الكثيرون يقرأون تاريخ أنظمة الحكم السابقة قراءة خاطئة ، اما بسبب انهم لم يعاصرون تلك افترات فسمعوا عنها فقط ، ما يجعل شهادتهم سماعية اضعف من ان يؤخذ بها ، او انهم ممن سادنوا تلك الأنظمة لذا تجدهم يكثرون من مدحا تقليلاً لقيمة من اتى بعدهم ون كان قبلهم ، وهم في هذا يسعون للدفاع عن مواقفهم التي ثبت انها كانت تتسم بالخزلان الوطني ، ما من نظام حكم بلاد السودان واورثه الى ما فيه اليوم من محن بقدر فعل نظام (مايو) جعفر نميري ( ربنا يغفر له ) ، كانت اخطاءه جسيمة للغاية ، فهو الرئيس الذي اسس لنظام ما سمي بأمن الدولة على الطريقة الفاشية ليكون حرساً للدولة البوليسية وهو من افرغ معنى الامن القومي من معناه الوطني والقومي وحوله الى امن النظام الحاكم حراسةً للسلطان على حساب الوطن وهو اول رئيس فتح بيوت الأشباح لتعذيب الوطنيين الشرفاء وقتل من قتل منهم وشرد الكثيرين وفي عهده نمت الرأسمالية الطفيلية التي تمثلت في التجار الذين قويت شوكتهم في عهده ( بنوك العيش ) البنوك الاسلامية من خلال احتكار من سادنوه من الاسلامين في ذلك الوقت خلال الفترة من 1977 وحتى 1985م فترة ما سمي ( بالمصالحة الوطنية ) التي كانت ابعد من ان تكون وطنية بقدر ما كانت صفقة مؤامرة على الوطن ماضيه وحاضره ومستقبله ، فترة مشاركة في الحكم ما بين نميري و الإسلاميين ساوت بالضبط نصف فترة حكم نميري (8+ 8) حيث اسس الاسلاميون حينذاك لنظام الانقاذ الذي يحكم البلاد حالياً وهو النظام الذي اهلك ولم ينقذ وقسم ولم يوحد واعدم ولم يُحيي سوى الضغائن والاحقاد في النفوس ولم ترذ منه البلاد سوى الانقسام والتشريد والتقتيل والتنكيل بالوطنيين الشرفاء . نظام الانقاذ في حقيقته هو امتداد طبيعي لنظام ما يو (جعفر نميري ) تأسس على حب السلطة والتعطش للدماء والاستمتاع بتعذيب الآخرين واستحقار النفوس والاستخفاف بالعقول ونظام اتسم بالوقوع في الاخطاء الجسام التي لا تغتفر ذات الأثر الذي لا يزول من خلال جراحات مؤلمة . ونظام نميري هو اول من قام بتصفية الرأسمالية الوطنية لصالح الرأسمالية الطفيلية ومن ثم مكّن الاسلاميين الذين حكموا معاه شركاء بالمناصفة ومن ثم ورثوه ليعودوا من نفس البوابة التي دخل من خلالها نظام نميري ليحكموا البلاد ل 27 عاماً تباعا ولا زالوا يحكمون على نظام حكم (الجستابو )وهو ذات نظام حكم نميري وزادوا عليوا غلواء في الظلم الاستبداد وتجاوز المعقول من السلوك البشري ، ما آل بالبلاد للأوضاع والمحن المزرية التي نعيشها اليوم . واذا كان هناك مسؤلية تاريخية عن المأزق التي تعيش فيه بلاد السودان اليوم، فجعفر نميرى هو أول من تقع على عاتقه هذه المسؤلية كونه اجهض الديمقراطية ورسخ لمفاهيم الاستبداد والدكتاتورية وأسس لحكم البلاد من خلال اجهزة امنية لم تكن تعرف للامن من معنى وطني على الاطلاق ، ولقد بدأ الفساد في عهد نميري وهاهو ممتداً حتى اليوم ولا زال في استشراء مستمر حتى اصبح داء عُضال ، ويظل نظام النميري( مايو ) ونظام البشير( يونيو ) نظامين سادنهما انتهازيون ارزقية على قوت الشعب وهما بمثابة (أحمد وحاج احمد ) ، كل منها اجهض الديمقراطية وافسد العباد وحكم البلاد بالاستبداد واستشرى في عهده الفساد وخرب القيم الوطنية وافسد المعاني والمضامين الدينية السمحة وكليهما كان مروج للأفيون [email protected]