رئيس الوزراء: نهضة مشروع الجزيرة من أولويات حكومة الأمل    ساعات حاسمة ..أرتال عسكرية تتحرك نحو طرابلس    صحة الخرطوم تدرب 30 كادراً طبياً عبر برنامج ال"ALSO" على الطوارئ التوليدية لإنقاذ حياة الأمهات والأطفال    علماء فلك يتوقعون توهجات شمسية هي الأقوى منذ بداية الصيف    شي من الجدية .. المليشيا تتصدع!    وزير الثروة الحيوانية: انطلاقة الخطة الاستراتيجية من نهر النيل بإنشاء مدينة للإنتاج الحيواني    اكتمال الترتيبات أداء القسم لحكومة تأسيس في نيالا    عودة محطة كهرباء بانت التحويلية للخدمة بعد انقطاع طويل    صلاح الأعلى تقييماً في لعبة "EA FC 26"    والي سنار يدشن توزيع مساعدات برنامج الغذاء العالمي بجميع المحليات    رئيس الوزراء: الطرق الصوفية من ممسكات الوحدة الوطنية    دبابيس ودالشريف    من صدمات يوم القيامة    بعثة فريق الوطنى رابطة السكه حديد كسلا يشرفون محلية أروما بحضورهم الأنيق والرائع    خيرها في غيرها..    الطاهر ساتي يكتب: الثغرة الكُبرى ..!!    المريخ السوداني يسميّ المدرب الجديد    حسين خوجلي يكتب: الأمة الشاهدة بين أشواق شوقي وأشواك نتنياهو    رئيس الوزراء السوداني في الجزيرة    اغتيال رئيس نادٍ في إسطنبول    شاهد بالصورة والفيديو.. رئيس مجلس السيادة "البرهان" يشارك المتدربين بالجيش الطابور الصباحي بالجري معهم والجمهور: (الكاهن قائد حقيقي حفظك الله وسدد خطاك)    شاهد بالفيديو.. الفنان قام بنشر المقطع على حسابه.. سيدة سودانية تفاجئ مطرب حفل بمدينة عطبرة وترمي عليه أموال طائلة من "النقطة"    شاهد بالفيديو.. جندي بالدعم السريع يقر ويعترف بالهزيمة أثناء مباشرته القتال وإصابته بمعارك بالفاشر: (نحنا انضربنا والله)    اعتقال سودانيين في النيجر    (ما مجنون لاكنو فدائي)    صحيفة إسبانية تصف قرعة ريال مدريد في دوري الأبطال ب"مجموعة الموت"    الجنيه السوداني ورحلة الهبوط القياسي    أطنان القمامة تهدد سكان الخرطوم الشرقي    "وجيدة".. حين يتحول الغناء إلى لوحة تشكيلية    فعاليات «مسرح البنات» في كمبالا حنين إلى الوطن ودعوة إلى السلام    رئيس الوزراء يلتقي أعضاء لجنة أمن ولاية الخرطوم ويشيد بالتنسيق المشترك بين الأجهزة الأمنية    قال لي هل تحكي قليلا من العربية؟    قرار جديد من الولايات المتحدة بشأن تأشيرات الطلاب والصحفيين    الغرب يستخدم "سلاح القمح" الأوكراني ضد الحكومة السودانية    اجتماع مهم بين بنك السودان المركزي والشركة السودانية للموارد المعدنية حول عائدات الذهب ودعم الاقتصاد الوطني    شاهد بالفيديو.. "بقى مسكين وهزيل".. ماما كوكي تسخر من الفنان شريف الفحيل بعد تعرضه لهجوم شرس وإساءات بالغة من صديقته التيكتوكر "جوجو"    روايات خاصة: حين تنساب الدموع    عثمان ميرغني يكتب: شركة كبرى.. سرية..    الشرطة تلقي القبض على أحد المتهمين بحادثة نهب أستاذة في أم درمان    ما حكم شراء حلوى مولد النبى فى ذكرى المولد الشريف؟    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    انتشال جثث 3 شقيقات سودانيات في البحر المتوسط خلال هجرة غير شرعية    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    (للخيانة العظمى وجوه متعددة ، أين إنت يا إبراهيم جابر)    الذهب السوداني تحوّل إلى "لعنة" على الشعب إذ أصبح وقودًا لإدامة الحرب بدلًا من إنعاش الاقتصاد الوطني    طفلة تكشف شبكة ابتزاز جنسي يقودها متهم بعد إيهام الضحايا بفرص عمل    اتهام طبيب بتسجيل 4500 فيديو سري لزميلاته في الحمامات    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    تطول المسافات لأهل الباطل عينا .. وتتلاشي لأهل ألحق يقينا    بوتين اقترح على ترامب لقاء زيلينسكي في موسكو    الموظف الأممي: قناعٌ على وجه الوطن    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصول الفونج


Fung Origins
جيمس ويلسون روبرتسون J. W. Robertson
ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
مقدمة: هذه ترجمة لبعض ما جاء في العدد السابع عشر من مجلة "السودان في مذكرات ومدونات Sudan Notes and Records " والصادر عام 1934م، عن أصول الفونج، بقلم الإداري البريطاني جيمس ويلسون روبرتسون (1899 – 1983م).
بدأ روبرتسون العمل في السودان برفاعة مساعدا لمفتش مركز النيل الأزرق وعمره 23 عاما، وانتقل بعد ذلك للعمل في القطينة والكاملين والدويم ثم الروصيرص (الفونج) والنهود، وعاد للعمل مفتشا للمركز في الدويم، ونائبا للحاكم في واد مدني، وختم فترة عمله في السودان متقاعدا من وظيفة السكرتير الإداري عام 1953م.
وخاض بعض المؤرخين الغربيين (مثل جيمس بروست و آركل وجي سبوليدنق مؤلف كتاب "العصر البطولي في سنار") في بحث أصول الفونج، وهو من الأمور الخلافية شديدة الالتباس والغموض، ربما لقلة المصادر التاريخية وتضاربها أو لأسباب أخرى. وهنالك أيضا من كتب من السودانيين في تاريخ الفونج مثل بروفيسور يوسف فضل في كتابه "تاريخ الممالك الإسلامية في السودان..." ومقاله المعنون "لمحات من تاريخ مديرية النيل الأزرق"، ودكتور جعفر ميرغني في عدة مقالات مبذولة في الشبكة العنكبوتية، وهنالك أيضا كتيب من إصدار إدارة التخطيط والبحوث بوزارة الثقافة والإعلام في ولاية سنار بعنوان "قراءة في تاريخ الفونج"، وتناولت كثير من المواقع الإسفيرية ذات الموضوع، منها:
http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sd...&func=flatview
http://www.singacity.net/vb/showthread.php?t=3864
ولخصت موسوعة الويكيبيديا أصول الفونج في هذه الجملة: "اختلف الباحثون كثيراً في تحديد أصل الفونج. وقد أدرج بعض علماء اللغات المقارنة والآثار، نظرية أصل الفونج التي ترجع إلى منطقة الشلك على النيل الأبيض وهم من المجموعة النيلية بالسودان وتحديداً الأصول القديمة للشلك، وهناك احتمال آخر ينسبهم إلى بلاد برنو في غرب أفريقيا ، فيما ترجعهم نظريات أخرى إلى الأصل الحبشي . أما عن الروايات السودانية التي نشرها بعض المؤرخين وتداولها الأهالي أنفسهم فإنها تجمع على أن الفونج مجموعة من سلالة بني أمية التي هربت من قيد الدولة العباسية بعد سقوط دولتهم واتجهت نحو بلاد السودان عن طريق الحبشة".
المترجم
****** *********** ***************
أشار السيد آركل ((A. J. Arkell في مقاله عن أصول الفونج، والمنشور في هذه المجلة (أي "السودان في مذكرات ومدونات") في عام 1932م إلى تعيين الشيخ محمد إدريس رجب ناظرا على قولي Gule. وقد كنت أنا شخصيا من ضمن الذين شهدوا الاحتفال بتنصيب ذلك الناظر بقولي في ديسمبر من عام 1931م. وشيخ محمد هذا هو سليل عائلة حكمت مملكة الفونج، وكان هو أحد الأحفاد المباشرين لمحمد أبو لكيلك، والذين فر حفيده من سنار ولجأ إلى قولي عقب سيطرة الجيش المصري – التركي على سنار في عام 1820م (لعل الصحيح هو 13/6/ 1821م حين استسلم بادي السادس للجيش المصري- التركي الغازي، والذي عينه بعد ذلك شيخا على سنار ليجمع الضرائب ويسلمها للإدارة المصرية - التركية. المترجم).
ويتزعم شيخ محمد الآن نظارة دار الفونج، ويبغض أن ينسب إلى الهمج. ولعل في هذا ما يفسر ما صعب على السيد آركل فهمه عن همج قولي وناظرهم (كتب الأستاذ أحمد عبد الله حنقة عن "الهمج" ما نصه: "يميل كثير من المؤرخين الى ترجيح الرواية التي تقول إن أصل الهمج يعود إلى مملكة سوبا المسيحية، وهى المملكة التي قضى عليها تحالف عمارة دنقس زعيم الفونج وعبد الله جماع زعيم عرب القواسمة (العبدلاب)، وكان القضاء عليها أمثولة دخلت الأدب السوداني الشعبي باسم "خراب سوبا" كنموذج للخراب الشامل. وتمضي الرواية إلى القول بأن الكثير من سكان هذه المملكة المنكوبة قد هربوا إلى جبال الفونج المنيعة للاحتماء بها، وصار سكان مملكة الفونج الناشئة يطلقون عليهم اسم (الهمج) على سبيل الزراية..." المترجم).
ولما قبلت – إنابة عن الحكومة- بتعيين شيخ محمد، أجلسته على كرسي عادي من الخشب، من النوع الذي تراه في أي متجر صغير، وليس على "ككر" (الككر مقعد له ستة أرجل وسطح محدب، وله رمزية مهمة لسلطان سنار تعادل أهمية الصولجان للملك، إذ لا يجلس على الككر إلا ملك سنار، بينما يجلس بقية ملوك المناطق التابعة لها وكبار شيوخ الصوفية عند تنصيبهم على "ككر" له أربعة أرجل. وينسب البروفيسور الأمين أبو منقة كلمة الككر للنوبة. المترجم). ووضعت فوق ذلك الكرسي الخشبي قطعة من قماش ووسادة صغيرة. ثم أقبل الأهالي على الناظر واحدا بعد الآخر، وهم يحيونه ك "مانجل"، وقبل بعضهم يده. وفي أثناء تلك الاحتفالية، وقفت ثلة من الرجال تقرع الطبول من دون توقف. ولم تطلق رصاصة واحدة في ذلك الاحتفال، كما لم يكن هنالك أي أثر للخيول في قولي (أو على الأقل لم أر أي حصان بنفسي يومها).
وكنت قد سألت قبل فترة قصيرة المك حسن عن سبب إعطائه صورة مبالغة فيها للسيد آركل (عن حفل التنصيب)، فأجاب بأنه لم يصف لآركل ما حدث فعلا، بل ما كان ينبغي أن يحدث إن تم حفل التنصيب بحسب التقاليد والعادات القديمة. وبذا فإن شيخ محمد لم يكن قد صمت لمدة أربعين يوما (كما تقضي العادة الشائعة في منطقة الروصيرص، والتي كان يمارسها همج تلك المنطقة وفي فازوغلي حتى وقت قريب).
وتأكدت من معلوماتي حول الككر بسؤال المك نايل مك كيلي عما إذا كان الككر قد أخذ فعلا إلى قولي، فنفى المك حدوث ذلك. ولم يكن للهمج في كيلي ككر، فقد كان الككر هناك للمك نايل، والذي أخبرني بأن ذلك الككر ظل ينتقل من الآباء للأبناء في عائلته منذ أن تلقوه من ملوك سنار.
وليس لي من تعليق أساهم به في مسألة أصل الفونج كما طرحها السيد آركل والسيد ايفانز – بريتشارد غير تعليق قصير قد لا يخلو من سلبية. ففي ظني أن كل تراث سكان جنوب الفونج هو في الواقع تراث سناري. فليس في المنطقة مبلغ علمي أي تراث آخر أتى مباشرة من منطقة النيل الأبيض، أو من منطقة جنوب الفونج مع المهاجرين من الحبشة لسنار. فكل ما لدينا من دلائل تشير إلى تقاليد وتراث المنطقة كان كله مأخوذا بالكامل من سنار.
ولم يتوغل الفونج بفعالية، بحسب علمي، في منطقة الجنوب حتى تم لهم الاستقرار في سنار. ويقول الملوك الحاليون لفازوغلي وكيلي بأن جدودهم (الماية Mayas والجوابر Gabir) أتوا من سنار. وقال لي أحدهم: "لقد كانا إخوة، وانتصرا معا على قبائل البرتا التي تسكن التلال حتى وصلا السهول الحبشية، وبعد انتصارهما تقاسما ما حازا عليه من أراضي".
وأنا أرى أن جداول (أو شجرة) أنساب هؤلاء الملوك، وكما يزعمونها هم أنفسهم، متنافرة غير مترابطة ويصعب تصديق احتمال صحتها. فشجرة النسب التي رسمها ايفانز – بريتشارد لملوك كيلي تجعل المك الحالي يقع في الترتيب السادس من المك الأول من الماية. وتضع شجرة نسب الفونج في فازوغلي التي وضعها نادلر المك حسين حسن على بعد أربعة أجيال فقط من جابر، والذي من المفترض أنه أتى من سنار. وهذا ما جعلني أخلص أن شجر الأنساب تلك لا قيمة لها البتة.
لا شك أن الشعور العام في هذه المنطقة هو أن أسلاف ملوك فازوغلي وكيلي وقوبا؟ (Gubba) وبني شنقول كانوا قد أتوا جميعا للجنوب من سنار، وأنهم انتصروا على سكان المنطقة المحليين واستقروا في أوساطهم. وكان هؤلاء عمليا مستقلين عن ملوك فونج سنار والذين لم يكونوا يتدخلون في شئونهم فيما يبدو. ولا شك في أنهم عاشوا في هذا الجزء من العالم لحوالي قرنين أو ثلاثة. ولا مشاحة كذلك في أن تاريخ المنطقة، كما سطره بعض المؤرخين، مشوش يسوده الخلط والالتباس. ويجب أن نتذكر دوما بأن حكام قولي ليسوا من الفونج، ولكنهم من أسلاف محمد أبو لكيلك. ويشيع البعض بأن لمحمد أبو لكيلك أصلا جعليا وجموعيا ووالدته من همج الدالي. وفي عام 1754م قاد الرجل فرسان الفونج في حربهم ضد الأحباش، وفي عام 1760م أغار على سنار من كردفان واستولى على السلطة وعزل ملك الفونج من عرشه. ولما جاء المصريون في عام 1820م فر حفيده إدريس عدلان جنوبا للمنطقة التي يسكنها أهل والدته (الهمج) واستقر في قولي.
ويبدو أن نفوذ تراث الفونج في مناطق قولي قد بدأ فعليا بقدوم "ناس عدلان" إليها. وأخبرني مك قولي (وهو رجل سبعيني من الهمج) بأنه قبل وصول الشيوخ لجبال قولي، كان على قيادة كل جبل مكا مستقلا بنفسه، ويدفع بين كل حين وآخر جزية لسنار. وأراني ذلك المك بعض طبوله الخاصة (نحاسه) والتي أكد لي أنها أعطيت له قبل وقت طويل من صول الشيوخ لقولي. ولكان ذلك المك ككر خاص، غير أنه حطم بعد غزو أحمد فضيل لمنطقة قولي عند نهاية عهد المهدية (مما ذكر في موسوعة الويكيبيديا عن الفونج في عهد المهدية الآتي: " في عهد الخليفة عبد الله التعايشي وعند اضمحلال حكمه وإبان المجاعة والمطامع الخارجية حاول تور الجودي (حاكم بني شنقول) الانفصال بتلك المنطقة وذلك بعصيانه للخليفة عبد الله التعايشي وعدم دفع الضرائب والرسوم الحكومية التي كانت مقررة من قبل – ولضعف نفوذ سلطات الخليفة قام بإهداء نصف المنطقة وما فيها من تور الجودي لصديقه الملك الحبشي منيلك (عقابا) لتور الجودي، ورداً لجميل سبق أن قدمه له وكان عبارة عن هدايا اقتصادية وعتاد حربي يتمثل في عدد كبير من الحصين لمواجهة ذلك الخطر الخارجي. وفيما بعد أصبحت المنطقة التي أهديت لا حبشية ولا سودانية إذا اعطى فيها منليك صلاحية الحكم بعد تور الجودي وفي شكل نظام شبيه بنظام النظار والعمد للملكة آمنة وأخيها وأصبحت من الجانب الحبشي، أما عن الجانب السوداني كان يحكم الملك ود الجاز(خوجلي ود الحسن شقيق الملكة آمنة)" . المترجم).
وإن كان ما سبق ذكره يثبت شيئا، فهو يثبت أن الفونج لم يسيطروا فعليا على تلك المنطقة إلا بعد أن سقطت سلطنتهم.
وخلال سنوات العهد التركي عينت الحكومة شيوخ قولي كجامعي ضرائب وزعماء محليين في المناطق الممتدة من قولي إلى الجنوب، بمناطق الكرمك واولو (Ulu) والسلك (ٍSillak) والبرنو (the barnus) وحتى إلى فداسي.
إن وصف مارنو لسكان اولو بأنهم خليط من الهمج والفونج هو في نظري الوصف الصحيح لعائلة عدلان، فنصف دمائهم أتت من الهمج، وهم يعرفون أيضا بأنهم من الفونج.
لا شك أن هنالك بعض التأثيرات النيلية على لغة المابان (Maban)، وإلى درجة أقل في المناطق جنوب الكرمك. ولعل هؤلاء الناس كانوا قد هجروا بلادهم في الجنوب بسبب الضغوط التي مارسها عليهم النوير.
وأعتقد – خلافا لايفانز –ريتشارد- أن ليس للفونج أصلا شلكاويا. صحيح أن الشلك ربما يكونوا قد غزوا الأراضي التي تعرف الآن بدار فونج، ولكن يجب تذكر أن الفونج أنفسهم لم يحلوا بما يسمى "دار فونج" حتى نهايات عهد سلطنتهم، وربما عقب سقوط عاصمتهم سنار.
وربما يكون صحيحا أن سنار قد غزت فازوغلي وقوبا وكيلي والممالك الأخرى، وبسطت عليها سيطرتها، تحت راية الخديوي. وربما سمح لبعض الحكام المحليين (كما في حالة البرتا) بإدارة شئون مواطنيهم المحليين. غير أني لاحظت أن هنالك وشائج وعلاقات دم بين المكوك في هذه المنطقة. فمك حسن في سنجة والمك حسين في فازوغلي والمك حمدان أبو شوك في قوبا قد يكونون في الواقع أقرباء كالإخوان.
وكل ما أريد قوله هنا أنه لم يكن للفونج نفوذ يذكر في المناطق الجنوبية ل "دار فونج" إلا مؤخرا. وربما كان الفونج أنفسهم يقومون بغزو تلك المناطق الجنوبية طلبا للذهب والرقيق. ولعلهم تركوا الهمج في جبالهم، ولم تظهر "دار فونج" كما نعرفها إلا في بدايات القرن العشرين عندما تحالف الفونج مع الهمج.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.