كانت البلاد قد فجعت وروعت ورزئت في مثل هذه الأيام قبل خمس سنوات ، بالرحيل المفاجئ لشاعر الغلابى والتعابى والترابلة والحزانى والبسطاء، محمد الحسن سالم حميد، شاعر الوطن وشاعر الشعب وشاعر النضال وشاعر الفقراء والمساكين والمطحونين. شاعر الشرفاء المتعففين. شاعر الحرية والكادحين. شاعر الأطهار غير الملوثين، وهكذا الموت نقاد لا يختار إلا الجياد فقد أبى إلا أن يفجعنا برحيل حميّد وجرح وردي ما يزال ساخناً، ولكنْ عزاءنا أن الاثنين لم يموتا وكيف يموت ويندثر اسمه وينطمر ذكره من ترك فينا كل هذه الروائع، وكل هذا الابداع، وكيف يموت أحباء الشعب وحداته وهداته؟، بل إنهم أحياء عند الشعب يذكرون يتوارث ذكرهم جيلاً عن جيل، ولكن رغم الفقد والفجيعة لن نقول إلا ما يرضي الله، اللهم اغفر له وأرحمه وعافه وأعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله، وإن كان محسناً فزد في حسناته وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه، اللهم وسعّ في قبره ونوّر له فيه إنك سميع مجيب الدعاء، ولا حول ولا قوة إلا بالله... و... وما يبكيك يا حميّد إلا مغير ولاّ عقوق ولاّ كفيف الانسانية على حد قولك في واحدة من روائعك الخالدة التي قلت فيها وما يتحيّر بين الفوق وبين الناس التحتانية إلا مغير ولاّ عقوق ولاّ كفيف الانسانية... ومنك وين يا كاشفة عيني بنور الإلفة ضي الحنية وحلم العالم ناس تتسالم والبني آدم صافي النية للأطفال الناشفة ضلوعا بطمن روعها وتبدأ تغني غناوي البكرة الكم مسموعة حسيس طنبارة مع نقارة صفقة حارة ودارة تغني فيا حلتنا عليك ترابك وأنت شبابك زينة الجنة أحلى عروس البلد التنا ولا الغبش الرابة تهنى ولا هدير المدن التصحا وتمحي ظلام الحاصل عني.. طبت حياً وميتاً حميّد، فالظلام لا محالة إلى زوال، والليل لابد أن ينجلي، والصبح لابد أن يسفر... ولما الليل الظالم طوّل وفجر النور من عينا اتحول قلنا نعيد الماضي الأول ماضي جدودنا الهزموا الباغي وهدوا قلاع الظلم الباغي، كما أنشد ود الأمين ملحمة هاشم صديق وسلام عليك في الخالدين... الصحافة