شغلت قضية تسريب امتحانات الشهادة السودانية، الاوساط الاعلامية في الداخل والمحيط العربي. الاهتمام الاعلامي العربي بالقضية مثاره اتهام وملاحقة بعض الطلاب الادنيين والمصريين بتسريب الامتحانات. سلط الاعلام العربي وبالاخص المصري والاردني بعض الضوء على القضية، وتباينت ردود الفعل من عدم اعتراف وزير التعليم الاردني بالشهادة السودانية، الي الوصف الدبلوماسي للوزيرة المصرية للقضية نقلا عن المسؤلين في السودان بأنها قضية امن قومي سوداني. التصريح المصري المريح نوعا ما، جاء في وقته لوزراة التعليم العام، فاعاد بعضا من ماء وجهها الذي اراقته الازمة. وعلى الرغم من شعور الارتياح للتصريح المصري الداعم لخط جدية الحكومة في التعامل مع الازمة، الا ان في القضية كثير من الابهام والغموض احاط بالتعامل الرسمي مع مجريات الاحداث. وعليه تلح نقاط جوهرية ومشروعة حيال الطريقة التي تدار بها تلك الازمة ومثيلاتها في مؤسساتنا العامة. ولنبدأ بالسؤال الرئيسي المتعلق بمقدم الطلاب العرب للجلوس للامتحان المؤهل لدخول الجامعات، الا توجد لدى وزارة التعليم العام دراسات دقيقة لاسباب ودواعي مقدم اعداد مقدرة من طلاب الجوار العربي للجلوس لشهادة السودان؟؟؟! انا لا اتحدث عن اعداد القادمين فقط، بل احصاءات دقيقة، وتراكمية للاعوام السابقة، تبنى عليها دراسات تحليلية تصل الي حقائق ذلك الاتجاه، كما توضح دور مكاتب تسويق الشهادة السودانية بالخارج، وما الي ذلك من تفاصيل. التعليم الان سوق عالمي كبير ومربح، ولو اعتبرنا موقع السودان المتميز كجسر اسلامي، عربي وافريقي، بالاضافة للسمعة الطيبة لمؤسسات التعليم السودانية، ذلك كله يجعل من الاستثمار في التعليم استثمار مضمون العائد، ومن التقصير بمكان التنازل عن ذلك السوق للسماسرة، ومكاتب السياحة المهمومة بالربح فقط دون مراعاة لقوانين او لوائح. ان كان ثمة مايغري الطلاب العرب وطلاب الجوار الافريقي بالجلوس للشهادة السودانية، او الالتحاق بالجامعات السودانية في مستوى البكاليريوس او الدراسات العليا، فاليتم ذلك تحت الضوء، وبعلم الوزارة وتحت اشرافها المباشر. تحكم الوازرة القبول الداخلي للجامعات عن طريق مكتب القبول، فلماذا لا تعمم الفكرة، وينشأ مكتب قبول حكومي مختص بالطلاب الاجانب علي مستوى القبول العام والعالي، بل والجلوس للشهادة السودانية. كما يلح سؤال متعلق بالشفافية ومشاركة المعلومات في قضية تهم كل بيت سوداني، نعم قد يحدث تسريب، وقد يوجد من يبيع ضميره مقابل المال، ولكن من حق الاسر السودانية معرفة مدى تأثير ذلك التسريب على ابناءها، كما من حق المؤسسات العدلية ومنظمات المجتمع المدني ان تقف على نزاهة الحلول التي اتخذتها الحكومة. لا احد يعلم الان كيف قُبل هؤلاء الطلاب العرب، وكيف قُيّمت شهاداتهم، وكيف سُمح لهم من الاساس بالجلوس للامتحان. كما من المشروع السؤال عن الإجراءات واللوائح التي تتطبقها الوزارة في حالة حدوث تسريب، وهل ضمن تلك اللوائح ان يتسلم جهاز الامن الوطني زمام الامور، بحيث يصبح هو المسؤول عن متابعة القضية والتصريح بشأنها، وتكريم المعلمة التي كانت سببا في كشف التسريب !!!. [email protected]