شاهد بالفيديو.. وسط سخرية غير مسبوقة على مواقع التواصل.. رئيس الوزراء كامل إدريس يخطئ في اسم الرئيس "البرهان" خلال كلمة ألقاها في مؤتمر هام    إسبوعان بمدينتي عطبرة وبربر (3)..ليلة بقرية (كنور) ونادي الجلاء    لاعب منتخب السودان يتخوّف من فشل منظومة ويتمسّك بالخيار الوحيد    ⛔ قبل أن تحضر الفيديو أريد منك تقرأ هذا الكلام وتفكر فيه    الدب.. حميدتي لعبة الوداعة والمكر    منشآت المريخ..!    إلي اين نسير    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    صلوحة: إذا استشهد معاوية فإن السودان سينجب كل يوم ألف معاوية    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    كامل إدريس في نيويورك ... عندما يتفوق الشكل ع المحتوى    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    إجتماع بسفارة السودان بالمغرب لدعم المنتخب الوطني في بطولة الأمم الإفريقية    بولس : توافق سعودي أمريكي للعمل علي إنهاء الحرب في السودان    عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    البرهان وأردوغان يجريان مباحثات مشتركة    شاهد بالفيديو.. أسرة الطالب الذي رقص أمام معلمه تقدم إعتذار رسمي للشعب السوداني: (مراهق ولم نقصر في واجبنا تجاهه وما قام به ساتي غير مرضي)    بالصورة.. مدير أعمال الفنانة إيمان الشريف يرد على أخبار خلافه مع المطربة وإنفصاله عنها    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صراع الجبابرة... على شاطيء جزيرة مقرسم!
نشر في الراكوبة يوم 24 - 07 - 2013

بالجزيرة بئران للمياه العذبة وأعداد من الماعز البرية ومقابر وآثار لمساكن قديمة، بحسب إفادة أبناء المنطقة توجد مقابر أخرى، من بينها قبر ولي اسمه عباس على الضفة الأخرى.
- الجزيرة كانت ملاذاً لأهالي المنطقة في فصول الصيف وتأريخياً أيام حروب المهدية، وقبلها كان السكان يجلون إليها الأسر من النساء والأطفال والعجزة لحمايتهم من حمى المعارك التي كان يقودها فرسان القبيلة ضد الغزاة.
- تستعد شركة الشيخ مصطفى الأمين لاتخاذ الإجراءات القانونية التى تؤكد ملكيتها للجزيرة، بموجب تصديق صادر عن إدارة الاستثمار فى العام 2002م
تحقيق: عبدالقادر باكاش
كانت مغامرة بالنسبة لي.. فلأول مرة أصعد البحر بالمراكب الخشبية متجهاً نحو جزيرة مقرسم بالبحر الاحمر قبالة مدينة محمد قول، المركب الخشبي تتناوشه الأمواج العاتية ورؤوسنا المكشوفة تلفها الشمس الحارقة والجزيرة التي تُرى من على الساحل عندما شرعنا في الإبحار إليها بدت وكأنها تزداد منا بُعداً كلما نقترب منها بعد رحلة امتدت للساعة والنصف، كان المرسى الأول عبارة عن منطقة ضحلة يصل عمقها لأقل من متر تقريباً نزلنا من المركب قاصدين ساحل الجزيرة ويابستها التي توجد بها عشرات المقابر بجوار مساكن قديمة وآثار لحياة بدوية قديمة بجانب بئران إحداها عذبة والثانية مياهها حامضة نسبياً. تلك هي جزيرة مقرسم المتنازع عليها بين المستثمريْن (الوطني) دياب إبراهيم دياب و(السعودي) أحمد عبد الله الحصيني، مع العلم بأن طرفاً ثالثاً ظهر مؤخراً سنتعرف عليه في السطور القادمة.
ويسألونك عن مقرسم
هي عبارة عن جزيرة كبيرة وممتدة في بعض أرجائها أشجار ونباتات وحشائش. رافقني خلال رحلتي إليها عمدة المنطقة حسن حسين والبرلماني آدم وافي والقيادي الأهلي محمد أحمد والمواطن محمد حسن حمد، (من كانوا معي من سكان محمد قول قالوا إن هذه الحشائش تستحق أن يأتوا لها بمواشيهم) المسافة التي قطعناها بالأرجل على الجزيرة في جولتنا الأولى تقدر بحوالي الاثنين كيلو متر تفقدنا خلالها المقابر وآثار المساكن والآبار وأماكن الرعي المأهولة بالحشائش ثم عدنا مرة أخرى للقارب للإبحار لمنطقة المنشآت التي تخص مشروع قلب العالم وفي البال تصريح الحصيني الذي قال فيه (أنه تم حالياً الانتهاء من أساسيات المرحلة الأولى التي يحتاج تنفيذها خمسة أعوام، واكتمل بناء المسجد، وفندق صغير، ومكاتب إدارة الجزيرة) غير أنني وجدت أن هذه المنشآت المزعومة ليست سوى هياكل حديدية عبارة عن ثلاثة هياكل قائمة على جملونات بجانب قطع قليلة متناثرة من الحديد وأكياس أسمنت لا تعدو أن تكون سوى اثنين طن على أحسن الفروض ووابورين صينيين معهما أدوات لحام متناثرة. تشير مصادر بالشركة – فضلت حجب اسمها لأنها غير مخولة بالحديث باسم الشركة- الى أن الهياكل المعدنية عبارة عن مكاتب مؤقتة للعاملين بالمشروع – لمدة عامين- ينتظر وضع اللمسات الأخيرة لإكماله كما هو معروف فى مثل هذه المباني، وتضيف ذات المصادر أن العاملين بالمباني تعرضوا للاعتداء من بعض معارضي المشروع مما تسبب فى عرقلة العمل قبل صدور الأحكام القضائية. وبالعودة للمبنى الكبير الذي قيل إنه مكاتب ادارية هو عبارة عن فرندة نصف دائرية في شكل سمكة مسقوفة بسقف زنكي، وما سواها عبارة عن هياكل وجملونات، من الطريف يوجد بالموقع أربعة خفراء يتبعون للمستثمر الوطني دياب إبراهيم دياب وشرطيان مهمتهما حراسة مواد شركة الحصيني (قلب العالم)، علمت فيما بعد أنه بعد إيقاف عمال شركة الحصيني تم فرض حراسة من شرطة المحلية لمعدات شركة الحصيني لحين إنتهاء وكيله من تسوية خلافاته مع حكومة الولاية وعندما تم تسليم الجزيرة لأعمال دياب بأمر قضائي صادر من محكمة الطعون الإدارية بالمحكمة العليا تم حصر معدات الحصيني وتم تعيين خفراء لحراسة الجزيرة كلها وليس مواد الحصيني باعتبارها خضعت لسلطة شركة دياب إبراهيم دياب ويدفع حاليا دياب أجور ومصاريف العمال الخفراء هناك رغم أنه لم يأت بعد بأي شيء يخص شركته نسبة لاستمرار مراحل التقاضي بينه وشركة الحصيني..
رحلة شاقة
لم تكن الرحلة إلى مقرسم مفروشة بالورود والرياحين بل إن الوصول إليها كان أقرب إلى المغامرة، فالرحلة على الطريق البري من بورتسودان إلى محمد قول المتاخمة للجزيرة تستغرق نحو الساعتين لمسافة تصل لمائة وخمسين كيلو متر، ومنها تبدأ رحلة الشقاء في لجاج البحر الأحمر بالمراكب الخشبية التي تتقاذفها الأمواج العاتية نحو الجزيرة التي تقع على بعد نحو ثمانية كيلو مترات هي عبارة عن جبل قائم داخل البحر بارتفاعات متفاوتة به القمة والسهل والساحل. وتعتبر هذه الجزيرة أكبر الجزر البحرية بالمياه السودانية تمتد طوليا في محاذاة الساحل القريب الذي يبعد نحو (8 كلم) وهي جزيرة جبلية كان بها عدد من السكان الذين يعيشون على صيد الأسماك. وبالجزيرة بئران للمياه العذبة وأعداد من الماعز البرية ومقابر وآثار لمساكن قديمة، بحسب إفادة أبناء المنطقة توجد مقابر أخرى، من بينها قبر ولي اسمه عباس على الضفة الأخرى، يبلغ طول الجزيرة نحو 6.3 م/ بحري (11.5كلم) وعرضها نحو 1.7 م/بحري (3كلم). يقع إلى الشرق من الجزيرة جبل (ميتيب) على بعد 3.6 م/بحري وهو مستوطنة لأنواع كثيرة من الأفاعي البحرية والطيور.
كلمة عتاب
اخترنا أن تكون البداية بالشخصية المفتاحية هناك عمدة المنطقة حسن حسين أبو علي الذي أبدى دهشته من تناول الإعلام لموضوع الاستثمار في الجزيرة بسطحية، مؤكداً أن ذلك أضرَّ بالقضية نفسها، واستشهد الرجل بأن وسائل الإعلام السودانية لم تصل الجزيرة ولم تكلف نفسها مشقة الاتصال بأهلها لمعرفة حقيقة وواقع المنطقة، ومن ثمَّ أبدى ترحيباً حاراً بمقدم (السوداني) كأول صحيفة سودانية تصعد على سفح جبل مقرسم بحثاً عن الحقيقة. وقال لنا إن الجزيرة هي امتداد لأراضي قبيلته وأنها كانت ملاذاً لأهالي المنطقة في فصول الصيف وتأريخياً أيام حروب المهدية وقبلها كان السكان يجلون إليها الأسر من النساء والأطفال والعجزة لحمايتهم من حمى المعارك التي كان يقودها فرسان القبيلة ضد الغزاة. وأردف أن مقرسم وحتى اليوم هي موطن للقبيلة وأنها مورد رئيس لصائدي الأسماك في المواسم المختلفة ويقصدها السكان في فصول الخريف والشتاء يقضون بها اوقاتهم. ولم يخف امتعاضه من تعامل الحكومة في تصديق الجزيرة لمستثمرين دون إشراك أهل المنطقة كأن الجزيرة أرض مهملة، وشكا مما أسماه تغييب مصلحة شعب المنطقة عن المشروعات المقترحة في الجزيرة.
معتمد جبيت على الخط
أما معتمد محلية جبيت المعادن (الذي تقع الجزيرة ضمن جغرافية محليته) عيسى حمد شيك قال إنهم مرحبون بسياسة استغلال الجزيرة في الاستثمارات التي ستنعكس بلا شك على مواطني المنطقة وتتسبب في تحريك الاقتصاد على كافة أصعده لكنهم في الوقت الحاضر عازمون على تصحيح بعض الأخطاء التي شابت عملية البداية الفعلية لمشروع المستثمر السعودي بمقرسم، فبحسب المعتمد فإن المستثمر السعودي ووكلاءه بالسودان لم يستكملوا بعد الإجراءات القانونية الخاصة بحكومة الولاية ولم يتم الاتفاق معهم على شكل إنفاذ المشروع دون عوائق وبخطى ثابتة وبائنة، المعتمد أوضح أن أعمال الحصيني مطلوب منها تفهم طبيعة المنطقة والاعتراف بحق الأهالي وتعويضهم التعويض المجزي واسترضائهم لضمان قيام المشروع على أسس سليمة، مبيناً أنهم قاموا بتسليم الجزيرة لأعمال دياب إبراهيم إلتزاماً بقرار محكمة الطعون الإدارية غير أنه أكد أن العمل بالجزيرة موقوف حالياً بقرار من حكومة الولاية قبل قرارات المحاكم، ولدى حكومة الولاية رؤية واضحة ستطرحها للطرف الذي يكسب القضية في المحكمة وهي الاستثمار وفق إجراءات وشروط قانون الاستثمار ودستور الولاية.
معارك قانونية
تصاعد الصراع بين المستثمريْن (الوطني) دياب إبراهيم دياب و(السعودي) أحمد عبد الله الحصيني داخل سوح المحاكم حول جزيرة (مقرسم)، هي أن الأول كان يعتزم إقامة محمية حيوانات برية بالجزيرة لأغراض استثمارية وسياحية، ولتحقيق هذا المُبتغى حاز على تصديق للفترة بين عام 2005 م - 2015م... أما الثاني فقد عقد عزمه على إقامة مشروع استثماري كبير اختار له اسم (قلب العالم الاقتصادي) ليشتمل على أبراج ومطار وموانيء ومناطق سياحية، ودشَّن مشروعه بالحصول على تصديق الاستثمار من الجهة المختصة، وذهب الرَّجُل إلى أبعد من ذلك بوضعه لحجر أساس المشروع على يد رئيس الجمهورية في العام 2011 م. لكن عند شروعه في التنفيذ الفعلي فوجئ بمستثمر آخر يحمل تصديقاً من الإدارة العامة لحماية الحياة البرية، ومن هذه البوابة دخلت القضية إلى ردهات القضاء، حيث قرر قاضي محكمة الطعون الإدارية بالمحكمة العليا بولاية البحر الأحمر إبطال مشروع قلب العالم وتسليم الجزيرة لأعمال المستثمر دياب. لكن هنا ينتصبُ سؤال: هل وقف المستثمر السعودي مكتوف اليدين؟، ف(الحصيني) وفي مرحلة لاحقة تقدم بطلب فتح دعوى، ثم تبع ذلك بطلبٍ آخر من مفوضية الاستثمار الاتحادية تم بموجبه وقف تنفيذ قرار تسليم تلكم الجزيرة إلى (دياب) لحين البت في الطلبين (المتصارعين) أعلاه؛ بلا هوادة. فيما أعلن المستشار القانوني لأعمال دياب إبراهيم دياب هاشم فضل كنة المحامي عدم بطلان قرار المحكمة وإنما تم إيقافه لحين البت في طلبات فتح الدعاوى المقدمة من أعمال الحصيني ووزارة الاستثمار. وكشف كنة ل(السوداني) أنه تسلم طلبات فتح الدعوى التي تقدمت بها كل من أعمال أحمد عبدالله الحصيني ووزارة الاستثمار الاتحادية من محكمة الطعون الإدارية بالمحكمة العليا بولاية البحر الأحمر وسوف يرد عليها في الجلسة القادمة، عقب عيد الفطر بإذن الله، موضحا أن الجزيرة الآن بحوزة أعمال دياب وأن قرار وقف التنفيذ يعني أن يوقف التنفيذ في اللحظة التي وصل إليها التسليم عند صدور القرار ولا يعني التنفيذ بأثر رجعي، مشيراً إلى أنهم قد تسلموا الجزيرة فور صدور قرار التسليم وقبل صدور قرار وقف التنفيذ. وقال إن جزيرة مقرسم حالياً العمل موقوف بها ولا يوجد فيها أي نشاط لأية جهة وليست بها أية منشآت تذكر تخص الحصيني. وشدد كنة على سلامة إجراءاتهم وأبدى ثقته في كسب القضية. فى المقابل فإن شركة الحصيني بالخرطوم رفضت التعليق واكتفت بالقول إن حكم المحكمة الأولى ضدهم كان غيابياً من دون وجود ممثل لهم وأنهم توجهوا بعدها إلى المحكمة الإدارية العليا في السودان، وقدموا أوراقهم إلى القاضي الذي أصدر حكم الإبطال نفسه بعد أن تفحص سلامة الوثائق، وأضافت ذات المصادر ل(السوداني) أنهم لا يريدون الحديث فى الوقت الراهن وسيقومون بتوضيح كل الحقائق أمام الرأي العام فى الأيام المقبلة.
طرف ثالث
وفي خضم الاتهامات المتبادلة بين الطرفين واحتكامهما للقضاء، تبقى قضية جزيرة مقرسم معركة قانونية مسرحها قاعات المحاكم، لكن وفي ظل الادعاءات المتبادلة حول وضعية وطبيعة المنطقة، فات على الجميع أن ثمة طرف ثالث يستعد لاتخاذ الإجراءات القانونية التى تؤكد ملكيته للجزيرة، ويقول ناصر الطيب المدير السابق لشركة الشيخ مصطفى الأمين أنهم مالكو الجزيرة بموجب تصديق صادر عن إدارة الاستثمار فى العام 2002، وأنهم فى العام 2006 استخرجوا شهادة خلو طرف من النزاع بواسطة حمد عمدة الكرباب في ذلك الوقت. ويضيف الطيب في حديثه ل(السوداني) أن الإدارة القانونية لشركتهم تدرس الملف وستتقدم فى الأيام القادمة برفع دعواها القانونية، ويمضي فى حديثه ويقول في ظل غياب التنسيق بين المركز والولاية ورسم حدود كل طرف منهم تحدث ربكة كبيرة يكون ضحيتها المستثمرون، ويحمل الطيب إدارة الاستثمار مسئولية ما يجري ويقول كان من المفترض إجراء مسح كامل للأرض قبل تخصيصها لأي طرف.
بين الاستثمار و(الجرَبندية)!!
ونحن نناقش موضوع الاستثمار والمتاريس التي تعتريه بالسودان كان حرىٌ بنا أن نستمع إلى الخبير في شؤون الاستثمار البروفيسور آدم مهدي أحمد والذي قال ل(السوداني): إن الكثيرين من المسئولين يخطئون بفهمهم القاصر للاستثمار، إذ إنهم يحصرونه فقط في تصاديق تُمنح للمستثمرين (والسلام على من اتبع الهُدى)، ولذا نجد أنه بينما استطاعت بعض الدول ان تخلق من العدم فرص استثمار عظمى عادت عليها ببلايين الدولارات، نفشل نحن في السودان عن استثمار فرص عظيمة حبانا بها الله، لأننا لم نصل بعد إلى حقيقة أن الاستثمار علم قائم بذاته وليس خبط عشواء كما يُمارس عندنا منذ الأزل وحتى يوم الناس هذا. ويمضي البروف بقوله: (لبناء استثمار حقيقي لا بد من إنشاء بنية تحتية ممتازة، وبيئة جاذبة، وأمن قوي. ومما يُؤسف له حقاً أن كل الحكومات المتعاقبة لم تكن لها دراية كافية بالاستثمار وبالتالي فأوَّل ما تفعله انها تستعين بكوادر لا علاقة لها البتة بهذا الشأن فحتى وزير الاستثمار الحالي مع احترامنا له هو طبيب ولا علاقة له بالاستثمار الذي يُفترض أن يكون وزيره خبيرا اقتصاديا مُدجَّجا بالتجارب العملية، علاوة على المؤهل العلمي في ذات التخصص. وبالطبع فإن النتيجة الأخيرة هي تضارب القرارات ودمار البنية التحتية ووقوع تخبطات لا يمكن حصرها في الشأن الاستثماري، لأن أي وزير يأتي إلى الوزارة أول ما يفعله هو إلغاء كل ما قام به من سبقه ليبدأ من الصفر، وهكذا يظل الاستثمار قابعا في درك سحيق لا يمكن الخروج منه إلا بكوادر متخصصة ومؤهلة وذات دراية تامة بالاستثمار والاقتصاد عموماً والقوانين التي تحكمهما. وما لم يتم ذلك سيظل الصراع قائما بين المستثمرين والأهالي في عموم مناطق السودان من جهة؛ وبين هؤلاء الأهالي والحكومة نفسها من الجهة الأخرى، كما جرى بضاحية أم دوم وراح ضحية ذلك شاب في مقتبل العمر. علاوةً على المسرحية التي نتابع فصولها الآن ببورتسودان بين المستثمرين السوداني والسعودي والتي لا يعرف أحد إلى أين ستنتهي والسبب في كل ذلك أننا في السودان لا نعرف من الاستثمار إلا اسمه فقط).
المفوضية ترفض التفاوض
المحطة الأخيرة التي خطَّطنا أن نختتم بها هذا التحقيق هى مفوضية الاستثمار، فمن السرد الوارد عاليه نهضت حزمة من الاستفهامات التي كنا نود أن نطرحها على المسئولين بمفوضية الاستثمار الاتحادية حيث اتصلنا (هاتفياً) على المقرر الأعلى للاستثمار السفير أحمد شاور لكن الرجل اعتذر قائلاً إنه الآن يرقد طريح الفراش بمنزله. وأحالنا لوزير الدولة بالاستثمار الصادق محمد علي والذي اتصلنا عليه عدة مرات لكنه تارة يرفض المكالمة وأخرى لا يرد عليها مُطلقاً.. وهكذا غاب رأي المفوضية رغم أهميته النابعة من كونها مسؤولة عن الاستثمار في جميع أرجاء السودان.
نشر بصحيفة السوداني
العدد (2726) بتأريخ
24 يوليو 2013 الموافق الأربعاء 15 رمضان 1434


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.