مكونات الشعب السوداني تريد السلام و الإستقرار و تريد أن تطوي صفحات الحروب الدامية و أن تقتص لها ساحات العدالة الدولية أو الثورية من الجناة الذين مزقوا وطنهم و قسموه و نهبوا ثرواته و زوّبوا فيه قيم التعايش ، فسودانهم لم يعد كما كان و لم تعد أزماته كتلك التي كانت قبل النظام ، التعايش الذي كان سائدا ما قبل الإنقاذ لم يعد فقد أجج النظام الحروب الأهلية و الدينية و دمر وطنهم بالكامل سياسياً و إقتصاديا و إجتماعياً ، و كانت النتيجة سودان منقسم على نفسه و غير متصالح بين مكوناته قبل أن يتصالح حاكميه مع معارضيه . النظام لم يذهب لمفاوضات أديس من أجل السلام و الاستقرار و لم تكن هناك أي إشارات تؤكد على أن النظام جاد في أي عملية تحول ديمقراطي و الشواهد على ذلك كثيرة بدءاً من وفد النظام المفاوض الذي ارسل لأديس أبابا و إنتهاءً برفضه الوثيقة الإطارية حول وقف العدائيات و المرواغة التي ظل يمارسها في أي مفاوضات مع المعارضة . ضعف التمثيل الدبلوماسي الراعي للمفاوضات من قبل بعض أعضاء المجتمع الدولي و التصريحات السالبة التي لم يتثني لنا التأكد من صحتها تكشف بجلاء و تؤكد أكثر من ذي قبل أين مصالح هذا المجتمع الدولي من القضية السودانية و مدي إهتمامه بقضايا السودان ، أعضاء هذا المجتمع الدولي نفسهم كانوا هم من الداعمين لإنفصال هذا البلد مع علمهم التام للواقع السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي و الكوارث الحقيقية إذا ما انفصل الجنوب عن الشمال . المجتمع الدولي تحركه المصالح فمصالحه تكمن في بقاء النظام و في مصادرة حقوق الشعب السوداني و ليس في عملية أي تحول ديمقراطي أو سلام شامل و عادل ، و يبقي الحديث عن أهلية بعض أعضاء هذا المجتمع الدولي لرعاية أي مفاوضات مع النظام أمر مفتوح على مصرعية . حقيقة لا أريد أن اتحدث عن كل من انخرط في هذه المفاوضات من الحركات أو من قوي الإجماع الوطني و لا أريد أن اتحدث أيضاً عن حميات التفاوض أو حجم الضغوط التي لاقتها المعارضة للتوقيع على خارطة الطريق و لكن ما نود الإشارة إليه هو شروط نجاح أي مفاوضات مع هذا النظام . فرص نجاح أي مفاوضات مع أي نظام شمولي تجمعه المصالح مع اللاعبين الدوليين و الإقليميين محدودة يلعب فيها تماسك الجسم المعارض للمعارضتين السلمية و العسكرية و الميدان و الحراك الشعبي دور كبير ، الصف المعارض بشقيه غير متماسك و غير موحد و أي عمل مشترك للمعارضة السودانية سرعان ما ينهار و يتصدع و يبقي الحديث عن نجاح أي مفاوضات مع النظام مرهون باستيقاظ قادة المعارضة من نومهم و إدراكهم بذلك. [email protected]