تنص المادة 152 من القانون الجنائي على مايلي:-. – (1) من ياتي فى مكان عام فعلا او سلوكا فاضحا او مخلا بالآداب العامة او يتزيا بزي فاضح او مخل بالآداب العامة يسبب مضايقة للشعور العام يعاقب بالجلد بما لا يجاوز اربعين جلدة او بالغرامة او بالعقوبتين معاً . (2) يعد الفعل مخلا بالآداب العامة اذا كان ذلك فى معيار الدين الذي يعتنقه الفاعل او عرف البلد الذي يقع فيه الفعل . لا شك أن اللغة التى إستخدمتها المادة لتجريم الزى بزى فاضح هى لغة فضفافة عصية على التحديد مما يصعب معه التوصل لمعنى يمكن للجميع تبينه. فما أراه أنا زياً غير محتشم قد يراه شخص آخر غاية في الحشمة ،أو أنه حتى يفتقد مايلفت الإنتباه بشكل مخل بالذوق الجمالى .فى محاولة لتوضيح ما تعنيه المادة بالزي الفاضح أو المخل بالآداب العامة جاءت الفقرة الثانية منها بمعيارين الأول ان يكون مخلا بالآداب العامة في معيار الدين الذي يعتنقه الفاعل والثاني هو أن يكون كذلك في عرف البلد الذي يقع عليه الفعل و من شأن أياً من هذين المعيارين فى الواقع أن يضيف لغموض المادة بدلاً عن يوضح مقاصدها. دين الفاعل بالنسبة لمعيار الدين فمن المعلوم أن كل الأديان تدعو للإحتشام، ولكن مفهوم الإحتشام هو مفهوم متغير من حيث الزمان والمكان ولايعرف أى دين زى موحد(يونيفورم) يرتديه معتنقيه ولا نستثنى الدين الإسلامي من ذلك فبغض النظر عن أى جدل فقهي في الموضوع فالواضح أن الأزياء التي ترتديها النساء المسلمات تختلف بإختلاف فهمهن لتعاليم دينهن و بإختلاف اذواقهن،وعرف البلاد التي نشأن فيها.وها نحن نرى أزياء مختلفة ترتديها نساءً مسلمات لا يوجد سبب للطعن في دينهن .إذن مسألة الزى هذه بالنسبة للدين هى مسألة خلافية لا يجوز أن يُترك الفصل فيها للشرطة أو للقاضي فليس أياً منهما مختص بتحديد أحكام الأديان المختلفة الموجودة فى هذا البلد، وإنما هى مسالة تخص المتدين شخصياً والذي يحدد لنفسه مايفهمه من أوامر دينه في المسائل المختلف عليها ،ولا يجوز للقاضي أن ينصب من نفسه ممثلاً لله في الأرض يقرر ان هذا الزي مخالف للدين او متوافق معه .أضف إلى ذلك أن القاضي الذي يحكم في المسألة قد يكون مختلف فى الدين عن المتهم فمن أين له ان يقرر للمتهم أن دينه يعتبر هذا الزى أو ذاك زياً فاضحاً أو مناسباً؟!. وحتى لو قلنا أن عليه أن يقرر فى المسألة بعد سماع رأي المختصين من فقهاء الدين المعنى،فمن أين له ان يغلب رأياً على رأي في مسالة تتعلق بدين قد لا يكون هو نفسه مؤمن به؟ بل وما هى أهمية إقتناع القاضى برأى الفقيه أو الخبير ؟وهل يعتبر قرار القاضى فى هذه المسألة ملزماً لمعتنقى الدين الذى حدد لهم الزى المناسب على ذلك النحو؟ وهل سنحول القضاء إلى بيت للأزياء يحدد للأمة زياً موحداً لترتديه؟!. عرف البلد الذى وقع فيه الفعل وماقلناه عن الدين لا يختلف عن عرف البلد فمن يملك سلطة تحديد مايقبله عرف البلد وما يرفضه خاصةً وأن العرف فيما يتعلق بالملابس يتغير بتغير الأفهام والثقافة السائدة . ومن الذى يحدد عرف العاصمة مثلاً وهى تضم مجموعات من كل أهل السودان و يقول الدستور عنها فى المادة 152 تكون الخرطوم العاصمة القومية لجمهورية السودان, وتكون رمزاً للوحدة الوطنية وتعكس التنوع في البلاد.ويقول عن السودان كله أنه وطن متعدد الأعراف والأديان؟ ماذا يريد القانون من كل ذلك؟ما يجب أن يسعى إليه القانون هو منع الإخلال بالسلام العام عن طريق التعرى وليس الدخول فى تفاصيل الأزياء.لذلك فإن المسألة كلها يجب ان تقف عند الحد الأدنى الذى لا يجوز إبرازه من الجسم البشرى وهو العورة التى يؤذى إبرازها المشاعر العامة للجميع .هذا ما يتوجب فرض ستره بالقانون أما ما خلا ذلك فهي مسألة متروكة للأسر والقيادات الدينية لأنها مسألة تتصل بالتربية والتنشئة وليس بالقانون الاستاذ/ نبيل أديب عبدالله المحامي