ظللنا نقرع أجراس الخطر المحدق بالبلاد لعلها تُوقظ النظام ولكن لا حياة لمن تنادي !! وصلت البلاد إلي مرحلة الإنهيار الكامل ولا ينكر ذلك إلاّ مكابر او مجنون والجنون فنون , ورغماً عن ذلك فإن النظام ما زال في هرطقته لا يبالي بما يجري حوله وكأنه في غيبوبة ويدفع البلاد الي مصير مجهول ، هذا وقد لاحت فرص كثيرة للنظام لإنقاذ البلاد والعباد ولكنه أضاع كل تلك الفرص وآخرها عملية الحوار الوطني والتي وصلت بعد مراوغات النظام ووضع العراقيل أمامها إلي خواتيمها بمقررات نالت رضا غالب القوي السياسية والمجتمع المدني ولم يبق الا إنفاذ هذه المقررات وهي كفيلة بإعادة الدولة ومؤسساتها إلي المسار الصحيح ولكن تصرفات النظام توحي بأنه غير جاد في إنفاذ هذه المقررات !! وهو بذلك يسرع الي حتفه عاجلاً أم آجلاً ! هذا النظام لعله فقد البوصلة ففي الوقت الذي تعاني البلاد من إنسداد الأفق السياسي..... وتزائد النشاط المناوي للنظام إلي درجة تعددت فيها الدعوات إلي العصيان المدني مازال النظام في غيه يتردد . هذا النشاط المناوي للنظام أزعج النظام وألقي في روعه الخوف والهلع فبدلا من أن ينتهز النظام هذه السانحة بتقديم مبادرات جادة مثل الإسراع في إنفاذ مقررات الحوار الوطني بدون أي ألتفاف ، إبداء الجدية في محاربة ومحاصرة ظاهرة الفساد الذي إستشري في البر والبحر والجو بصورة تهدد الإقتصاد الوطني والأمن الوطني .... . إصلاح هياكل الدولة وإصلاح الخدمة المدنية بصورة جادة بدلا من السيمفونية التي درجت الحكومة علي تكرارها ( إصلاح الدولة ) منذ أمد بعيد وإن إجتماعات تعقد وتنفض وسمنارات تقام ويخاطبها نواب الرئيس وهلمجرا....ولكن المحصلة مزيد من التدهور والإنحطاط في كل مرافق الدولة وحتى لا نتهم بأننا من الخونة والمأجورين والمخربين , التهمة التي تلصقها الحكومة لكل من يعارضها وينتقدها تعالوا معنا إلي شهادة خبير ومسئول رفيع أدلي بها أمام المجلس التشريعي لولاية الخرطوم ، فقد كشف رئيس المجلس الأعلي للتخطيط الإستراتيجي لولاية الخرطوم البروفسير محمد حسين أبو صالح في خطابه أمام المجلس التشريعي لولاية الخرطوم[ بالأرقام صرفنا ترليونات من الجنيهات في الخيران وغيرها دون أن تؤسس ولو وجدت رؤية إستراتيجية لأسسنا لعمل مستدام] ، ومضي الخبير كاشفاً عن وجود ربكة في المؤسسات الحكومية[ لقينا في ربكة وزارة ضد أخري ومحلية ضد أخري] وتبعاً لهذه الربكة توقع الخبير حدوث مشكلة في الأمن القومي حال عدم إجراء معالجات !! وغض النظر عن مشكلات التواجد الأجنبي[إذا إنكبينا علي وجوهنا في تفاصيل يومية سنتفاجأ بمشكلات تواجه الأمن الوطني في الولاية] ونوه إلي سيطرة الأجانب في السودان[ حيبقي الجالية السودانية في الخرطوم].... ومضي كاشفاً عن تحديات تواجه ولاية الخرطوم وحددها في الزيادة السكانية والهجرة من دول الجوار والأمن الغذائي والغلو والإنحراف الفكري وإنتشار المخدرات والمياه والمواصلات والفقر , ونادي الخبير بضرورة إعادة الهيكلة الإدارية للوزارات والتمسك بمحاسبة مرتكبي المخالفات من المسئولين بعقوبات تصل إلي الإعفاء من المنصب وقال[خمسة وعشرون سنة ما عاقبنا وزير إرتكب خطأ وهم يقولوا حيقولوا لينا كلمة كلمتين ونواصل عملنا] وشدد علي ضرورة بسط هيبة الدولة وأضاف قائلاً أن حديث المسئولين عن إنجازاتهم علي الورق لا يجدي[المسئول يقول عملت200مدرسة علي الورق ونحن نهلل ونكبر..]. وشدد علي ضرورة إخضاع تلك المشاريع للمعايير والمواصفات وكشف الخبير عن إنشاء مستشفي بمبلغ تسعة مليون دولار في منطقة لا يوجد بها مرضي[9ملايين دولار راحت ساي] وإنتقد قيام مشروعات دون المواصفات[نعمل شارع أسفلت مطرة واحدة ينتهي وتكون أهدرت مليارات الدولارات] وكشف الخبير عن وجود خلل في كيفية تحويل الدعم للفقراء مما أنتج إرتفاع الأسعار كما إنتقد مشاريع التمويل الأصغر وكشف عن توجيه التمويل الأصغر للزواج وأضاف قائلاً[ ياريت لو اول عرس!!] وأعاب الخبير توجه الحكومة لفرض رسوم وضرائب حال حوجتها لأموال وذكر[ نحن مخنوقين بالرسوم الكثيرة] .ومضي الخبير شارحاً وكاشفاً عن الخلل في تنفيذ المشاريع ولفت إلي تسلم البعض للأموال قبل التنفيذ وأشار إلي تعطيل بعض المشاريع من قبل بعض الموظفين قائلاً[ موظف صغير يعطل مشروع بي رشوة] هذا التقرير يشخص الداء فهل من دواء!! ما ذهب إليه الخبير وهو يتحدث من موقع المسئولية هو الخطر الماحق للبلاد . ويجب أن توجه كل الأسلحة والتهديد والوعيد إلي مواقع الخلل أن أردنا إصلاحاً حقيقياً ، التحدي الذي تواجهه البلاد لا يأتي من قبل الداعين للتظاهرات أو العصيان المدني بل يأتي من قبل النظام نفسه الذي عجز عن إصلاح نفسه فتراكمت الإخفاقات .... أخي الرئيس غضبتك المضرية ضد الشباب الداعين للعصيان المدني يجب أن توجهها للخلل في مفاصل الدولة بترا للفاسدين وإقالة للعاجزين وإحلالهم بالكفاءات العلمية والعملية وذوي النزاهة والأمانة وإلاّ الندم والحسرة وولات حين مناص ... إن ما يجري في هذه البلاد والأحداث اليومية التي تفقع المرارة تدفعنا جميعاً إلي التظاهر والإعتصام والعصيان من باب القيام بالواجب تجاه البلاد أي أضعف الايمان ... فالخونة والمأجورين والمخربين هم الفاسدون والمتجاوزون للقوانين واللوائح والمضيعون لأموال الشعب علي قلتها .وفي ذات اليوم الذي صدع فيه الخبير بتقريره الخطير .جاءت في الأخبار ومن داخل البرلمان المنسي عن تأجير وزارة التنمية البشرية لمبني بمبلغ(600,000)ستمائة ألف جنيه مقرا لها ووزارة أخري هي الإرشاد والأوقاف تقدم علي أيجار مقر لها بمبلغ(23,000)ثلاثة وعشرون ألف دولار أمريكي أليس في هذا التصرف إهدار للمال العام هذا قليل من كثير أخي الرئيس وإزاء هذا التدهور وصمت النظام ماذا يفعل الناشطون السياسيون إلاّ تدفعهم الواجب إلي الصدع بالحق فالساكت عن الحق شيطان أخرس . إن الحراك الذي دب في البلاد حراك حقيقي يدفعه مبررات قوية لا يستطيع أحد إيقاف هذا الحراك إلا بالعمل الجاد المثمر الذي يضع السيف موضعه والحكمة موضعها أما الصراخ والعويل والتهديد بالويل والثبور وتلك المقولات البائسة [ الراجل يلقانا في الشارع ، ألزارعنا غير الله يقلعنا ) لا تزيد الأمور إلا تعقيداً وإحتقاناً وحتماً سينتصر الشعب إن طال الزمن أو قصر والأمور بخواتيمها !! . بارود صندل رجب المحامي [email protected]