في مقالي السابق بعنوان (دقيقة حداد) تطرقت إلى التحديات التي تواجه المرأة السودانية في الوقت الذي يحتفل فيه العالم أجمع باليوم العالمي للمرأة، وتحدثت عن قصور واضح في قانوني الأحوال الشخصية، والنظام العام، وبعض مواد الدستور. الأستاذ عثمان العاقب المحامي أرسل لنا مداخلة في ذات الإطار (القوانين العرجاء) وجاءت رسالته متضامنة مع طرحنا حول ثقوب بعض المواد والتي تحمل ازدواجية في المعايير تحدث العاقب عن المادة 152 من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991وقال إن المادة تنص على أن (من يأتي في مكان عام فعلاً أو سلوكاً فاضحاً أو مخلاً بالآداب العامة أو يتزيا بزي فاضح أو مخل بالآداب العامة يسبب مضايقة للشعور العام يعاقب بالجلد بما لا يتجاوز أربعين جلدة أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً) وهذه المادة في الفقرة الثانية منها يعد الفعل مخلاً بالآداب العامة إذا كان كذلك في معيار الدين الذي يعتنقه الفاعل أو عرف البلد الذي يقع فيه الفعل. وفقاً لهذه المادة لم تحدد الفاعل سوى رجل أو امرأة إنما جاءت مطلقة فيمكن بموجبها محاكمة الرجل أو المرأة لكن للأسف انحصر تطبيقها على النساء فقط كما أنها لم تحدد معاني الزي الفاضح مما آثار حولها كثير من الأخطاء في الممارسةالعملية لأنها تعتمد على المعيار الشخصي البحت وبسببها قهرت كثير من النساء وجلدن وأحياناً يدفعن الغرامة مع الجلد لكن الأهم من ذلك بأن هذا القانون أجحف في جريمة الزنا أي المادة 146 والتي تقضي بعقوبة الجلد مائة جلدة أو الرجم للمحصن فالقصور يأتي في الإثبات وبالذات عندما يحدث حمل للفاعلة وتدل على الفاعل الذي مارس معها الزنا فيقوم القاضي باستجوابه وعند إنكار الفاعل يطلق سراحه ضارباً ببينة الفاعلة عرض الحائط وتتم إدانة المرأة ونحن نرى في هذه الحالة يجب أخذ الحمض النووي للجنين حتى تثبت الجريمة بالرجل الفاعل ومن ناحية أخرى فإن هذا الطفل وفقاً لقانون الأحوال الشخصية لا ينسب للأب ولا يرثه وفقاً لنص المادة 406 من القانون أعلاه أيضاً من ناحية الدستور الانتقالي فإنه جاء عاماً بلغة تشمل الرجل والمرأة وقد نص في المادة 15 الفقرة 2 تضطلع الدولة بحماية الأمومة ووقاية المرأة من الظلم وتعزيز المساواة بين الجنسين وتأكيد دور المرأة في الأسرة وتمكينها في الحياة العامة هذا ما ورد بالقانون والدستور لكن يظل السؤال الكبير هل المجتمع السوداني ملتزم بما جاء به في الدستور ووثيقة حقوق الإنسان التي ضمنها الدستور . انتهت رسالة المحامي العاقب وحقيقة إني وجدت أنه وحتى أهل الاختصاص من قانونيين يتفقون معنا في وجود ثغرات بالقانون وأنه شائه في مجمله. إن المرأة السودانية وهي تحتفل مع العالم أجمع باليوم العالمي للمرأة عليها أولاً أن تتثقف قانونياً حتى لاتنتزع منها حقوقها إن وجدت. *نقلا عن السوداني