وسط أنباء عن ارتفاع عدد القتلى في أسوأ اضطرابات يشهدها السودان منذ سنوات، خيّم التوتر أمس على معظم مناطق البلاد خصوصاً في العاصمة الخرطوم، التي شهدت انتشاراً غير مسبوق لقوات الشرطة والجيش لمواجهة موجة تظاهرات جديدة أشعلها يوم الاثنين قرار رفع الدعم عن المحروقات. وفي حين استمر الرئيس عمر البشير في لزوم الصمت بشأن حركة الاحتجاج الآخذة في الاتساع، حذر والي الخرطوم عبر التلفزيون من أن الشرطة ستتصدى لأي "مساس بالأمن أو الأملاك أو الأشخاص"، في حين أصر المحتجون، الذين حاولت الشرطة تفريقهم أمس بقنابل الغاز، على إسقاط النظام. وتحدى المتظاهرون في الخرطوم ومدينة أم درمان التعزيزات الكبيرة للشرطة، التي تساندها نقاط من قوات الجيش التمركزة في محيط بعض المباني العامة بينها شركة الكهرباء، وسارت حشودهم صوب الأسواق الرئيسية رافعين لافتات "لا لا لزيادة الأسعار". وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع بعد أن سارت الجموع مسافة 2 كيلومتر تقريباً بوسط أم درمان، بينما ألقت أعداد كبيرة بقيت في الشوارع الحجارة على أفراد الشرطة وأشعل آخرون النيران في سيارات. وفي وسط الخرطوم، انتشرت شاحنات محملة بالمدافع المضادة للطائرات التي لا تستخدم عادة إلا في مناطق الصراع مثل دارفور في غرب السودان. وجاب أكثر من 100 من جنود الجيش والشرطة وأفراد أمن في ملابس مدنية ومسلحين ببنادق الكلاشنيكوف وأسلحة أخرى منطقة الإدارات الحكومية. إلى ذلك، اتهمت منظمة العفو الدولية ومقرها لندن والمركز الإفريقي لدراسات العدل والسلام ومقره نيويورك "قوات الأمن بقتل 50 سودانياً في مختلف أنحاء البلاد، موضحة أنها "أطلقت النار بقصد القتل باستهداف صدور المحتجين ورؤوسهم". وقالا، نقلاً عن شهود وأقارب قتلى وأطباء وصحافيين إن من بين القتلى فتى عمره 14 عاماً، بينما تتراوح أعمار معظم الضحايا الآخرين فيما يبدو بين 19 و26 عاماً، في حين جرى اعتقال المئات. في الأثناء، دعا حزب الأمة بزعامة رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي في بيان أعضاءه إلى المشاركة في التظاهرات و"الشعب السوداني إلى تكثيف الاحتجاجات"، هتف المتظاهرون خلالها: "حرية حرية" و"الشعب يريد إسقاط النظام"، مستعيداً بذلك شعارات شهيرة لموجة ثورات واحتجاجات الربيع العربي.