صلاح ينهي الجدل حول مستقبله.. هل قرر البقاء مع ليفربول أم اختار الدوري السعودي؟    لماذا يهاجم الإعلام المصري وجودهم؟ السودانيون يشترون عقارات في مصر بأكثر من 20 مليار دولار والحكومة تدعوهم للمزيد    رئيس لجنة المنتخبات الوطنية يشيد بزيارة الرئيس لمعسكر صقور الجديان    عائشة الماجدي: (أغضب يالفريق البرهان)    إجتماعٌ مُهمٌ لمجلس إدارة الاتّحاد السوداني اليوم بجدة برئاسة معتصم جعفر    معتصم جعفر:الاتحاد السعودي وافق على مشاركته الحكام السودانيين في إدارة منافساته ابتداءً من الموسم الجديد    رأفةً بجيشكم وقيادته    احاديث الحرب والخيانة.. محمد صديق وعقدة أولو!!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    كباشي يزور جوبا ويلتقي بالرئيس سلفاكير    شاهد بالفيديو.. لاعب سوداني يستعرض مهاراته العالية في كرة القدم أمام إحدى إشارات المرور بالقاهرة ويجذب أنظار المارة وأصحاب السيارات    عبر تسجيل صوتي.. شاهد عيان بالدعم السريع يكشف التفاصيل الكاملة للحظة مقتل الشهيد محمد صديق بمصفاة الجيلي ويؤكد: (هذا ما حدث للشهيد بعد ضربه بالكف على يد أحد الجنود)    بالفيديو.. شاهد الفرحة العارمة لسكان حي الحاج يوسف بمدينة بحري بعودة التيار الكهربائي بعد فترة طويلة من الانقطاع    عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق أول ركن ياسر العطا يستقبل الأستاذ أبو عركي البخيت    سعر الدولار في السودان اليوم الإثنين 20 مايو 2024 .. السوق الموازي    سعر الجنيه المصري مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    موعد تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    البرهان ينعي وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي    علي باقري يتولى مهام وزير الخارجية في إيران    الحقيقة تُحزن    شاهد بالفيديو هدف الزمالك المصري "بطل الكونفدرالية" في مرمى نهضة بركان المغربي    مانشستر سيتي يدخل التاريخ بإحرازه لقب البريميرليغ للمرة الرابعة تواليا    الجنرال في ورطة    "علامة استفهام".. تعليق مهم ل أديب على سقوط مروحية الرئيس الإيراني    الإمام الطيب: الأزهر متضامن مع طهران.. وأدعو الله أن يحيط الرئيس الإيراني ومرافقيه بحفظه    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا يوجد دواء او خبز أو قلم رصاص في مخازن الحكومة!
نشر في الراكوبة يوم 26 - 10 - 2015

نظر الرقيب عبدالحي الى ساعته فوجدها تقترب من الخامسة صباحا. لم يتبق أمامه وقت طويل، يجب أن يعثر بسرعة على شخص ما ويضعه في الزنزانة قبل وصول جنود فرقة الإعدام، فجأة إصطدم بشخص متعجل، لم يتسن بسبب العجلة أن يحدق فيه جيدا أشرع سلاحه بإتجاهه فورا وأمره بالتوقف. اقترب الرجل منه سائلا عما يريد. حينها فقط رأى رجلا ضخما، له ملامح فيل متوحد، بوجه ضخم وأنف خرطومي، يرتدي جلبابا قاتم اللون ويحمل عصا ضخمة، لابد انه غريب عن المنطقة، ربما كان احد سائقي عربات النقل التي تنقل العمال والمحاصيل الزراعية في موسم الحصاد ثم يتخلف بعضهم للاستمتاع بشراب المريسة في المناطق القريبة من المزارع، قبل أن يعودوا الى مناطقهم. شعر الرقيب عبد الحي ببعض الخوف من مشهد الرجل الضخم، كما أنه كان يتوقع العثور على شخص نصف فاقد للوعي، يستعيد وعيه متأخرا في الزنزانة أو حين يواجه فريق الاعدام. لكن الرجل الماثل أمامه كان يبدو على استعداد لشراب عدة أطنان من الشراب دون أن تهتز شعرة في جسمه. فكر في التراجع لكن الوقت كان قد فات على التراجع ، فبسبب بندقيته التي أشرعها دون وعي بإتجاه الرجل، رفع الرجل يديه الضخمتين الى اعلى، أمر الرجل بالسير أمامه، لكن الرجل رفض إطاعة الأمر وسأله بخشونة ماذا يريد منه. قال الرقيب عبد الحي أن شخصا سرق سلاحا من معسكر الجيش وانه يقوم بتفتيش كل شخص مار بالمنطقة. نظر الرجل بشك، وقال لكنك لست من الشرطة كما يبدو من ملابسك. قال الرقيب عبد الحي: انني امثل السلطة هنا، قال الرجل ألا يمكنك الانتظار حتى الصباح لتحقق في الأمر؟ هذه البلاد مليئة بالسلاح وكله مصدره معسكر الجيش. كل العساكر يبيعون سلاحهم ليشربوا العرقي! فما الجديد اليوم؟ هل سرق أحدهم قنبلة ذرية؟ لم يرد الرقيب عبد الحي، شعر أكثر بأنه أختار الشخص الخطأ لكنه لم يعد يعرف كيف يعالج الموقف. كما ان هذا الرجل ليس من النوع الذي يستسلم بسهولة، رجل لا وقت لديه للموت، وربما ينجح في تأليب فريق الاعدام عليه، أو على الاقل زرع الشكوك في أنه إستبدل سجين الأمس بشخص آخر! جاءته فكرة شيطانية! سيطلق عليه طلقة رصاص بدعوى أنه حاول كسر باب الزنزانة والفرار، إصابة لا تقتله لكن تغيبه عن الوعي حتى يجد نفسه في السماء! جنود فريق الاعدام لا وقت لديهم لعلاج الموتى. يعالجون الناس بالرصاص.
كأن الرجل قرأ أفكار الرقيب عبد الحي، وعرف أنه يفكر في قتله. فقد فاجأه بحركة مباغتة. إقترب قليلا وكأنه يريد قول شئ ما، ثم وجه للرقيب عبد الحي لكمة قوية كادت تحطم وجهه، سقط الرقيب عبد الحي أرضا وبجانبه بندقيته. فيما مضى الرجل الفيل بخطوات قوية وسريعة.
نهض الرقيب عبد الحي بعد قليل، شاعرا بصداع قوي والآم حادة في ظهره، فجاة تذكره الرقيب عبد الحي، تذكر الرجل الضخم الجالس في الركن المعتم في الانداية ووجهه للحائط! رغم آلام جسمه لكنه شعر بإرتياح تخلصه من الرجل. ليس فقط لاحتمال أن يسبب له مشاكل قبل إعدامه، ولكن بدا له أن وجود مثل هذا الشخص في الحياة سيكون مفيدا له شخصيا أكثر من موته. تحامل على نفسه ومضى في بحثه، بسبب الوقت المبكر لم تكن هناك أية حياة في الشوارع المعتمة، سوى صياح بعض الديكة والكلاب الضالة.
قررأن يركز جهده في المنطقة المحيطة بإنداية النسيم أملا في أن يعثر على واحد من الغرباء الذين تبقوا في الداخل. طاف في المنطقة المحيطة بالانداية فلم يعثر على إنسان، اقترب قليلا من الانداية فسمع أصوات غناء في الداخل، لا زالت السهرة مستمرة. إختار أجمة أشجار قريبة من مدخل الانداية وكمن في داخلها. يمكنه مراقبة الانداية جيدا من هذا المكان كما أن بإمكانه جر ضحيته وإخفائها بسهولة لحين خلو الطريق من اية مارة حين تغلق الانداية ابوابها.
حتى يظهر أحد الغرباء، جلس الرقيب عبد الحي متكئا على جذع شجرة، بدأ يفكر في أسوأ الاحتمالات ان لم يتمكن من العثور على أحد الغرباء وتسليمه لفرقة الاعدام. لن يعود الى المعسكر، سيولي الأدبار، اذا فكر في العودة الى المعسكر بدون بديل ربما يتهم بالتواطؤ مع المتمرد وذلك سيعني ضمنا انه متمرد ما دام متواطئا مع احدى حركات التمرد، ولن يكون صعبا ان يلفقوا له أية أدلة قبل تسليمه لنفس فريق الاعدام! فكر في الهروب وتحقيق حلم حياته، الانضمام لاحدى حركات التمرد، هناك عدد كبيرمن زملائه الجنود تملأهم روح التمرد، في انتظار من يشعل فتيل اليأس والتمرد، لماذا لا يشكل معهم حركة تمرد، حركة قوامها جنود الجيش نفسه، تعرف نقاط ضعف الجيش وتوجه له ضربات قاتلة. تذكر أسرته فعاد يمشّط سكون الليل من حوله بحثا عن الغريب الذي سيفديه! لو كان هناك وقت لذهب لاحضار اسرته وهربوا جميعا! فكر في الغريب الذي يجب أن يموت ليعيش هو، معظم الغرباء الذين يفدون لهذه المنطقة هم هاربون أصلا من الموت، يقتفي الموت خطواتهم عبر الجبال، وعبر القرى المنسية، في متاهة المطر، وأشواق نوّار شجر السنط، يحاولون تضليل كلب الصيد الذي يتبعهم بإغراق أنفسهم في رائحة الموت الراكد في السفوح، وأسفل الغابات المطيرة. مثل طفل صغير يحتمي في ثوب أمه من زمهرير الشتاء. يغرقون في الشراب تحت تأثير خرافة أنه أكسير مضاد للموت، لا يغمض لهم جفن ليلا قبل ان ينبلج ضوء الصباح، الموت في نظرهم مثل لص لا يجرؤ على الهجوم الا ليلا. أثناء النوم، حين يتجرد الانسان من كل أسلحته،. العصا الغليظة وسكين الذراع والسيف. ويعود أعزلا مثلما ولدته أمه .الموت هنا يسابق الحياة، ويسبقها في معظم الأحيان، يتوقف أحيانا فقط مثل الصياد الذي يحجم عن الصيد في مواسم معينة حتى يتكاثر الصيد ويتوالد، لا بد أن تزدهر الحياة أولا ليزدهر الموت. من لم يمت بالسل والجوع مات بالرصاص. الحكومة نفسها مجرد وكيل للموت. لا وجود لها الا حين يتمرد البعض، تحضر الحكومة بكامل عتادها وتمطر الجميع بالرصاص. تعدل بين الناس بالرصاص. لا تميّز بين متمرد ومواطن، بين مسلح وأعزل، بين عسكري ومدني، لدينا رصاص يكفي الجميع. لا يوجد دواء او خبز أو قلم رصاص في مخازن الحكومة، لأنها مليئة بالبنادق والرصاص. يتجلى كرم الحكومة الفائق في مطر رصاصها، رصاصة واحدة تكفي للقتل، لكنهم يمطرونك بالرصاص، كأنهم يلاحقون أرواح ضحاياهم في الموت، حتى لا تفكر في العودة مرة أخرى. والى الأبد.
في إنتظار الغريب الذي ستقع عليه قرعة القدر ليواجه فريق إعدام متعجل، لن يكترث لصراخ الغريب أنه برئ، لأن الجميع يقولون الشئ نفسه، سيردون على إعلان براءته، بمطر من الرصاص. لو كان هناك فقط إحتمال واحد في المائة أنك متمرد، فلا حل سوى الموت! لا وقت للحوار، على الأقل سيتم تخفيض عدد من يجب التفاوض معهم النهاية. إن بقي هناك شخص للتفاوض، وحتى يقرر الساسة، هناك بعيدا عن النيران، أن يجلسوا مع الشعب ويتحاورون، تحت ضغط المنظمات الدولية، حتى ذلك الحين، سيكون الحوار بالبنادق.
وضع الرقيب عبد الحي خطته لثورة شاملة في الاقليم، سيسعى أولا لتأمين وضع أسرته، سينقلهم عبر الحدود ويبني لهم بيتا أو كوخا صغيرا، سيقوم بالسطو على مخازن السلاح في المعسكر، جزء من السلاح سيقوم بدفنه في مناطق نائية لاستخدامه في العمليات ضد الجيش الحكومي، والجزء الآخر سيقوم ببيعه لشراء الطعام لأطفاله وجنوده. حين تبدأ العمليات سيجذب ذلك الكثير من الشباب وحتى الأطفال الذين تخطفهم قوات الحكومة لتدريبهم وإرسالهم لقتال قوات التمرد. كما سيكون هناك دائما داخل معسكرات القوات الحكومية من يساعد بالسلاح والمال ومن سيهرب أيضا بسلاحه للإنضمام لحركته. قرر أن يبدأ في الصباح وفور إنتهاء مشكلة الأسير الهارب في سرقة البنادق واحدة واحدة ليسهل إخراجها من المعسكر وإخفائها. سيكون محتاجا لمستشار يقوم بصياغة اهداف الحركة. تذكر محاميا لديه مكتب في وسط المدينة، يعطي كثيرا من وقته لقضايا ضحايا النظام، دائما تلقي أجهزة الأمن القبض عليه بسبب مناهضته للنظام. ذهب الرقيب عبد الحي الى مكتبه مرة واحدة، قبل سنوات لعمل توكيل لقريب له لبيع نصيبه في قطعة أرض صغيرة كان يملكها جده. يذكر أن الرجل إستقبله مرحبا وقام بطباعة التوكيل على الآلة الكاتبة ورفض تقاضي أية نقود على ذلك لكنه طلب منه الذهاب الى المحكمة لتوثيق التوكيل. قرر أن يزوره خلال أيام إن سارت الأمور بصورة جيدة وإستطاع أن يضع أحد الغرباء
في زنزانة الأسير الهارب قبل وصول الجنود، ربما لن يعرف الأسير لم يأخذه الجنود صباحا، وحين يفهم الأمر ويبدأ في الصراخ سيكون الأوان قد فات. وسيل الرصاص سيخمد إحتجاجاته الى الأبد، قبل أن يتبينها أحد. أغمض الرقيب عبد الحي عينيه، وكنوع من التكفير عن جريمته، قرّر إعدام أية أسير حكومي يقع في يد حركته ودون أية محاكمة. خاصة إذا كان الأسرى من الضباط الذين يصدرون أوامر القتل، فكّر قليلا، وتذكر أن أوامر القتل تصدر في الغالب من أناس بعيدون جدا من القتل وأماكنه. تصدر الأوامر دائما من غرف مكيّفة، تغرق الأقدام في سجادها الوثير، لا أثر فيها للجوع والمرض الذي يستشري في كل مكان، الرطوبة تسحبها أجهزة التكييف وتلقيها في الجحيم خارج القصر، كأن الشوارع تحتاج مزيدا من الحمم، الشوارع التي يسير فيها مواطنون آليون، يطاردون سبل العيش سحابة نهارهم، وحين يأتي المساء تتحول بقية طاقة أجسادهم، الى غبار مائي يتحول في أحلامهم الى بؤرة ضوء بعيدة كلما طاردوها بحثا عن مخرج من النفق الطويل، كانت بقعة الضوء تهرب للأمام.
تذّكر قائد الحامية، شخص متعجرف، تمنى لو تمكن من أسره بعد أن يقود حركة التمرد. لن يخسر فيه ولا طلقة رصاص واحدة سيحبسه في زنزانة صغيرة ويمنع عنه الأكل والشراب، أو يضعه على خازوق! كان الرقيب عبد الحي يحقد عليه سرا منذ أن سمع أنه إرتكب مجزرة رهيبة أثناء عمله في جنوب الوطن، حين قام بإقتحام المدينة التي سقطت في يد الجيش بعد أن إنسحب المتمردون منها، قام بإعدام كل المدنيين الذين لم يحالفهم الحظ في الهرب قبل دخول قواته، حتى النساء والأطفال، حتى المرضى في المستشفى أمر بإطلاق الرصاص عليهم! إنتبه عبد الحي في تلك اللحظة لإحتمال وجود أحد عساكر الحامية داخل الإنداية، ربما يكون قد حضر بعد أن غادر هو الانداية بعد غروب الشمس! لكنه تذكر أن معظم العساكر لا يخرجون من المعسكر إلا ليلة الجمعة، بعضهم يصنعون الشراب سرا داخل الحامية نفسها، بسبب ضيق ذات اليد، بعضهم يخرجون لكنهم يعودون بسرعة بعد شراء كميات قليلة من الشراب، يخرجون من المعسكر في أعداد كبيرة أيضا في أيام الأعياد، ويغزون كل مكان، لا يكترثون لتعليمات إدارة المعسكر بالابتعاد عن بعض أطراف المدينة التي يعتقد بوجود متمردين فيها. يعرفون أن التعليمات لا تستهدف حمايتهم، بل منعهم من الانضمام لحركة التمرد ضد النظام.
شعر الرقيب عبد الحي بالنعاس، وبرغبة قوية في شرب كوب من المريسة. تسبب العرقي الممتاز في هروب الأسير! الخمور المغشوشة جيدة أحيانا، تكفيك مشقة الدخول في مثل هذه المشكلة. حين يكون متعجلا أحيانا يشتري من بعض بائعات الخمور في وسط المدينة. كان يمازحهن بنفس طريقة الرجل الذي يقرر أن كسوف الشمس بسبب غضب العناية الالهية من إضافة باعة الخمور للكثير من الماء الى الخمور. كان يتذوق قليلا من الخمر ويقول للبائعة: ألا تخافين الله! يمكنك إضافة قليل من الماء الى الخمر، لكن إضافة قليل من الخمر الى الماء، هذا حرام!
تضحك البائعة وتذكره أن شراب الخمر نفسه حرام، وانها حين تضيف قليلا من الماء، تقلل من الخمر الذي يشربه وبالتالي تخفف من الذنوب التي يرتكبها، إذ لا يوجد أية نص يحرّم من شراب الماء!
يضحك الرقيب عبد الحي ويمازحها قائلا: بائعة خمور وواعظة أيضا!
حين يشرب خمرا مغشوشة، لا يقلل فقط من ذنوبه، أيضا لا يهرب أحد، يبقى هو في مكانه، والأسير في زنزانته، حتى يحضر فريق الاعدام. حتى وإن أعطى الأسير بعض الخمر المغشوشة، فإنهما يظلان مستيقظين حتى الصباح، لا لأنهما يشربان ماء، ولكن بسبب الغضب من تضييع المال في شرائه، وتضييع الوقت في شربه، كما يعلن الأسير في آخر حكمة يعلنها قبل موته.
كأنهم يضيفون مع الماء دواء منشّطا، يقول الرقيب عبد الحي، الذي يظل مستيقظا طوال الليل، حتى يقوم بتسليم الأسير، حين تكون الخمر جيدة، يستسلم قليلا للنوم، ويتحدث كثيرا مع الأسير، يكتشف أحيانا أنه يعرف بعض أقارب أو أصدقاء الأسير، في الصباح بعد أن يذهب الأسير الى الموت، يشعر بالحزن عليه، ويسب سرا الحكومة التي تقتل الناس دون سبب. حين تكون الخمر مغشوشة لا يكون لديه مزاج للحديث مع الأسرى، ينشغل بترتيب كوخه، يذهب كل دقائق للتبول، يشعر بالكسل من الذهاب الى المرحاض الذي يقع داخل المعسكر ويفضل التبول واقفا قريبا من السلك الشائك الذي يحيط بالمعسكر.
يحصي السيارات التي تعبر أمام المعسكر والتي تقل حركتها ليلا، أو يحصي النجوم، في الصباح حين يحضر جنود فرقة الاعدام لاصطحاب الأسير، لا يشعر بحزن كثير عليه. بسبب الخمر المغشوشة لم يتمكن من السمر معه. يقوم آليا بعد ذهاب الأسير بتنظيف الزنزانة، والبحث عن شئ ربما يكون الأسير تركه، رغم أنه لا يعثر في العادة على أية شئ له قيمة، لأن العساكر يستولون في العادة على نقود ومتعلقات الأسرى قبل إحضارهم الى الزنزانة. عثر مرة على بضعة جنيهات ملفوفة في ورقة جريدة، وضعها الرجل قبل ذهابه بصورة يمكن رؤيتها مجرد دخول الزنزانة. حين وجد النقود، شعر الرقيب عبد الحي بالحزن، عرف ان الرجل تعمد وضع النقود هناك ليجدها هو، بعد أن نجح في إخفائها من الجنود، رفع الرقيب عبد الحي يديه وقرأ الفاتحة على روح الأسير ودعا له بالمغفرة، حين فرغ من ذلك، فوجئ بصوت طلقات الرصاص! فعرف أن الأسير كان حيا حين كان هو يقرأ القرآن على روحه ويدعو له بالمغفرة!
أحيانا كان يجد برازا، ومرة ترك له أحد الأسرى حذاء محليا جديدا مصنوع من جلد النمر، إنه حذاء غال جدا، يبدو أن الأسير إشتراه في نفس يوم القبض عليه. لحسن حظ الرقيب عبد الحي كانت الخمر جيدة، شرب منها وإقتسم مع الأسير بهجته وعشائه. قبل أن يكتشف أن الأسير كان يعمل شرطيا في المدينة قبل أن يترك الخدمة منذ سنوات، كان الأسير متمردا حقيقيا هذه المرة. قبض عليه وهو ينقل مواد تموينية للمتمردين، لم يبدو عليه أية شعور بالندم على إنضمامه للتمرد ضد الدولة. كان يقول الدولة نفسها متمردة. قامت بالانقلاب على نظام منتخب من الشعب وقتلت الناس في كل مكان. دولة تقول انها تحكم بشريعة الله ورغم ذلك يسرقون اموال الشعب. مليارات الدولارات من عائد البترول تحولت الى عمارات شاهقة في العاصمة وبعض مدن العالم. قال المتمرد للرقيب عبد الحي: هل سمعت بغسيل الأموال، هؤلاء المتدينون الكاذبون يقومون بغسل الأموال!
لم يفهم الرقيب في البداية، كان قد سمع بقصة غسيل الاموال كعمل غير شرعي، لديه فكرة كوميدية غير مؤكدة لذلك. يقوم أحدهم بإحضار جوالات من النقود، التي ربما إتسخت إثناء تهريبها ويقوم بغسلها بالماء والصابون! ثم ينشرها على حبال طويلة ويتركها لتجف! كما يفعل المصور في سوق المدينة بالصور بعد طباعتها حين يقوم بتعليقها على حبل، ضحك المتمرد وشرح للرقيب عبد الحي القصة كلها. أشار بإتجاه العاصمة البعيدة وقال: اصبحت مركزا لغسيل الأموال!
بعد أن تناول بضع لقمات من الأكل الذي وضعه الرقيب عبد الحي أمام الزنزانة، نظر المتمرد فجاة الى قدم عبد الحي الذي كان ينتعل حذاء خفيفا من المطاط الأسود المتسخ، وقال : يبدو أن مقاس قدمك هو نفس مقاس قدمي، ثم دفع له بالحذاء ليقوم بتجربته، وجد الرقيب لدهشته ان الحذاء الجميل كان على مقاس قدمه تماما. قال الأسير أعطني حذائك وخذ حذائي، لن أحتاج له بعد الآن، ثم ضحك الأسير وقال: سيكفيني حذائك المطاط للوصول الى المكان الأخير! يمكنك أن تحضر لاحقا وتأخذ حذائك المطاطي أيضا! شعر عبد الحي ببعض الحرج من قبول الحذاء، قائلا أنه لا يحتاج له، لأن الحذاء العسكري يكفيه مشقة شراء الأحذية، قال الأسير، ستحتاج له، حين تذهب لزيارة اسرتك في عيد الاضحى أو حين تزور بعض أقربائك، إنه متين، سيكون نافعا لك حتى بعد أن تترك الخدمة هنا، صنعه لي صانع أحذية بصورة خاصة ، وهل تصدق أنني لم ادفع فيه شيئا بل أعطاني الرجل بعد صناعته مالا! دهش الرقيب عبد الحي وقال: كيف ذلك؟
حكى له الرجل أنه اصطاد النمر بنفسه، وأحضر الجلد لصانع الأحذية، الذي إشترى الجلد بسعر قليل مقابل صناعة هذا الحذاء! فكر الرقيب عبد الحي أن يقترح على الرجل أن يقوم بتسليم الحذاء الى اسرته، لكنه توقف عن قول ذلك، خاف أن يثير ذكر أسرة الرجل أحزانه. لابد أن لديه أطفال صغار، سيتركهم دون عائل. فكر أن يقوم بالبحث عنهم، والسؤال عن حالهم، رغم أنه لن يستطيع مساعدتهم لكن ربما كان بإمكانه مساعدة احد أطفاله في البحث عن عمل لإعالة الاسرة. فكر قليلا وقال للرجل: لن أحتاج له، لقد عملت لفترة مع حرس الصيد في حديقة الدندر، هناك قانون يمنع إستخدام جلد بعض الحيوانات المنقرضة مثل النمور وثعبان الأصلة في الصناعات الجلدية! الحكومة لا تهتم بتطبيق هذا القانون مثله مثل بقية القوانين الاخرى. لكن بالنسبة لشرطي او جندي يجب أن يكون هناك بعض الاحساس بالقانون، والا فلن تستطيع ان تطلب من الاخرين الالتزام به!
ضحك المتمرد وقال: ما رأيك أن رئيس النظام نفسه يرتدي مثل هذا الحذاء، لقد رأيته مرة في جهاز التلفزيون وهو يرتدي مثل هذا الحذاء! وإن كان رب البيت بالدف ضارب، فما الذي يمنعنا من الرقص!
ضحك الرقيب عبد الحي، وتلفت حواليه حذرا قبل أن يقول: منذ عدة سنوات، تغير الأمر،رب البيت هو الذي يرقص الآن، ونحن من يضرب الدف!
ضحك المتمرد وقال: أنت نفسك متمرد مثلي، تنتظر فقط اللحظة المناسبة لتحمل بندقيتك وتدخل الى الغابة!
تذكر الرقيب عبد الحي شيئا وضحك قائلا: عملت لفترة في شمال الوطن مع حامية عسكرية هناك. ذات مرة شاهدت خطابا جماهيريا لوزير ينتمي لجنوب الوطن، زار الشمال البعيد، حيث الصحراء الشاسعة، للمرة الاولى، وهاله ان المنطقة تنعدم فيها الخدمات الضرورية، قال في خطابه: الآن عرفت لماذا لم انتم الوحيدون في الوطن الذين لم تتمردوا على الحكومة!
سأله أحدهم لماذا؟
قال: لأنه لا توجد غابات في هذه الصحراء القاحلة!
ضحك المتمرد، قبل أن يعيد الحذاء للرقيب عبد الحي، حين وجده الرقيب مصرا على ذلك، وضع الحذاء جانبا، وناول المتمرد حذاء المطاط المهترئ، محذرا المتمرد بقوله: كن حذرا حين تمشي عليه، بسبب صناعته الرديئة تكاد كل مساميره تكون رؤوسها الحادة بارزة.
وضعه المتمرد في قدمه، وقال، لا مشكلة، لن يستطيع أية مسمار أن يؤذيني كثيرا مهما غاص في لحمي، فالوقت لن يسعفه!، صمت قليلا وقال: هناك صديق كان معنا في حركة التمرد، مات بالحمى قبل أشهر، حين مرض لم يكن معنا دواء، أرسلنا أحدهم ليحضر دواء ولم يعد مرة أخرى، عرفنا أنه قبض عليه، لابد انه مر من زنزانتك قبل أن يسبقني الى الموت. إضطررنا لمعالجته بالأدوية المحلية لكن حالته ساءت. الغريب أنه كان يجيد مداواة الجرحى، ويحمل معه دائما القطن وبعض المعدات والمواد الطبية التي يستخدمها في تضميد الجروح فقد عمل لفترة من الوقت في عيادة مساعد طبي في قريتهم. فكرنا في نقله الى أقرب مستشفى رغم كل المخاطر لكن القدر سبقنا إليه. كان يحب الحياة ، وحين نخلد للنوم مساء كان يحكي كثيرا قصص قريتهم البعيدة وامه المسنة التي كان يشتاق لها كثيرا، وكان يبعث لها بكل ما يعثر عليه من مال، كان يمتلك طنبورا يجيد العزف عليه افضل حتى من بعض ممن يحترفون الغناء. كان يغني لمه ويبكي أحيانا كأنه كان يعلم أنه لن يراها مرة أخرى. كانت لديه أغنية ألفها بنفسه أثناء معاركنا مع قوات الحكومة ، وكان دائما يؤديها ،حين يعتني بمداواة أحد الجرحى، تقول كلماتها التي لا أذكرها الآن أن كل الجروح مهما بلغت درجة خطورتها وتعفنها، يمكن مداواتها، الا جروح القلب! كان يستخدم ثمار شجرة السنط في نظافة الجروح ويستخدم أحيانا عسل النحل في تضميد الجروح المتقيحة. دهش الرقيب عبد الحي حين رأى الأسير يمسح دموعه! صمت إحتراما لدموع الأسير! يا للكارثة! لقد خالط كثيرا من اهل النظام ولم يرهم أبدا يبكون، حين حارب في الجنوب ، حاربت قوات الدفاع الشعبي معهم في مناطق كثيرة. الناس كلهم يقولون ان عساكر الجيش لا يكترثون لمنظر الدم الذي يصبح جزءا من حياتهم، لكن رجال الجيش كانوا يبدون أمامه مثل المدنيين امام مجندي قوات الدفاع الشعبي، وهم معظمهم مدنيون من حزب الاسلاميون الحاكم. في حين يحاول رجال الجيش الابتعاد عن ايقاع أية خسائر في صفوف المدنيين، كان هؤلاء لا يتورعون عن إحراق قرى كاملة لمجرد الاشتباه بأن بعض المتمردين يختبأون داخلها.
قطع الرقيب عبد الحي الصمت بقوله: هل تستطيع حركة التمرد ان تحقق شيئا للناس، أم ان وجودها سيعطي الحكومة ذريعة لقتل المدنيين؟ كما تفعل في كل مناطق النزاعات؟
قال المتمرد: كلامك صحيح، لكننا نحاول أيضا حماية المدنيين. كما ان هدفنا النهائي هو تحقيق شئ من العدالة لهؤلاء المدنيين عبر تغيير النظام. الحكومة لا يهمها ان تبقى بلادنا موحدة، إنها تركز كل خدماتها في العاصمة ولتذهب بقية البلد الى الجحيم. هناك فقراء ومعدمون في العاصمة، لكن المشكلة أن الناس التي تموت بالجوع والأمراض في الأطراف لا يكترث لها احد. إن كنت تريد ان يعرف العالم بموتك، عليك أن تذهب وتموت في العاصمة، لكن حين تموت في الأطراف يكون ذلك قضاء الله الذي لا يجادل فيه أحد. لا يوجد شئ هنا، لا يوجد تعليم، لا تملك الأسر شيئا لتدفع لتعليم أبنائها، وهؤلاء الشباب الصغار يحاولون العمل في المزارع لمساعدة اهلهم، لكن الميلشيات الحكومية لا تتركهم في حالهم، تختطفهم وترسلهم لمناطق الحرب، تشغلهم بأي شئ حتى لا يصبحوا رصيدا لحركات التمرد او الثورات الداخلية. يجب ان تدفع نقودا في المستشفى لتحصل على العلاج، ورغم انك تدفع ثمن كل شئ، لكنهم لن يعدمون سببا لارسالك للدار الآخرة. أي أنك تدفع في الواقع تكلفة موتك.
قال الرقيب عبد الحي: رأيتهم في العاصمة أيضا يعانون ويموتون دون أن يشعر بهم أحد. هناك طبقة تابعة للحكومة تحتكر كل شئ وتستفيد من كل الخدمات والبقية لا فرق بينهم وبيننا.
قال الأسير: ألم أقل لك أنك متمرد، لكن ربما تمنعك ظروف ما من دخول الغابة!
نظر الرقيب عبد الحي الى ساعته، كانت ساعة الأسير تقترب بسرعة، حتى أنه شعر بخطوات الموت تدب في ضوضاء الفجر الوليد، إعترف الرقيب عبد الحي كعادته، ودون مجد، في حضرة الشهود الذاهبون الى الموت: لقد فكرت كثيرا في ذلك. هناك جنود كثيرون ينتظرون إشارة ليتحركوا، قبل فترة زارني بعض الجنود، وفي ساعة متأخرة باحوا لي برغبتهم في التمرد وطلبوا مني قيادة الحركة! بقينا نتجادل حتى إنتشر ضوء الفجر، لم يكن هناك سجين في الزنزانة تلك الليلة. قلت لهم يجب أن نفكر جديا في اهدافنا منذ البداية ونقوم بصياغتها جيدا حتى لا ينتهي بنا الأمر مع عصابات قطاع الطرق عبر الحدود. قلت لهم يجب أن يكون معنا سياسيون، يعرفون صياغة كل شئ، من البيانات الى خطط التغيير، خطط التنمية، إتفقوا معي في أهمية وضع الخطط، والبحث عن مصادر تمويل، لكن بعضهم إختلف معي في فكرة السياسيين، قالوا ان الجنود سيقومون بكل شئ، بينما سيرث السياسيون كل شئ في النهاية. كما انهم لن يتورعوا عن التفاوض مع العدو من وراء ظهرنا اذا شعروا بوجود مصلحة في ذلك أو لمجرد أنهم لا يستطيعون صبرا على حياة الأحراش والتمرد. لقد ضاعت حركات تمرد كثيرة بسبب السياسيين. المدنيون لا يطيقون صبرا. يريدون نعيم السلطة بأسرع فرصة ممكنة، لا يبقون في الاحراش الا بالقدر الذي يلصق بهم صفة التمرد، ليجدوا شيئا يتفاوضون حوله مع النظام! انت وروحك بالنسبة لهم مجرد وسائل للوصول الى القصر، حين يذهبون الى التوقيع ، يطلبون منك أن تواصل النضال، وأنهم سيذهبون كوفد مقدمة لاستكشاف نية سكان القصر، ثم يصبحون مساعدين لرئيس الجمهورية، يلتقون الرئيس فقط في حفل اداء القسم، يرونه من بعد ذلك فقط في جهاز التلفزيون، حتى يعودون للتمرد مرة اخرى حين يكتشفون ان لا أحد يهتم بهم وان الوعود التي قطعتها رئاسة الجمهورية لهم بإعمار مناطقهم ومعالجة أسباب التمرد لا ينفذ منها أية شئ. وحين يطال التقشف الحكومي فقط مرتباتهم وسياراتهم الحكومية.
إنتبه الرقيب عبد الحي في تلك اللحظة، لصوت باب الإنداية، كان هناك شخص يحاول فتح الباب بصعوبة بسبب تمكن السكر منه، وقف الرقيب عبد الحي داخل مكمنه ووضع يده على مسدسه. وإستعد لإقتناص القادم.
فصل من رواية سبعة غرباء في المدينة
للحصول على نسخ بي دي اف من بعض اصداراتي رجاء زيارة صفحتي:
https://www.facebook.com/ortoot?ref=aymt_homepage_panel
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.