صرخة ألم تجلجل بأعماقي وأيادي ارفعها لكل من يجري بعروقه دم السودان والذي تفوح منه رائحة الرطب والدعاش وقت المطر وكسرة حبوبه بتاعت زمان ولمة جهال بيلعبوا في شارع الحله وغنم جيرانا راقدين في ضل الضحى شبعانين وجارتنا الطيبه وهي تسألنا ...كيف اصبحتوا؟ ..وكيف امسيتوا؟ صرخه انادي فيها الحبيب الغالي ...السودان ...وانادي اهل القبور وقد اختلط علي الامر ..هل هم الاموات ام نحن ؟هل هم السعداء ام نحن ؟هل هم السابقون ونحن اللاحقون ام العكس ؟ كنا اهل العزه والحاره وايادينا نظيفه لا تمتد إلا لمساعدة بعضنا البعض ولمسح دمعة الم او لإطعام جائع مر بالطريق ..عشت في زمن كنت ارى الجيران يتبادلون الاكل ويطعمون بعضهم ولا يتكالبون للغد ولا يملأهم خوف او جشع او حب الحرام وما يتبقى من طعام هو رزق للحيوانات من غنم وقطط وكلاب وكان لنا قط لا يتجاوز حدود الأدب ولا يسرق فهو مدرك تماما ان طعامه سيأتيه وسيشبع وكنا لا ننساه ابدا ولا نقصر في حقه لذلك عاش كريما معنا عفيفا ولكن لا ادري ما الذي تبدل فينا... اين عفتنا وروعتنا وشيمنا الكريمه ؟هذا السؤال يصرخ بدواخلي يوميا ولا اجد له اجابه فهل يعقل ان يكون ابن السودان سارق وناهب لمال اهله وهو يعيش على ارضه ويشرب من نيله ويأكل من رطبه ويصلى في مسجده و كان قد درس في مدارسه وتربى على ايدي اهله ،!!!كيف له فعل هذا الجرم العظيم وهو يحمل في قسماته الملامح السودانيه والتي كانت وستظل مكمن فخرنا وشرفنا وعزتنا ...كل راع مسؤول عن رعيته هذا هو إسلامنا فقدكان الصديق رضي الله عنه والعمرين ... الخطاب وحفيده عمر بن عبد العزيز يتفقدون الرعيه ليروا احوالهم فلالايبيت فيهم جائع ولا محتاج وهم خير اهل الارض وخلق الله وكانوا يسيرون ليلا ليعملوا خيرا فكان ان نام ابن الخطاب تحت ظل الشجره وهو خليفة رسول الله لانه عدل في حكمه فأطمأنت نفسه وذاك الرجل الرقيق ذو الصوت الرقيق عثمان بن عفان والذي وهب كل ما يملك من ثروه لبيت مال المسلمين والذي اشترى قافلة التجاره القادمه من الشام بماله ليهبها هديه لكل المسلمين حتى لا يبيت فيم جائع صغيرا كان ام كبيرا وعندما سألوه لماذا لم يبق لنفسه شئ من ماله كانت اجابته بانه تاجر مع الله عز وجل فإن هو وهب ماله والذي في الاصل هو مال الله لاهله ورعيته فهو يرجى الجنه من المولى ...اين حكامنا من كل هذا الكم الاخلاقي المدهش والآسر للنفوس ؟الاننطق بالشهادتين مثلهم ونقيم الصلاة ونصوم ؟السنا امة محمد (ص) كما هم ايضا ؟ الم نولد كرام من امهات واباء كرام ؟ الا نعيش على ارض هي مكتنا ومدينتنا ؟ الا نغير على ارض شربنا من نيلها وتطهرنا وغسلنا ذنوبنا من مائه ؟ الا تغنينا كلمة الله والمال الحلال؟ كيف تبدلت اخلاقنا واندثرت قيمنا وماتت كرامتنا حتى اصبح بعضنا ينهب ويسرق بعضنا ويمد يديه ليأخذ ما ليس له ولا يستحي بل ويهدد بالشر للكل ولا تجد مثيل لاحد العمرين ليردعه بل العكس نرى ونسمع من يدافع عنه ويغرس فيه حب الحرام ويحثه لمواصلة الجريمه البشعه فهم في الجرم سواء ...هكذا وصل بنا الحال... يُنهب ويُسرق مالنا ويتحول لاملاك شخصيه من سيارات فارهه واموال مكومه في البنوك والبيوت ولبس فاخر وسفريات باهظة الثمن وطعام يرمى في براميل الزباله وما اكثر الجوعى في بلدي الذي يبكي وينوح من قبيح سلوك ابنائه فهيا لنقم مأتما وعويلا ...رحم الله بلدي ورحم الله اهلها الشرفاء ودمت يا سودان ما دام فيك شريف ونظيف وغيور على عرضك وشرفك ولن نذل ولن نهان ولن ندع السارق و الناهب لمالنا وشرفنا يهنأ بمال الفقراء والمحتاجين ..مال فيه حق للطالب والعامل والزارع والموظف والطبيب والمهندس وللام المكافحه لتربية ابنائها والاب المنهك من التعب لرعاية اسرته وللمريض الذي لا يجد ثمن الدواء ولنصون شرف بنتنا التي امتدت يدها وسرقت لتأكل هي واسرتها وعوقبت لجوعها فإن لم نزج به في السجون سنسلط عليه اقلامنا وكلماتنا ودعواتنا بالفناء والعدم ...انا امرأه اقترنت الرقه بطبيعة خلقي وقد خصني المولى بخصائص تختلف عن خصائص الرجال ولكن ان طال الأذي وطني سأشمر ساقي واحمل سلاحي واصرخ بأعلى صوت في وجه كل آثم خائن لترابه وسارق لامواله ففي حبي لاهلي وغيرتي على وطني انا امرأة ورجل وسنثأر يا سودان وإن طال الزمان ....دمت وطني [email protected]