كثيراً ما يخاطبنا بعض القراء طالبين منا الكتابة عن أمور أخرى أكثر الحاحاً من كرة القدم في هذا التوقيت بإعتبار أن الكرة لهو ولعب في نظرهم. لكننا نكتب حول الكرة حتى لا تصبح ملهاة كاملة الدسم. فهناك من يحاولون توظيف كرة القدم التي تعشقها الملايين من السودانيين لملهاة تنسي أبناء شعبنا كل قضاياهم الملحة. ولهذا نحاول أن نكون لهم بمثابة ( شوكة الحوت) لنذكر دوماً بأن الرياضة مهمة للغاية من أجل عقول سليمة، لكنها لا يفترض أن تتحول إلى الملهاة والمخدر الذي يريدون. طالعوا خبراً نشرته الصحف بالأمس عن رغبة اتحاد الكرة السوداني في تنظيم احتفال كبير لتكريم الهلال والمريخ لبلوغهما نصف نهائي البطولة الأفريقية. أورد الخبر أيضاً أن الاحتفال الذي يشرفه نائب الأول سوف يشهد تكريم رئيسي الناديين ( الدكتور جمال الوالي) و( الدكتور أشرف الكاردينال). لا أجد تفسيراً لفكرة الاحتفال الضخم المتوقع سوى أنها محاولة من اتحاد الكرة للانضمام لجماعة التخدير وإيهام جماهير الكرة بأن كل شيء يسير على ما يرام وفتح بنود صرف غير محسوبة. إذ ليس هناك ما يستحق التكريم. فلا الهلال ولا المريخ ظفر بالكأس الأفريقية حتى تقام لهما الاحتفالات. المرحلة التي بلغها الفريقان أكثر من عادية، بل الواقع يقول أن الفريقين أضاعا فرصة لن تتكرر قريباً. فكل الأندية ذات الوزن الثقيل لم تشارك في نسخة هذا العام من البطولة باستثناء مازيمبي. وما زيمبي نفسه وافد جديد نسبياً على هذه البطولة. الهلال تحديداً لعب المباراة النهائية في كأس أفريقيا مرتين. إن كنت تجهلون هذه الحقيقية يا مسئولي اتحاد الكرة فها نحن نطلعكم عليها. وشارك الهلال في المرحلة التي خرج منها هذا العام أكثر من مرة. فما الجديد الذي يستحق عليه التكريم. صحيح أن المريخ بلغ هذه المرحلة لأول مرة في تاريخه. ولا يشكك إلا مكابر في أن الأحمر قدم مباريات جيدة خلال الأدوار السابقة من البطولة. لكن هل يكفي ذلك لإقامة الاحتفالات، إلا إذا كانوا يريدون أن يلهوا الناس حقيقة؟! ثم كيف يقول خبر صادر عن اتحاد الكرة الذي يفترض أنه مؤسسة كبيرة ومحترمة ( الدكتور جمال الوالي والدكتور أشرف الكاردينال). إن أضيف لقب ( دكتور) الشرفي لأي من رئيسي الناديين بواسطة كاتب أو مشجع يكتب خواطره لتفهمنا ذلك. أما أن يصدر ذلك من مؤسسة مثل اتحاد الكرة فهو ما يدعو للاستغراب. فالألقاب الشرفية لا تُكتب أمام أسماء أصحابها في الأخبار الرسمية، وإلا فما الفرق بين من جدوا واجتهدوا وسهروا الليالي وتغربوا عن عائلاتهم من أجل نيل هذه الألقاب العلمية الرفيعة وبين من تُمنح لهم دون أي مبررات سوى النفاق والمداهنة. دعوتكم يا عديمي ( الشغلة) في اتحاد الكرة لمسئولي الاتحادات الإقليمية لحضور الاحتفال المتوقع ستكون جد مخجلة. فالكثير من بلدان المنطقة قد لا تنتظم فيها احتفالات رسمية إن ظفر أحد أنديتها بلقب البطولة نفسه، دعك عنك بلوغ نصف النهائي. بدلاً من أضاعة الوقت فيما لا يجدي ولا ينفع كان الأحرى بكم أن تبذلوا جهوداً جادة من أجل تصحيح أوضاع اتحادكم المائلة التي تلعب دوراً كبيراً فيما نشاهده من عك وفوضى في ملاعبنا. عوضاً عن اهدار الوقت والمال في مثل هذه الاحتفالات مدفوعة الثمن كان عليكم أن تناشدوا إعلامنا الرياضي وتسعوا لزيادة الوعي وسط جماهير الناديين قبل خروجهما، حتى يتم دعمهما دعماً حقيقياً لبلوغ المباراة النهائية. متفرقات إن أصر رئيس الهلال على موقفه بالإبقاء على الكوكي كمدرب للفريق يكون بذلك اتخذ أصح القرارات وأنفعها لناديه. فلا يعقل أن يتعاقد النادي كل أربعة أو خمسة أشهر مع مدرب جديد. والمطالبون بتغيير الكوكي باعتباره المتسبب الوحيد في خروج الهلال من نصف النهائي عليهم بالإشارة لرئيس الهلال على أي مدرب بلا أخطاء إن كانوا يعرفون واحداً من هذا النوع. فليس هناك مدرباً لا يخطي في بعض القرارات. لكن هل قامت كل الأطراف الأخرى بأدورها كاملة، ولم يخطيء أي طرف آخر سوى الكوكي قبل مباراتي نصف النهائي؟! لاعبونا يخطئون في أبجديات الكرة ونهلل لهم رغماً عن ذلك، وحين تأتي الهزائم نبحث عن شماعة المدرب! هذا ظلم بائن. وتخلف في أساليب التفكير. الكوكي الذي تطالبون باقالته لم يجد الدعم الكافي من إعلامنا وبعض إداريينا وحتى جماهيرنا. فعندما تهلل الصحافة للاعب لمجرد أنه سجل هدفاً وتفرد له المانشيتات على مدى أيام وربما أسابيع فهي بذلك تقف حائلاً أمام محاولات أي مدرب لتطوير مثل هذا اللاعب لأنه سيظن انه بلغ الثريا. كما يضغطون بذلك على المدرب الذي قد يجد صعوبة كبيرة في ترك اللاعب المعني في دكة البدلاء لأن بعض الجماهير قد لا تصبر عليه في مثل هذه الحالات. قرار رئيس الهلال ( لاحظوا لم أقل مجلس الهلال لأنه لا يوجد مجلس في الهلال بل مجموعة أفراد جاءوا للمجلس لكي ينفذوا رغبات الرئيس) صحيح مائة بالمائة. وليت رئيس الهلال يتبع هذا القرار بقرارات أكثر جدية في تصحيح الأوضاع التي أعاقت عمل المدرب. فرض الانضباط .. وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.. تعيين معالج نفسي مؤهل وكف.. انتهاج المؤسسية.. ابعاد كل من تلاعب بمصالح النادي من أجل منافع شخصية زائلة.. كلها أمور تستحق وقفة جادة من رئيس الهلال إن أراد أن يستفيد من عثرة الخروج من البطولة الأفريقية من أجل انطلاقة حقيقية. لم يمر الكثير على فترة الرئيس الجديد في النادي. وبالطبع لسنا ممن يطالبون باستقالته أو ازاحته عن منصبه طالما أنه جاء عبر جمعية عمومية رغم اقتناعنا بسوء الممارسة الديمقراطية التي تأتي برؤساء الأندية عندنا. لابد أن يكمل الرئيس دورته. لكن إن أكملها بدون تصحيح الأوضاع فسوف يكون محلنا سراً كبيراً ولن يتغير شيء طوال السنوات الثلاث القادمة. ليس بالمنشآت وحدها تُصنع فرق الكرة. وإن شيد الكاردينال عشر جواهر زرقاء وفشل في صناعة فريق كرة قدم حقيقي فكأنك يا أبا زيد ما غزيت. نتفق حول المعينات من ملاعب وتجهيزات، لكنها ليست المشكلة الملحة في الهلال حالياً. فالملح أكثر هو انهاء الفوضى والتعامل باحترافية أكثر وابعاد المتكسبين من اسم هذا النادي ممن لا يملكون شيئاً يقدمونه سوى زيادة أرصدتهم المصرفية. لعبة المصالح في الهلال جد كبيرة وهذا أمر يفترض أن يعترف به رئيس النادي بلا مكابرة. فعندما أثير أمر التعاقد مع المدرب ميشو في وقت سابق كان هناك عضواً فاعلاً يتآمر مع أطراف خارج المجلس من أجل جلب ميشو لا لشيء سوى الحصول على عمولة كبيرة. فكيف تريدوننا أن نكف عن الخوض في مثل هذه الأمور ونتفرغ للجوانب الفنية فقط! جميل أيضاً أن يؤكد رئيس الهلال على عزمهم الاعتماد على اللاعبين الصغار. فقد شاهدنا أكثر من نجم واعد في الهلال. هم فقط يحتاجون لإدارة رشيدة وإعلام عاقل وهادئ. وبإمكان الكوكي أن يصقل مهاراتهم لو جد البيئة المناسبة. وليتكم أيضاً تكفوا عن الوعود حول المحترفين الأجانب الكبار يا رئيس الهلال. فقد سئمنا الفشل في مثل هذه الملفات. وفي كل مرة تُطلق الوعود بمحترفين من العيار الثقيل لنرى واقعاً مخالفاً تماماً. يكفينا جداً وليد وأطهر والثعلب وبقية رفاقهم شريطة أن يجدوا ومدربهم الدعم اللازم. ولا يمكن أن تدعموا هؤلاء الصغار ومدربهم وأنتم تحتضنون من يحاربونهم. هذا موقف غريب ومحير ويحتاج لحسم سريع إن كانت هناك جدية في الاستفادة من أخطاء الفترة الماضية. أستغرب كثيراً لتصرفات مجلس المريخ وبعض النافذين في هذا النادي. فهؤلاء القوم يسجلون ويتعاقدون مع لاعبين ومدربين دار حولهم الكثير من اللغط وبعد أن تقع الفأس في الرأس أراهم يلطمون الخدود ويشقون الجيوب. تعاقد المريخ مع هيثم وكانوا يعرفون طبيعة شخصيته ونوعية مشاكله في الهلال.. وضموا تراوري الذي أكثر من الدلال والافتراء فتخلص منه الهلال.. ودفعوا لبكري المدينة الكثير من المال رغم أنه كان قاب قوسين أو أدنى للخروج من كشف الهلال برفقة هيثم وعلاء الدين، قبل أن يفر بجلده ويبتعد عن التحالف معهما.. وتعاقدوا مع غارزيتو الذي كان إعلامهم يتناول مشاكله في الهلال ليل نهار ويلقبونه ب ( غرزة) ويتحدثون عن سفره الدائم لأديس وصداقاته.. الخ. وكل واحد ممن سبق ذكرهم كانوا يسخرون منه ويستهزءون به أيام تواجده في الهلال. وبعد التحول للمريخ هللوا لكل واحد منهم. وما أن يصطدموا بالمشاكل تجدهم يتراجعون عن المديح والإطراء ويفتحون السيرة القديمة. يدور الكثير من اللغط هذه الأيام حول غارزيتو ويتهمه البعض بأنه باع المريخ لرئيس نادي مازيمبي. لا أستطيع النفي أو الاثبات. لكن السؤال: لماذا تعاقد المريخ مع غارزيتو وهم يعلمون بكل تفاصيل الرجل وطريقة تفكيره وحبه للمال ومشاكله مع اللاعبين ومساعديه. فالمشكلة التي يثيرونها هذه الأيام وحديث محسن سيد ليس بالأمر الجديد على غارزيتو. فقد سبق أن جلس مع المدرب التاج محجوب أيام البرير حينما اشترط التاج موافقة المدرب. وافق غارزيتو على أن يكون التاج مساعداً له. ثم قبل مباراة الهلال أهلي شندي بمدينة شندي طالب بابعاد التاج عن دكة الاحتياطي. ألم يسمع أهل المريخ بكل ذلك! بالطبع سمعوا به وبأكثر منه. لكن بعض الصحف الحمراء أرادت الضجيج بمثل هذه التعاقدات والمجلس لا حول له ولا قوة أمام قوة تأثيرها. المهم في الأمر أن يركز اخوتنا المريخاب طالما أنهم اختاروا الطريق الخطأ منذ البداية. إن تواطأ غارزيتو وباع المريخ أم لم يفعل فلن ينفع ذلك أو يعيد اللبن المسكوب. المهم فقط أن يتعلم مجلس المريخ من دروس الماضي، فهل يفعل؟! تحدث غارزيتو وخاض في كل ما افترض أنه سبباً في الهزيمة الأخيرة أمام مازيمبي، إلا دوره هو كمدرب. قال غارزيتو كل شيء عن الملعب وعنف أهل مازيمبي ومعاكساتهم والحكم وعدم جدية اللاعبين وغيره. لكنه لم يقل لنا لماذا أدخل لاعب وسط ومدافع في الوقت الذي كان يفترض أن يشرك فيه مهاجماً؟! ولماذا لم يبدأ الشوط الثاني مهاجماً بعد أن لعب بتكتيك جيد في الشوط الأول ضمن له عدم تسجيل مازيمبي لأي هدف؟! ثم كيف يوافق غارزيتو كمدرب على فكرة البودي جارد ويسمح بكل ذلك الضجيج قبل المباراة، ثم يأتي بعد الهزيمة ليحدثنا عن الصعوبات التي واجهت اللاعبين وتأثير ما جرى عليهم! [email protected]
