يحتفل العالم في الثالث و العشرين من مارس كل عام باليوم العالمي للأرصاد الجوية. و لهذا التاريخ دلالته حيث تتعامد فيه الشمس على خط الإستواء فيما يعرف بالإعتدال الربيعي. مهمة الأرصاد الجوية الأسمى هي التنبؤ بأحوال الطقس في الفترات القادمة التي تتفاوت ما بين عدة ساعات إلى عدة أيام أو مواسم و ربما سنوات. و لتحقيق هذا الهدف توصلت معظم الشعوب إلى وسائل تحذرها من أضرار الطقس أو للإستفادة منه. و تذخر الذاكرة السودانية بمثل هذه المعارف. و من أشهرها العين (بكسر العين و فتح الياء و هي جمع عينة). و العين تقويم معروف في بلاد كثيرة. و هو تقويم شمسي ثابت. و فيه تقسم السنة إلى 28عينة طول كل منها 13 يوما ليصير المجموع 364 يوم. و هو أقل من عدد أيام السنة بيوم واحد. و لذلك يضاف يوم إلى عينة الجبهة لتصير 14 يوم. لكل عينة خصائص مناخية تميزها عن غيرها و لذلك في تناسب أعمالا معينة. فموسم الأمطار في معظم السودان يبدأ بعينة الذراع في 7 يوليو. و بها تبدأ الزراعة حيث تكون كميات الأمطار المتجمعة كافية للإنبات. أما عينة الطرفة ففيها خاصيتين: السحب المنخفضة المنتشرة أفقيا و هذه توفر درجات حرارة معتدلة . كما أن أمطارها خفيفة متواصلة. و الخاصية الثانية إنخفاض درجات الحرارة و هذا يحمي النبات من شدة الحرارة حيث أنه لا يزال صغيرا. أما الأمطار الخفيفة المتواصلة فتسقي التربة وو لذلك ينمو فيها النبات بمعدل أكبر. وكذلك تنمو الحشائش. فكل المزارعين يحرصون على نظافة الحقول قبل دخول عينة الطرفة للإستفادة القصوى لنمو النبات من حين وفرة المياه و إزالة النباتات الطفيلية. و من المعارف الشعبية وصف الأمطار فيقولون: الليلي عمّيم و الضهري كجّير. فبينما تعم الأمطار الليلية مناطق واسعة نجد أن أمطار النهار تكجر في مكان صغير لا تبارحه. فتجد أمطارا غزيرة في السوق بينما أطراف المدينة جافة أو العكس. و نشاط الرعاة و الزراع يعتمد على وقت هطول المطر ليلا أم نهارا. في كثير من قرى السودان أشخاص حاذقون في معرفة أوقات هطول المطر بل بعضهم ذو قدرة على التنبؤ بموسم كامل قبل عدة أشهر. منهم بطن بيت من الحسّانية في منطقة شبشة بالنيل الأبيض يقال لهم الجفيناب. مثل هذه المعارف أصبحت تقارن بما تصدره مراكز التوقعات الجوية و ربما دمجها في ما يصدر من تقارير (الصين مثالا). و من المعارف الشعبية قصة عشرة الراعي و هي فترة زمنية في أواخر الشتاء. حيث يروي أن الراعي قد باع أغطيته بسبب الدفء الذي حل إعتقادا منه أن موسم الشتاء قد انقضى و لكن بعيد أيام قليلة أصابته موجة برد و هو بدون غطاء. و تستخدم هذه العبارة للتذكير بأن التغيرات المناخية ليست على وتيرة واحدة. هنالك ظواهر جوية استعصت على الإنسان و للالتفاف على ذلك عزاها إلى قوى غيبية. و من أشهرها فيضان النيل عند قدماء المصريين. فقد لاجظ القوم أن معظم الأنهار التي يعرفونها تجري من الشمال إلى الجنوب و النيل يجري من الجنوب إلى الشمال. و أهار الشرق الأوسط تفيض في الشتاء أو الربيع. بينما يفيض النيل في الصيف قادما من الجنوب من جهة معروفة لديهم بقلة الأمطار و شدة الحرارة. و لتفسير هذه المعضلة فقد عزي الأمر القوى الغيبية حتى وصلوا إلى مرحلة إلقاء فتاة في النيل ليضمنوا فيضانه. في مناطق من أفريقيا الجنوبية يهطل البرد بغزارة مما يتلف المزارع. و لمنع ذلك تعمل تعويذة (حجاب) يحملها حكيم القرية قبالة عاصفة البرد. من أهم مكونات هذه التعويذة رأس ثعبان الكوبرا. و السبب: هل رأيم أحدا أصاب الكوبرا بحجر في رأسه؟ في نفس هذه المناطق يتنبأ السكان بأمطار شهر قمري ما بدرجة ميلان الهلال الجديد. فإذا كان مستويا فإن الأمطار شحيحة أما إذا كان مائلا فإن أمطار ذلك الشهر سوف تكون غزيرة لأن الهلال المائل لا يمسك الماء بعكس الهلال المستوي الشكل. و قد أثبتت الدراسات صحة الجزء الأول من هذه القاعدة و لكن السبب في ذلك يعود إلى الموقع الفلكي لكل من الشمس, الأرض و القمر. حيث أن الإضاءة المائلة تتم في شهور تشتد فيها درجة الحرارة مما يساعد على تكون السحب الممطرة. من المناظر الخلابة مشاهدة المطر و الشمس مشرقة. و السبب هو أن السحاب يكون في منتصف السماء و الشمس قد مالت عن كبد السماء (الصباح أو العصر). لهذا المنظر الجميل يقول الأوربيون أنه في هذه اللحظات فإن الشيطان يضرب زوجته فهي تبكي و هو يضحك. حجّاز المطر (قوس قزح) أحد المناظر الجوية الخلابة. و يحدث صباحا أو عصرا (عكس الشمس). و هو ناتج من تحليل ضوء الشمس الأبيض إلى ألوان الطيف السبعة كما يحدثها المنشور الزجاجي (دراسة علم الضوء). و لكن لماذا يسميه البعض عندنا حجّاز المطر؟ قطيرات المطر التي تكون قوس قزح صغيرة جدا و تتواجد عند إضمحلال السحب الممطرة في إيذان بتوقف المطر. من المعارف الشعبية أن مشاهدة الدجاج خارج بيته يبحث عن غذائه أثناء هطول المطريشير ألى أن المطر قد وصل نهايته. و بالطبع كثير من الحيوانات و الطيور لها قدرة على التنبؤ بالظواهر الجوية. فالأغنام في المناطق الجبلية تتحاشى أسفل الوادي عند عند إستشعارها قرب هطول الأمطار تفاديا للسيول. بعض الطيور تبني أعشاشها بحيث تتفادى العواصف و البرد. و قد استفادت بعض الشعوب منهذه المميزات فأصبحت تراقب تصرفات الحيوان للتنبؤ بأحوال الطقس. و يقال أن ملكا استأجر عالم أرصاد جوية للانبؤ بأحوال الطقس و لما علم أنه يراقب أذني الحمار في ذلك, استغنى عن العالم و أبقى الحمار. [email protected]