:: وظل الشاب الباحث عن العمل يتردد على المدير العام كل يوم حسب الموعد، ويخرج بلا توظيف..فإستاء ذات يوم، وسأله : ( ياخ إنت عايزني إجيك كل يوم؟)، فرد عليه المدير العام بمنتهى اللامبالاة : ( وفيها شنو يعني؟، أنا مش ما قاعد إجي كل يوم؟)..وهكذا تقريباً العلاقة ما بين آمال الناس و سياسات الدولة .. فالخبر اليوم، السيد وزير العدل يصدر قراراً بتشكيل لجنة - برئاسة بابكر أحمد قشى المستشار العام للوزارة - لوضع مسودة قانون مفوضية مكافحة الفساد .. على أن ترفع اللجنة تقريرها - مع مسودة القانون - خلال أسبوعين من بداية العمل ..!! :: ذاك خبر اليوم، ولكنه ( مكرر).. أي قبل خمس سنوات تم تشكيل لجنة لذات المهمة، ونفذت مهمتها وأعدت ذات المسودة المطلوبة اليوم ..( هذا القانون يسمى بقانون المفوضية القومية لمكافحة الفساد، لسنة 2011، ويعمل به تاريخ التوقيع عليه، ويعرف الفساد بأنه هو استعمال الوظيفة الحكومية أو المنصب أو السلطة للمنفعة الخاصة، سواءا كان بمخالفة القانون أو إستغلاله أو عن طريق الرشوة أو الإبتزاز أوإستغلال النفوذ أو المحسوبية أو الغش أو تقديم إكراميات للتعجيل بالخدمات أو الإختلاس أو إساءة استعمال المال أو النفوذ في في عدم اتباع النظم والقواعد والأساليب مقابل مال أو خدمات أو الإخلال بالمصلحة العامة لإكتساب امتيازات شخصية)، هكذا إفتتاحية المسودة التي تم إعداها قبل خمس سنوات، و المطلوب إعدادها اليوم أيضا..!! :: أعدتها لجنة عليا بأمر ذات الحكومة التي لم تتغير، ثم سلمتها لجامعة الخرطوم التي شكلت لجنة خبراء وعلماء لإبداء الملاحظات والتنقيح وأعادة الصياغة، بحيث يصبح النص نصا قانونيا، شكلا وروحا..وأكملت لجنة جامعة الخرطوم مهامها، ثم سلمتها لتلك اللجنة العليا..ولكن قبل تذهب به اللجنة العليا إلى وزارة العدل ثم البرلمان ثم رئاسة الجمهورية للتوقيع عليه، رأت الحكومة ذاتها عدم جدوى المفوضية، وصرفت عنها النظر، فأصبحت مسودة القانون مجرد وريقات غير صالحة لمكافحة الفساد، أو كما أرادت بعض مراكز القوى التي رفضت ( فكرة المفوضية)..!! :: وعلى سبيل مثال النصوص، ( تعمل المفوضية لتحقيق الكشف عن مواطن الفساد ومكافحته ومنعه في جميع أشكاله وصوره، لترسيخ مبدأ الشفافية والنزاهة في العمليات الإقتصادية والمالية،و توفير مبادئ المساواة وتكافؤ الرفص والعدالة، وضمان حق أفراد المجتمع وتمكينهم من الحصول على المعلومات والوصول بها الي السلطات)..تلك أهداف مسودة قانون المفوضية (الملغية بالأمس) و (المطلوبة اليوم)....أما سلطات المفوضية، لقد كانت واسعة حسب المسودة ( الملغية والمطلوبة) ، منها : دراسة وتقييم التقارير الصادرة عن المنظمات المحلية والاقليمية والدولية المتعلقة بمكافحة الفساد والاطلاع على وضع الدولة فيها واتخاذ الاجراءات المناسبة حيالها..!! :: ثم هناك سلطات الملاحقة وحجز الأموال والمنع من السفر والتنسيق مع وسائل الاعلام، وفسخ أي عقد تكون الدولة طرفا فيه في حال تبين أنها مخالفة احكام القوانين.. وعلى الرغم من الأحكام المنظمة للحصانات، تخضع الفئات المذكورة أدناه لأحكام قانون المفوضية، وهم : ( رئيس الجمهورية ونوابه ومساعدوه ومستشاروه والعاملون بالمؤسسات التابعة لرئاسة الجمهورية، أعضاء البرلمان ومجالس الولايات، الوزراء الاتحاديون ووزراء الدولة والولاة والوزراء الولائيون، أعضاء السلطة القضائية والمستشارون بوزارة العدل، العاملون بالوحدات العسكرية بمختلف درجاتهم ورتبهم، رؤوساء واعضاء ومديرين الهيئات والمؤسسات والبنوك).. المهم.. أكثر من (15 صفحة)، معدة ومطبوعة - منذ خمس سنوات - بواسطة خبراء القانون بجامعة الخرطوم، وكل ذلك كان بأمر وعلم الحكومة (دي ذاااتها).. ومع ذلك، خبر اليوم عن لجنة أخرى ..!! [email protected]