقف الواعي بقضية الثقافة.. لم يكن متعصبا في طرح معتقداته الثقافية والسياسية ..كان دائماً قريبا من الناس.. تجده على منبر المسجد إماما راتبا.. في الأمسيات يغشى منتديات الثقافة ومجالس الإنس ..يتبسط بين العامة وبتواضع بين المتخصصين . بصراحة ..غياب السمؤل عن وزارة الثقافة في موسم الترضيات الجهوية كان خطا فادحا ..الإطاحة به الان من منصب مدير الإذاعة والتلفزيون مهما كانت المبررات سيظل خسارة لايمكن تعويضها..السمؤال مثقف منفتح نحو الآخر في عهد يحل فيه اتحاد الكتاب بجرة قلم. (التيار ). [email protected]