يضج واقع المجتمع السوداني بصراخ وعويل وانتقادات بالجملة لحكومة المؤتمر الوطني، صاحبة النصيب الأكبر من كراسي الحكم، أو يمكن القول لحكومة الوفاق الوطني التي تضج بوزراء من مختلف الأحزاب السياسية، ويتلخص هذا الإنتقاد والتذمر والتضجر حول ما آل إليه الواقع السوداني في مختلف تنوعاته الحياتية من تدهور اقتصادي وأمني و اجتماعي وسياسي ورياضي وأصبح لا يكاد يخلو مجلس يجلسه اثنان او ثلاثة الا ويدور الحديث حول إحدى هذه المطبات الحياتية. السؤال: من يتحمل كل هذه التشوهات الحياتية المختلفة التي سيظهر تأثيرها في أبنائنا وبناتنا الذين نكدح ونشقى من أجل توفير مستقبل آمن وبناء شخصيات قوية منتجة تعينهم على مجابهة الحياة..? الإجابة: نحن السودانيين، نحن من نتسبب في كل هذه الفوضى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية والإجتماعية وغيرها من مخالفات في كل مناحي الحياة. هذا المسؤول الذي نتحدث عن فساده ونهبه للمال العام، على من يصرف هذا المال الحرام? أليس أفراد أسرته وأصدقائه وجيرانه وعشيرته جزء منا نحن السودانيين? هؤلاء فاقدي الضمير الذين يتاجرون بالبشر من هم? ومن يقوم بتأجير المساكن والشقق لهم ومن ينتابه الجشع من أفراد هذا المجتمع ليتحصل على مال ولو بتقديم مساعدة لهم قد لا تخطر على باله أنها قد تتسبب في سلب روح وحياة شخص ما?. من يتحدثون عن غلاء الأسعار في السلع التموينية تجد أقرب الناس إليهم تجار قد بلغ بهم الجشع مبلغه ويحبون المال حبا جما، من يقومون ببيع إناث الأنعام بنفس راضية للتجار المصدرين، ألا يعلمون قيمة هذا الصنف من الماشية?! من يتحدثون عن ارتفاع أسعار الأراضي هم بأنفسهم من يضعون الأسعار، من يمارسون الغش والاحتيال في الأفران وفي المطاعم وفي رش الخضر والفاكهة بالمبيدات وانزالها للسوق قبل انتهاء مفعول المبيد فيها هم جزء لا يتجزأ منا ولكنهم لا يتورعون ولا يخافون الله عزوجل فيما يفعلونه، من يتحدثون عن ظواهر الاغتصاب وغيرها من تحرشات وانتهاكات للأعراض، هم بأنفسهم من يبالغون في تكاليف الزواج وحرمان الشباب من أبسط حقوقهم الحياتية في الزواج واشباع رغباتهم الإنسانية التي لا تختلف كثيرا عن الرغبة في الطعام والشراب، فمن يصيبه الجوع لا يتورع عن سرقة الطعام، ومن يرى العري والتبرج يصبح فريسة سهلة للشيطان الا من رحم ربي. نحن المسؤولون عن تعذيب الشباب نفسيا في مسائل الزواج، نحن من نلهث خلف المنح الدراسية ونقوم بادخال (الواسطة) من أجل الحصول على فرصة كان الأولى بها فقير يستحقها، ثم نأتي ونقول بأن الحكومة تعطي هذه الفرص لغير أهلها، نحن من نرتضى لأنفسنا بالحصول على فرص عمل ليست من نصيبنا بالتزكيات الحزبية الضيقة دون الخضوع لمنافسات شريفة واتاحة الفرصة للجميع، ثم نأتي ونقول بأن الحكومة هي السبب ونرضى لأنفسنا بالمرتبات الشهرية التي تصبح حرام علينا في هذه الحالة. حقيقة نحن من نصيب بلادنا وقيمنا وأخلاقنا بالداء ثم ندعى أن الدواء هو ذهاب حكومة المؤتمر الوطني، نحن من نرتكب في حق أبنائنا وبناتنا أفظع الجرائم الإنسانية التربوية بتعليمهم حب الدنيا والأنانية واللهث خلف تأمين المستقبل الذي نظنه بأيدينا ولا نعلم ما تخبئه الأقدار لنا.. نحن من ابتعدنا عن الحقيقة وتشربت نفوسنا بحب التبرير لأخطائنا. حكومة المؤتمر الوطني، جزء لا يتجزء من هذه الفوضي التي غرق فيها المجتمع السوداني، ويتمثل دورها في حماية هذه المخالفات فينا وذلك في عدم محاسبتها للجناة، وعدم تفعيل القوانين، فالمسؤول المجرم منا تتم مكافأته على جرمه، وترفيعه لأعلى الدرجات، وعقوبة من يسرق المال العام التحلل، وعقوبة من يفشل في إدارة الوزارة ويتضجر منه الناس أن يتم تحويله لوزارة أخرى، فلم نسمع بمسؤول تم سجنه ومحاسبته إلا إن كان جرمه قد فاحت ريحته وصارت أنتن من الجيفة، فالفساد في المسؤولين أضحى درجات، والعقاب يتراوح ما بين التحويل لوزارة او ادارة أخرى وما بين التحلل والإقالة. ما هو الخلاص والحل لنبني جيلا سليما معافى أخلاقيا واجتماعيا وعلميا ليقوى اقتصادنا وتقوى حياتنا في مختلف توجهاتها..?! الإجابة.. (لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح بها أولها..). أخيرا.. سيظل الخير في الشعب السوداني قائما للأبد، فقوتنا من موروثاتنا الاجتماعية وتميزنا كسودانيين من بين جميع المجتمعات الأخرى نابع من سماحتنا وبساطة الحياة فينا وصبرنا على نوائب الدهر.. نحن سودانين ويكفي أننا سودانيين... علي بابا