سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الموارد البشرية" السودانية... لا تتسول ولكن تتجمل.. وزارة لعاطلين, فكريا وإبداعيا وعمليا،،وأكبر دليل على ذلك الفكرة المذهلة التي طرحتها الوزارة أخيراً.
تلك الدول قامت بأكثر مما تقوم به وزارة تنمية الموارد البشرية السودانية, فهي وفرت العمل وبكسب أعلى كثيرا مما لو كان في السودان. عادل النيل وزارة تنمية الموارد البشرية في السودان من الوزارات الغريبة التي ليس لها كبير علاقة بالتنمية أو العمل وتوفير الوظائف لجيوش العاطلين, وهي في الواقع وزارة سلبية لا ثاغية عندها ولا راغية كما لم يسعد منطقها, فهي تسمح بنمو الوكالات الطفيلية للاستخدام الخارجي التي لطالما تلاعبت بأحلام وطموحات شباب وباعتهم "الترماي" من دون إمكانية ملاحقة قضائية أو تنظيمية تضبط أدائها باستثناء الغضبة المضرية الأخيرة للوزيرة بعد أن عربدت إحدى الوكالات بممارسة غير أخلاقية لتصدير سودانيات الى الخارج. وزارة الموارد البشرية لا تنمي شيئا أو تطور كوادر سودانية وتهيئهم لبيئات الأعمال المختلفة, وهي فقيرة وغير مبدعة في انتاج وتوفير الوظائف للعاطلين, من العمل, وبذلك ينتفي عن المسمى جوهر الهدف الحقيقي منها لتصبح وزارة لعاطلين, فكريا وإبداعيا وعمليا, وأكبر دليل على ذلك الفكرة المذهلة التي طرحتها الوزارة أخيراً بمطالبة السودان للدول التي يمدها بكوادر بشرية مؤهلة بدفع مبالغ مالية أو منح نظير ما يوفره من كوادر من خلال مراجعة وتحسين الاتفاقيات الثنائية في مجال العمالة لتتضمن المقترح مستقبلا. وزير الدولة بوزارة تنمية الموارد البشرية احمد كرمنو احمد لم يجد حرجا في طرح المقترح لأنه على ما يبدو يعمل في واد والسودانيون في واد آخر, وإذا كان وفقاً لقوله إن السودان يدفع سنويا بآلاف الكوادر البشرية التي تستفيد منها الدول الأخرى, فإن وزارة العمل ابتداء ثم جهاز المغتربين السوداني يبدآن مرحلة امتصاص دماء المغتربين منذ حصول السوداني على عقد عمل وحتى يتوفاه الله أو ينهي عقده ويعود لبلاده, وإن كان حصاده قبضة ريح فقد لا يعذر ويطالب بقائمة قبيحة من الرسوم. ليس من حق وزارة تنمية الموارد البشرية أن تطالب الدول التي تعمل بها الكوادر السودانية برسوم نظير تشغيلهم, فهي ليست صاحبة حق لأنها بذلك تضيق لا محالة على السودانيين وتدفع تلك الدول لفرض رسوم خدماتية تعوض بها ما تأخذه الوزارة السودانية, هذا على فرض قبول تلك الدول لشرط الوزارة التعسفي وغير المنطقي, ثانيا أن القرار ينطوي على إنكار سخيف لاحتضان تلك الدول للسودانيين وانتشالهم من وهدة الفقر والمعاناة التي لم تفعل معها الوزارة شيئا من أجل إغراء الكوادر بالبقاء والعمل في بلادهم, ثالثا تدمير قيمة الكادر السوداني وهوانه وإضعافه بوزارة تتسول ولكنها تتجمل على حساب معاناة السودانيين الذين تطاردهم بفقر بلادهم وعجزها وقلة حيلتها عن الاحتفاظ بهم والمحافظة عليهم. الوزيرة ووزير الدولة بهذا المقترح الذي أقل ما يوصف به أنه غير عقلاني وسمج, يجب أن يعلنا صراحة فشلهما ويأسهما وعجزهما ويشفعان ذلك بتقديم استقالتيهما لأنهما غير جديرين بتقديم حلول عملية وواقعية لا تمس شرف السودان والسودانيين, فما يقترحانه من السوء بما يدمر أي قيمة عملية للسودانيين ويجعلهم أكثر رخصا في أسواق العمل من كثير من العمالة التي تتعب من أجلها الوزارات المعنية بتطوير الموارد البشرية وتهيئتها, فهل لوزارتنا أي برامج أو مشروعات أو خطط لتهيئة وتطوير خبرات وقدرات السودانيين الذين قد تدفع بمقترح الرسوم على البلدان التي تستضيفهم لديها? اعتقد أن الوزارة وفي ظل عجزها عن رفع الكفاءة المهنية وتوفير فرص العمل داخل وخارج السودان مطالبة بمقترح آخر وهو أن تفكر في مكافأة الدول التي تمنح السودانيين حق العمل في أراضيها وليس فرض رسوم عليها, فمجرد التفكير في فرض الرسوم على الصعيد الإنساني أمر غير أخلاقي وينطوي على عدم حس إنساني بدور تلك الدول في توفير الحياة الكريمة للسودانيين والتي لم يجدوها في بلادهم ووفرتها لهم, كما أنها شريك أصيل لملايين السودانيين في رفع مستوى معيشتهم بأحسن منه لو كانوا في بلادهم التي رحلوا عنها ولم يفتح الله على وزارات مثل هذه الوزارة أن تعمل على إبقائهم داخل وطنهم بل وتلاحقهم بالرسوم واستسهال الجباية غير الإنسانية منهم والآن تطورت الى الجباية من دول العالم! تلك الدول قامت بأكثر مما تقوم به وزارة تنمية الموارد البشرية السودانية, فهي وفرت العمل وبكسب أعلى كثيرا مما لو كان في السودان, كما أنها تمنح الكادر السوداني فرصة لتطوير نفسه بمعينات العمل التي توجد بها, وهي غالبا وفقا لأحدث المواصفات وتواكب التطورات التقنية في العالم, فهل لدى الوزارة أي قدرات علمية أو مهنية لتطوير الكادر السوداني قبل أن يدفع دم قلبه ويبيع ما حيلته ثم يهاجر وما على الوزارة بعد هذا غير ملاحقته بالرسوم والجباية? وللحقيقة المقترح غير أخلاقي أو وطني أو إنساني ولا يدل على سلوك كريم وتطور سلبي في انهيار كرامة السودانيين, وهذا أفضل ما فعلته الوزارة المعنية بتنمية الموارد البشرية مما يدل على أن هناك خللاً في فهمهما لمعنى تنمية الموارد البشرية للكادر السوداني وكأنه قطيع خراف أو أغنام تربيه وتعلفه ثم تصدره بأعلى مما لو تم بيعه محليا... قليل من الحياء ودراسة الأفكار والمقترحات بصورة علمية غير مرتجلة يفيدنا كثيرا, وإذا لم يتمتع طاقم الوزارة بذلك, ويبدو أنه لا يتمتع فعلا, فعليهم بالصراحة ذاتها في إطلاق المقترحات التعسفية أن يعلنوا استقالاتهم ويتركوا مواقعهم, فهي لو خالية مع مثل هذا الشغل العشوائي أفضل للسودان والسودانيين. كاتب سوداني [email protected]