يقول ابن خلدون "إن التاريخ هو سؤال الحاضر للماضي" وليعلم الجميع أن من لا ماضي له لا مستقبل له. والتاريخ سلسلة من الحلقات المتصلة والمترابطة، وكثير منا عندما يذكر التاريخ يستحضر الماضي مباشرة وما به من أمجاد وانتصارات تفوق الوصف والخيال، فما بال الأمة اليوم وقد توقفت عن مواصلة صناعة تاريخها، حقاً ما أعظمه تاريخ يفخر به المسلم بعد مئات السنين، وحري بالجميع أن يكون على التواصل معه، والارتباط به واستكمال مسيرته دون توقفٍ أو تراجعٍ. فمن دخلوا أبواب التاريخ المزيف كُثُر منهم: المجرمون، والعصاة، بل والمرتدون، وأدعياء العلم، والطغاة، وأباطرة الحرب والمال، والراقصون، .. من غثاء الأمة وحثالتها!! فالخوارج والشيعة حفلت بهم الكتب، والمعتزلة شغلوا الناس بفلسفاتهم وأفكارهم وكلامهم, والمغول والصهاينة دخلوا التاريخ من باب وحشي دموي, والبهائية دخلوه من باب الخيانة والاستعمار، وغيرهم ممن مضوا دون إنجاز، ودون صناعة حقيقية للتاريخ. ولنعلم أن من صنعوا تاريخ الأمة في السابق أناس ليسوا خلقاً من كوكب آخر بل أكثرهم عاصر ظروف القهر، والظلم، والاستبداد، ولكن الفارق بينهم وبين الناس اليوم أنهم كانت لديهم الإرادة، والنية، والجد ،والمثابرة لتغيير واقعهم إلى الأفضل والأحسن، مع الاستعداد الدائم لدفع الثمن مهما كانت تكلفته والتضحيات. وإن من يقرأ في السير والتراجم في تاريخ هذه الأمة ، من يقرأ مثلاً: في كتاب وفيات الأعيان لابن خلكان، أو في كتاب شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي، أو في كتاب تاريخ الأمم والملوك للطبري، أو في الأعلام الزركلي، أوفي البداية والنهاية لابن كثير .. وغيره ليعجب من أمر هذه الأمة لما كانت عليه من العز، والمنعة، والسؤدد، ولما وصلت إليه من حال. ولكن الخير ما زال في هذه الأمة ما دامت فيها الحياة {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} (آل عمران: 110) فالمسلمون في عصرنا الحاضر إنّما عجزوا عن صناعة تاريخهم وصونه؛ لاتباعهم الشرق والغرب وبعدهم عن شرع الله القويم، فإنّه الدين الوحيد، المطابق للعقل، والفطرة، والبرهان، والمنطق. أسعدتم أوقاتاً. د. محمد آدم عثمان