المشهد بات محفوظاً لدرجة تبدو غير مثيرة، هجوم انتحاري على مكان ما، الشرطة تلقي القبض على المشتبه به، بيانات أولية تشير إلى أن المتهم مسلم، المتهم ردد عبارة "الله أكبر" قبل تنفيذ العملية، الشرطة عثرت على علم الدولة الإسلامية قرب جثة في مكان الحادث، المتهم زار السعودية خلال فترة ما في حياته، ثم إعلان نهائي بتبني تنظيم الدولة الإسلامية الهجوم، آخر هذه المشاهد، حدث أول من أمس في الولاياتالمتحدةالأمريكية على ناد ليلي في ولاية فلوريدا وأوقع "50" قتيلاً، خرج الرئيس الأمريكي ليقول إن هجوم "اورلاندو" هو هجوم على الأمريكيين، ثم طالب المرشح المحتمل للحزب الجمهوري دونالد ترامب برد عسكري أقوى على الدولة الإسلامية. إن كانت الأسباب التي تُفسر التحاق المئات من الشباب المسلمين بالتنظيم الدموي الذي يطلق على نفسه الدولة الإسلامية لا تزال تحتاج إلى بحث ودراسة أكثر عمقاً، يبقى موضوعياً أن نكف عن طرح السؤال: كيف وصل المرشح الرئاسي المحتمل عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب إلى هذه المرحلة وهو يقترب من الترشح لرئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية. في استطلاع أجرته رويترز ومؤسسة إبسوس الأسبوع الماضي، توصل إلى أن 44.3 بالمائة من الناخبين المرجحين قالوا إنهم سيصوتون لكلينتون مقارنة بنسبة 34.7 بالمائة سيدعمون ترامب. أي كلينتون تقدمت على ترامب بفارق عشر نقاط. فقط علينا طرح السؤال، كم يلزمنا من تفجيرات ليعوّض ترامب هذا الفارق؟ صحيح، يبدو بعيداً عن المنطق أن يصبح دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، لكن بالمقابل، لم يكن متوقعاً على الإطلاق أن يظهر مرشح رئاسة في الولاياتالمتحدة يبني برنامجه الانتخابي على الكراهية والعنصرية، بل، ويجد أنصاراً ومتابعين كغيره من المرشحين... لكن، الظرف الذي ولّد مرشحاً مثل ترامب الذي أجبر منافسته من الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون أن تُخصص مساحة من برنامجها الانتخابي مصدات رد على كل تصريحاته، هو نتيجة أكثر من طبيعية لمشروع الدولة الإسلامية تحت قيادة "خليفة المسلمين" أبو بكر البغداي. بات مهماً أن نتحسس استطلاعات الرأي العام حول تقدم مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب كلما ذاعت الوكالات والقنوات خبر تفجيرات إرهابية أو عمليات انتحارية في أوروبا أو أمريكا، فكل تفجير يقع وتتبناه الدولة الإسلامية –وهذا مؤكد- يقابله رصيد هائل في حظوظ دونالد ترامب نحو الرئاسة، وينتج عن ذلك آلاف بل ملايين الأنصار... هنا وترامب هناك، ماذا تبقى للعالم؟ التيار