عقب الهجمة الرخيصة التى سوق لها الاعلام المصري والتى تصدى لها معظم ابناء السودان دون ان يتنظروا مقدمو البرامج الاعلامية او كتاب الصحف اليومية ،ليعبروا عنهم ، كما الاعلام الرسمى الحكومى الذي التزم ربما بموجهات عليا دون الخوض فى الحرب القذرة التى شنتها مصر عبر القنوات التى تقدم برامجها من داخل مجاري الصرف الصحى. خرج اخيرا وزير الاعلام السودانى ليتحدث بعيدا عن هموم المواطن والضرر الصحى الذي يتعرض له يوميا من عدم نشر قوائم الواردات المصرية الملوثة التى يجب مقاطعتها ، فانبري يتحدث كوزير سياحة وباحث فى التاريخ عن الحضارة الكوشية وقدمها وهو شئ مفروغ منه لايحتاج لوزير ان يستهلك من زمن المواطن فى الحديث عن الفرعون السودانى الذي حكم مصر ، فالمواطن السودانى لا يحتاج لسرد تاريخى بقدر حاجته لقرارات قوية مستحقة ان تصدر بخصوص حلايب وشلاتين والحريات الاربعة التى التزم بها السودان ولم تلتزم بها مصر ، وعن قرار يعلن فيه وزير الاعلام وقف الاستيراد الفوري من مصر وسحب جميع السلع المصرية المحظورة من الاسواق، كنا ننتظر أن يعلن عن وقف جميع الصادرات لمصر وخصوصا اللحوم والمحاصيل الزراعية من سمسم وصمغ عربي وكركدي وخلافه حتى تعتذر مصر رسميا عن الاساءات التى وجهها الاعلام المصري للسودان ولشعبه لا ذنب جنيناه سوى استقبالنا للشيخة موزا. فتغير النبرة المصرية تجاه السودان فى اليومين الماضيين وظهور بعض العقلاء ما كان له ان يحدث لولا ردة الفعل العنيفة التى انتهجها معظم السودانيين فى الرد على الترهات المصرية التى تمثل الرايين الرسمي والشعبي والا لما صمتت الحكومة المصرية واعلامها يسب السودان والسودانيين صباح مساء عبر قنوات الصرف الصحى هذه. فهؤلاء العقلاء الذين ظهروا مؤخرا كما اسلفت يعلمون تماما ان مصر تحتاج للسودان فى هذا التوقيت بالتحديد اكثر من حوجتها له فى اى زمن مضى منذ نشأتها الاولى ، فانهيار الاقتصاد المصري بجملة المقاطعات للصادرات المصرية و الشلل الذي اصاب السياحة فى مصر ، وظاهرة تجارة الاعضاء التى انتشرت مؤخرة ، بالاضافة لسد النهضة كلها عوامل تجعل مصر تركع تحت اقدام السودان وليس العكس كما يتوهم الاعلام المصري الذي يعوى. فمصر التى كانت تعيش دور الباشا وتجعل من السودان ( عصمان البواب ) والخليجي ( عربي جلف ) هاهى اليوم تجنى ثمرة زرعها القذر ، وسوء تقديرها للاشياء ، بحيث ظلت على الدوام تتوهم انها الناهى والامر فى المنطقة العربية والافريقية ، حاملة الاختام والصكوك توزعها متى ماتشاء و كيفما تشاء دون ان يسألها احد ، فلا مشكلة وطنية فى اى بلد عربي الا وحشرت مصر انفها القذرة فيها ، لتخرج بالاتوات والهدايا ورسوم السمسرة حتى فى المصالحة ، ولا ملف عربي واحد كان يمكن ان يمر داخل المنظمات العالمية والمجموعات الاقليمية الا وكان تحت ابط ممثل مصر ، هكذا كانت مصر التى تستنزف العرب وتبتزهم دون وجه حق ودون ان تقدم لهم الخدمة المرجوة ، فدورها يمثل تماما دور سائق تاكسى المطار الثرثار من مطار القاهرة لوسط البلد ، حين يعلم انها اول زيارة لك للمتعوسة ، حيث يقوم ( بجر العداد ) ويلف بك كل القاهرة ومقصدك لايتعدى بضع كيلومترات وكل ذلك من اجل زيادة الاجرة، يحكى لك عن كل شي مايعلمه ومالا يعلمه ولاينسى ان يختم ( منور يا باشا فى مصر أم الدنيا ). هذه هى مصر سلوك حكوماتها على الدوام هو نفس سلوك مواطنها المخادع الذي لا يتوانى فى الغش و سلك اقذر الطرق للوصول لمبتغاه. تطور العرب تدريجيا وتغيرت نظرتهم للعالم واصبحوا يستمدون ثقافاتهم ، ويحددون مصالحهم دون الحاجة لسائق تاكسى المطار ، الذي اكتشف امره. فعلاقة السودان مع مصر يجب الا تحددها اى عاطفة وحديث استهلاكى لايخدم الوطن وبلغة الارقام فان كان فيها خيرا ومصلحة للسودان فمرحبا بها ، وان كان غير ذلك فحفظ حقوق الجار يجب ان يكون متبادل بين الطرفين فليس من المعقول ان نمد لها خدنا الايسر بعد ان والت مصر ضرباتها على خدنا الايمن ، فاما علاقة محسوبة بالملميتر فى كل القضايا العالقة ما بين حلايب وشلاتين وسد النهضة وحصة مياه النيل والصادرات المحترمة مقابل واردات محترمة أو لا علاقة. فالسعودية وقطر و الامارات لها حساباتها الخاصة مع مصر والتى لاتعنينا فى شئ طالما علاقة السودان بها على افضل ما يكون ، والرد المصري يجب ان يكون مباشرة على تلك الدول لا على السودان ، مصر تطعن ظل الفيل والفيل يدهسها ويحطم كل امنياتها وأمانيها ويهدم افكارها الخبيثة ويكشف فهلوتها الزائفة. السودان ليس عطار مصر الذي افسده دهرها ، وغير معنى تماما بالوقوف مع مصر حتى تخرج من كبواتها ، ولنا ان نتذكر ونعيد شريط الذكريات ، ونسأل انفسنا سؤالا واحد ( متى احتاج السودان لمصر فى محفل واحد فقط ووجدها خير سند وعضد له ) ، فقد ظلت تلعب على الدوام على العيش من مشاكل السودان بل زيادتها تعقيدا وفتنة بين ابناء الوطن الواحد ، ويجب ان نتذكر دوما ان مصر لم ترحب حتى اليوم برفع العقوبات الاقتصادية الامريكية على السودان التى سيستفيد منها كل الشعب السودانى سواء كان معارضا للنظام او موال له ، كما يجب علينا الا ننسى ان مصر ظلت حاضنة للمعارضة السودانية مهما اختلفت الانظمة فالثابت عند مصر هو ايواء المعارضين لزعزعة استقرار السودان. [email protected]