كنت وقتها في العام 1989م أعمل مديرا بشركة طيران الخليج بالعاصمة اليمنية صنعاء قبل وحدتها مع عدن عاصمة اليمن الجنوبية آنذاك ، منتدباً لها من رئاسة الشركة بالبحرين ، وحينذاك لم تكن هناك خطوط طيران في دول الخليج عدا الكويتية وطيران الخليج ، وقد كانت طيران الخليج تمتلكها دول الخليج الأربعة كشراكة مقسمة بالتساوي بينها وهي البحرين – قطر – دولة الإمارات العربية - وسلطنة عمان ، ثم قامت شركات طيران عديدة بتلك الدول في حقبة التسعينات من القرن الماضي ، ماحدا بها ببيع إسهمها في طيران الخليج لمملكة البحرين . وفي اول إجازة لي بالسودان ، وفي نفس يوم عودتي إلي صنعاء كانت إذاعة هنا أم درمان تعلن عن رحيل الفنان عثمان الشفيع في إحدي أيام شهر اغسطس من العام 1989م . فظللت وأنا في طريقي الي مطار الخرطوم للمغادرة الي صنعاء أستعيد شريط الذكريات لسنوات دراستي بودمدني الثانوية ( 1966 – 1970م ) حيث تربطني تلك السنوات بذكريات وبتفاصيل زماننا مع ابناء المدرسة في جميع مراحلها بأدائي لغناء الفنان عثمان الشفيع عليه الرحمة مع فرقة الموسيقي بالمدرسة التي يقودها العم ( محمد مليجي ) صول الموسيقي بها وهو عازف كمان ماهر . وقد أطلت ذكري رحيل الشفيع السادسة والعشرين الآن . فظللت أردد في سري وانا بداخل الطائرة اليمنية أغنيته الجميلة جداً ( ايامنا ) وأستعيد بها ذكريات لن تنمحي من الخاطرة مطلقاً ، فقد كانت تلك الذكريات صادقة وجميلة فعلا لا قولا . وأغنية أيامنا ، كتبها الشاعر الراحل الذي كتب لمعظم فناني جيل الرواد أغنياتهم ، وهو عبدالمنعم عبدالحي الذي هاجر ألي القاهرة وقد كان طفلا ليعيش في كنف شقيقه الأكبر هناك ، وترعرع فيها ومات فيها بعد أن عمل طويلا في الجيش المصري ، وتزوج من مصر واستشهد له ضابطان في القوات المسلحة المصرية إبان حربي 1967م ( النكسة ) و1973م ( العبور ) . كان الموسيقار الراحل برعي محمد دفع الله يعمل في منتصف خمسينات القرن الماضي فني لاسلكي بسفارة السودان بالقاهرة منتدبا من مصلحة المواصلات السلكية واللاسلكية ، فأعطاه الشاعر عبدالمنعم عبد الحي نص أغنية ( ايامنا ) وأغنية ( جمال دنيانا ) ، فأهدي برعي الأولي لعثمان الشفيع والثانية لإبراهيم عوض عليهم الرحمة جميعاً . وفي الحلقة الأخيرة من برنامج صديقنا الكبير السر قدور ( اغاني وأغاني ) في نسختها العاشرة ، أطربتني جدا الفنانة الشابة ( مكارم بشير ) وهي تردد في الحلقة أغنية ( أيامنا ) .... وقد أجادتها تماماً ، وربما كان تاثير الأغنية علي خواطري كبيرا بسبب عشقنا في عهد الطلب المدرسي لغناء عثمان الشفيع الذي كان سائدا بقوة في الساحة الفنية عقب اصابته في الحادث المروري في عام 1966م وهو في طريقه الي مسقط راسه شندي ، مما ادي لبتر يده اليسري ، حيث أرسله الراحل الزعيم الأزهري رئيس مجلس السيادة آنذاك إلي لندن لإستكمال العلاج وتكريب طرف صناعي له . وها أنذا أستعيد ذكريات ذلك الزمان الخصيب ، وقد كانت اغنية ( أيامنا ) تحمل من المضامين ما يجعلنا نستعيد كل ذكريات الأيام الخوالي ( يا النسيت ايامنا ) . وإلي اللقاء ،،،، [email protected]