1 خبر نشرته صحيفة البعث واحتفت بإعادة نشره صحف إلكترونية أخرى ذات (يافطات) سياسية معارضة.. وكثيرة الحديث عن الحريات وعن حقوق الإنسان وغيرها من الكلمات والعبارات المفتاحية لنقد الحكومة. الخبر – لو صح أو لم يصح – يقول إن الحكومة أو ولاية الخرطوم بدأت حملة صيانة وترميم لمقابر اليهود في المنطقة الصناعية في الخرطوم وذلك بإزالة المساكن العشوائية وأكشاك صيانة وتركيب زجاج السيارات حولها وقد اكتملت المرحلة الأولى من العملية وأن مديرة وحدة المنطقة الصناعية بمحلية الخرطوم قالت إن ولاية الخرطوم تعتزم الاتصال بعدد من الأسر اليهودية في السودان لتتولى الإشراف على المقابر والاعتناء بها، وحمايتها من أي تغوّل. وتم نشر الخبر هذا تحت عنوان (الخرطوم تؤهل مقابر اليهود وتتأهب للتطبيع مع إسرائيل).. ثم تطالع في تفاعلات المعلقين على الخبر شحنات من الشتم والإدانة للحكومة على فعلتها (الإجرامية) تلك وهي تقوم بهذا العمل. نفس هذه المنابر التي لا تزيد حجم ذاكرتها عن حجم ذاكرة (السمك البلطي) كانت تعيد نشر مقالات وتحقيقات نقلاً عن الصحافة السودانية على مدى سنوات طويلة تجرم الحكومة وتدينها أيما إدانة على إهمالها لهذه المقابر المعروفة في المنطقة الصناعية في الخرطوم والتي تحوي حوالي 60 قبراً وتتحدث عن إهمال يهزم الإنسانية كما وصفه عنوان إحدى المقالات المنشورة في صحيفة إلكترونية معارضة اسمها صوت الهامش العام الماضي. وكذلك صحف أخرى إلكترونية كان المتفاعلون مع موضوعات إهمال الحكومة لمقابر اليهود يكيلون الشتم نفسه والنقد الصارخ لقيادات الإنقاذ ويصفونهم بعدم الإنسانية كونهم لم يحترموا حرمة المقابر وتركوا مدفنة اليهود مهملة حتى صارت وكراً للإجرام لدرجة أن هناك عمليات تصنيع للخمور البلدية كانت تتم – بحسب زعمهم – بين شواهد تلك القبور. يا حزب البعث السوداني.. يا من تصرون على التمسك بلافتة فكرية جميع تجاربها ملطخة بدماء الشعوب العربية التي حكمتها وذبحتها الأنظمة البعثية في العراق سابقاً وسوريا حالياً. ليس لديكم لسان تتحدثون به عن فكر إنساني من أساسه لأن مرجعيتكم الفكرية محترقة تماماً في الذهن العام ومرتبطة بالفظائع والجرائم غير المسبوقة ضد الإنسانية. ما العلاقة بين ترميم مقابر اليهود المهدمة في الخرطوم وتنظيفها وبين تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني؟.. وهل معاداة الكيان الصهيوني للعرب تعني بالضرورة وبالمقابل معاداة العرب لجميع معتنقي الديانة اليهودية داخل قبورهم..؟!! أليس هناك فرق وفرق واضح ومفهوم للجميع بين الحديث عن اليهود أو المسيحيين أو أصحاب أية ديانة أخرى وبين الحديث عن الكيان الصهيوني العدو للعرب وللمسلمين؟! هناك أسر يهودية نعم هي قليلة جداً عاشت في السودان في فترة من فترات التاريخ عمل بعضهم في التجارة والزراعة ثم جاءت فترة أخرى غادر فيها هؤلاء السودان وتركوا هذه المقبرة التي من المفترض أن يحسب وجودها حتى اليوم للشعب السوداني ولقيمه ولأخلاق التسامح الديني فيه.. ويحسب أيضاً هذا الترميم لمن خطط له واعتزم تنفيذه. أعتقد ان ترميم مقابر اليهود تفكير إيجابي وجيد لتنظيم وجه العاصمة جمالياً وبيئياً كما أنه يعبر عن روح تسامح ديني راقية ليتها سادت وساد التسامح في كل شيء في السودان. شوكة كرامة لا تنازل عن حلايب وشلاتين. اليوم التالي