٭ لو أن تلك الصحفية التي اعترضت على تقديم عدد من الأغنيات الوطنية في حفل خواتيم الحوار الوطني باعتبار أنها لم تكن بالأمر الضروري، لو أنها علمت أن الرئيس السادات قام من مقعده ليطبع قبلة على رأس الشاعر صلاح جاهين تقديراً له على كتابته للأغنية الوطنية (يا حبيبتي يا مصر) ولو أنها علمت أن الملكة إليزابيث منحت لقب (السير) لجميع أعضاء فرقة (البيتلز) لأنها شعرت أن الشعب البريطاني حملهم بين أهداب العيون، ولو أنها علمت أيضاً أن أغنية وطنية واحدة من الفنان محمد وردي يمكن أن تعمل على تحويل أصوات البنادق إلى أصوات أطفال يغنون، لما تجرأت أن تنتقص من دور الأغنية الوطنية في مثل هذه المناسبات. ٭ طلبت الفنانة الزامبية (فيكي بلين) أثناء زيارة فنية لها لإقامة حفل في المسرح القومي بأم درمان، طلبت من العازف (عثمان النو) أن يكون عازفاً ضمن فرقتها، إلا أن العازف الكبير رفض عرضها بشدة، مؤكداً لها أن مجرد ابتعاده عن وطنه السودان سيكون بمثابة حالة من الموت البطيء لأيامه، فاستجارت بي باعتبار أنني من أكثر الأصدقاء قرباً إلى قلبه، وبمجرد أن علم العازف الكبير أن حديثي معه يدخل في دائرة إقناعه بالهجرة معها إلى أمريكا، دخل معي في حالة من الخصام استمرت طويلاً، كان هذا الرائع يقول دائماً لمن حوله أن أكون عازفا منسياً داخل إذاعة أم درمان خير لي من أن أكون عازفاً متوجاً في أي بلد آخر. ٭ أثناء وجود الكاتب العملاق نجيب محفوظ داخل مقهى صغير من مقاهي القاهرة، وردت إليه مكالمة هاتفية من قصر الرئاسة المصري، لتبلغه أنه حصل على أكبر جائزة عرفها تاريخ الإنسان المعاصر وهي (جائزة نوبل)، واصل محفوظ تناول فنجان قهوته الصباحية بكل هدوء، ثم اتجه بعد ذلك إلى خارج المقهى دون أن يشعر به أحد من الناس، هكذا العظماء لا يبحثون عن الأضواء، لكنها تظل تتبعهم حتى وإن كان ذلك في أحد المقاهي الصغيرة المتناثرة على أطراف المدن. ٭ زارني شاعر البحر القديم الراحل مصطفى سند في منزلي بقرية الختمية بكسلا، يصحبه عدد من الزملاء من بينهم الشاعران مختار دفع الله وعبد الوهاب هلاوي، وبعد أن تناولنا كوب ماء بارد من نبع توتيل توجه نحوي طالباً مني أن أسمح له برؤية (العنبة الرامية فوق بيتنا)، فقلت له : قد رحلت (العنبة) عن منزلنا منذ أمد بعيد، فابتسم قائلاً: لكني لا أرى على وجهك حزناً عليها! فقلت له: ولماذا أحزن والعنبة قد اختارت أن تعيش في بلد غير كسلا. ٭ ابتسم الحظ لرجل أمريكي عجوز كسب الملايين من الدولارات في أكبر جائزة لليانصيب شهدتها أمريكا، بعد أيام شوهد هذا الرجل ينثر الملايين من الدولارات التي كسبها على العابرين في الطرقات وهو يصيح: ماذا أفعل بهذه الملايين التي انتظرت قدومها سنوات طويلة دون أن تتكرم بالمرور عليّ، وهاهي الآن تدق عليّ بابي بعد أن تحوّل عمري إلى بقايا من خريف بارد، وقال أعتقد أن كل من تساقطت عليه أوراق الخريف عليه أن يكتفي بدفء ربيع كان من جلاسه يوماً. ٭ هدية البستان: ياما أتمنيت لي حبايبي أعود وقعدة الحيشان في العصاري تعود يا زماني حرام تملا عمري قيود راجي تفتح لي بابك المسدود اخر لحظة