بسم الله الرحمن الرحيم (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) صدق الله العظيم من اقسى اللحظات مرارة على النفس ان ينعى لك الزمان عزيزا وانت في دار الهجرة لا حول ولا قوة لك، وانت تحت قيود شتى تحد من حركتك وتحرمك حتى من المشاركة في عزاء الفقيد العزيز. هذا امر لا يحس به إلا من يقاسيه، ولكنها إرادة الله، إن الله يفعل ما يريد. ونحن نتطلع لاستقبال العيد السعيد ونودع شهر الصوم المعظم فإذا بنا نودع جزءا عزيزا منا، غاب في ذلك الصباح، وبفقده خبا نجم وضىء طالما كان منارة سامقة في قلوبنا ورسولا يقيم الحق والخير في بشاشة وحبور، وله مكانة خاصة في نفوس عارفيه من الاهل والاصدقاء اكتسبها بلطفه وجميل خلقه وسامي مودته. نشأ فقيدنا عمر في أسرة يسودها الوقار والإجلال في كنف والده المرحوم (مختار افندي)، فأمضى صباه الباكر في ذلك الجزء الشمالي لمدينة بربر (القدواب)، تلك البقعة الهادئة الوديعة التي ترقد شرق النيل في هدوء وسكينة بسمائها الصافية ونجومها اللامعة وشمسها الدافئة وليلها الساحر، هناك كانت مراتع الصبا بين الحقول والنخيل والنسيم العليل. وفي هذا المناخ المحتشد بقيم الخير والفضيلة والإيثار خرج عمر مترعا بعظيم السجايا وكريم الخصال نتاج نشأة كريمة من اصلاب اخيار من اخيار. بالسيرة الحسنة بين الناس عاش حياته رفعة في الخلق وسموا في النفس وصفاء في السريرة ووقارا يزينه التواضع والأدب. استقر به المقام في الخرطوم ليبدأ مشوار حياته العملية مشاركا اخوته الأشقاء السير في درب الحياة بحلوها ومرها، فكان عونا وسندا ودرعا لمصدات رياح الزمان وغلوائه. فجأة في شهوره الأخيرة داهمه المرض في قسوة لا تعرف الرحمة، فتقبل قدره بالرضا والتوكل، ولم يجأر بالشكوى والأنين، بل قابله بصبر المؤمنين وثبات الموقنين وبهدوئه الذي جبل عليه وإيمانه العميق الذي تدثر به طوال حياته. ومن بين كل الأهل والأصدقاء كان الاقرب إلى قلبي، كيف لا وهو ذلك الملاك رقيق الحواشي، سليم الطوية، موطىء الاكناف، يألف ويؤلف، ودا وحبا ووفاء صادقا. سيبقى فقده جرحا نازفا على مدى الأيام نداويه بالدعاء والرجاء ان يتقبله الله قبولا حسنا وينزله منازل الاخيار والصالحين جزاء وفاقا لعبد منيب تقي نقي صادق الوعد. اللهم انزل البركة في اخوانه وابنائه وزوجته وآل مختار التاي وآل عبد الله الحاج واهل بربر، اللهم لا تفتنا بعده ولا تحرمنا اجره، اللهم ارحمه رحمة واسعة وتولنا برحمتك يا ارحم الراحمين. حسن تاج السر علي لندن [email protected]