الناظر للمعترك السياسي في الساحة العربية، يجد أن الاتجاهات قد بدأت تتمايز، وظهرت ألوان مختلفة لتوجهات عدة، بمعايير ترتكز في الأصل على عاملين، أولها السلطة والنفوذ وثانيها المال والثروة، فكل الحكومات العربية المتنازعة فيما بينها تبحث عن هذين العاملين، والحكومات العربية الأخرى تتقلب مابين مصالحها هنا وهناك دون أن أي قيم ومبادئ تحكم توجهها وحيادها, والكل يدور مابين البحث عن رضا أمريكا بكل سلطاتها العالمية ونفوذها الغاشم، ومابين المال والثروة في الحفاظ علي عروش الحكام العرب الذين داسوا بأقدامهم على المبادئ الإسلامية والقيم الإنسانية النبيلة. فبذلوا ملايين الدولارات للحفاظ على كراسي الحكم وتناسوا حل قضايا إنسانية من جوع وفقر وأمراض مستوطنة في شتى بقاع الأرض. تمضي الأيام والسنوات، وتذهب حكومات وتأتي غيرها، والثابت هو أن التاريخ يقف شاهدا لتوثيق خيبة هؤلاء الحكام العرب والأفارقة في اللهث خلف إرضاء أعداء الإسلام والإنسانية حفاظا علي كراسي الحكم، يقف التاريخ شاهدا علي دولة آل سعود وعلى الدولة الإماراتية ودولة قطر وحكومة السودان ومصر وسوريا وغيرها من شعوب عربية، أهلكها الضعف ونبشت الذلة والهوان في جسدها وصارت أشبه بقطيع من الماشية يمضي خلف راعيه ترامب، عدو الإسلام والإنسانية الأول. لقد ظلت حكومة السودان تلهث خلف رضاء أمريكا وتمجيد قوتها, والعمل على إرضاء حكومة ترامب بشتى السبل, وتنازلت عن (لن نذل ولن نهان ولن نطيع الأمريكان ليكم تدربنا), وضحت بدماء القوات المسلحة في جنوب السودان, واتفاقيات الظلم وفصل الجنوب وضياع دماء جنودنا البواسل التي جادت بها نفوسهم في سبيل وحدة السودان. هذا التخبط السياسي والتضارب في اتخاذ المواقف الثابتة القوية وإعلان القرارات المتسرعة الخاطئة, والتوتر في السياسات الخارجية يعكس الوضع الراهن الذي تعيشه حكومة السودان, وفشل سياساتها الداخلية والخارجية التي انتهجتها سابقا والتي تنتهجها حاليا, والتي تمخضت في نهاية الأمر عن وطن نازف جريح ظهرت سوءته في خرطته المقصوصة لتعلن عن تمزيق هذا الوطن في عهد هذه الحكومة. لقد تنازلت حكومة السودان عن شعاراتها الإسلامية التي رفعتها خداعا وزيفا, فأي إسلام هذا الذي يملأ الأرض ظلما وجورا, أي إسلام هذا الذي يدعو الى القبلية والعنصرية البغيضة في تولي المناصب وإدارة مصالح العباد, أي إسلام هذا الذي يصير دعاته سارقين وناهبين لأموال الشعب وخيرات البلاد, أي إسلام هذا الذي لا يخشى المسؤول فيه عظم المسؤولية الملقاة على عاتقه, فيلهث خلف السلطة خاطبا ودها وطالبا يدها, أي إسلام هذا الذي يدعو الى التسول والتذلل لأجلاف العرب والحكومات العربية التي تركع ذليلة لرضا أمريكا وحلفائها, أي إسلام هذا الذي يفرق بين مسلمي الجنوب ومسلمي الشمال, أي إسلام هذا الذي لا يعلم قادته أن القوة والعزة والنهضة والتطور لا يكون بالنفاق السياسي ورضا الحكومات العربية المنفذة لأجندة الدول المستكبرة التي تعيث في الأرض جبروتا واستبدادا, ألا يعلم قادة حكومة السودان أن القوة الضاربة لله عز وجل وجنوده من الملائكة ومن مخلوقاته الأخرى، ألا يعلمون (إن بطش ربك لشديد)، من ينتظرون الخير والتطور والنهوض بهذه الأمة المسلمة بمختلف أشكالها وألوانها من عرب وأفارقة وغربيين، بالاعتماد على أمريكا وهذه الحكومات العربية المستضعفة، هم واهمون و (مساكين) وفي درب الضلال ماضون دون رجعة، و لا يعلمون أن الأرض كلها لله (يورثها من يشاء من عباده). لا يعلمون (أن القوة لله جميعا)، وأنه (يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء). تصارع وتنازع هذه الحكومات السياسية والحركات الإسلامية على كراسي الحكم، واتخاذ ذريعة الإرهاب مطية للحكومة الأمريكية لتمتطي بها ظهور الحكومات العربية وتنفيذ أجندتها في نهب ثروات الشعوب, وما تقوم به بعض الحركات المنفلتة مستخدمة الإسلام غطاءا بعد أن رأت الأرض قد ملئت ظلما وجورا، فاتخذت شعار العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم، كل هذا يعكس مدى التخبط السياسي والذلة السياسية التي تصارع فيها الإنسانية عوامل الانقراض. لقد فقدت حكومة السودان بوصلة التوجه عندما أسندت الأمر لغير أهله, وتجاهلت المخلصين من أبناء هذا الوطن النازف, واعتمدت علي غير المؤهلين من ضعاف النفوس الذين يحسبون أن مراكز المسؤولية والسلطة هي فقط لجمع المال وبناء العمارات الشاهقة والمشاريع الاستثمارية الضخمة, هؤلاء حقيقة لا يعلمون أن القيادة أخلاق ومبادئ وقيم نبيلة سامية تجعل القائد محبوبا حتى من أعدائه لثبوت مواقفه الأخلاقية الصامدة وحسن إدارته للأمور. أخيرا ,,,, (وما قدرو الله حق قدره، والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه، سبحانه وتعالى عما يشركون),,,,,, بقلم/ علي بابا،،، 14-7-2017م.