لو صاح ديك الحبش مرة بلغة يفهمها الإنسان لقال للبشر ما قاله الفرزدق لجرير وأكثر، لأنه في كل عام، وفي ساعات معدودات من ليلة عيد الميلاد، يضع العالم على الموائد وغيرها أكثر من 100 مليون ديك من فصيلة يختلفون على اسمها دائماً، لكنهم يتفقون على اختيارها هي بالذات لالتهام عشرات الملايين من طيورها في ليلة واحدة، فما السر؟ إنه طير ارتبط اسمه دائماً باسم دولة، ومهما بحثت فستتعب ولن تعرف السبب بعضهم نسبه الى الحبشة وسماه ديك الحبش، وآخرون ربطوا اسمه بتركيا، لأن الأوروبيين، والبريطانيين بشكل خاص، ظنوه قبل 400 عام من فصيلة دجاج أنغولا الذي كان يتم استيراد طيورها ذلك الوقت عبر تركيا، فأطلقوا عليه اسم "توركي" واستمر الاسم الى الآن. وفي عالم اللغة البرتغالية يسمونه بيرو، لأنهم ظنوه من البيرو، لكن اسمه في الحقيقة ارتبط بالهند قبل سواها.. هكذا سماه من اكتشفه حين رآه وتذوق طعم لحمه كأول أوروبي جاء به أتباعه الى مذبح الأفراح. يكتبون عن هذا الديك غير القادر تماماً على الطيران المريح، أن كريستوفر كولومبوس هو أول من اكتشفه عام اكتشافه لأرض لم يكن يعلم بأنها قارة جديدة، بل ظنها الهند الغربية، لذلك ما إن رآه حين وطأت قدماه القارة الأمريكية في 1492 وتأمل في شكله الغريب وصوته الأغرب حتى أطلق عليه اسم "دجاجة الهند" أو "غالينيا دا إنديا" بلاتينية ذلك الزمان، وهو ما اختصره الفرنسيون الى "داند" المشير بأنه من الهند ولم يأت من تابع الرحلات الى أمريكا بعد كولومبوس بأي ديك من القارة الى أوروبا الا في 1511 وجاؤوا به من المكسيك، لذلك فالديك يحتفل هذا الميلاد بمرور 500 عام على وصوله الى القارة التي تلتهم شعوبها منه في ليلة واحدة أكثر من 45 مليون طير في ليلة واحدة، بحسب ما تؤكده جمعيات متنوعة عن الحيوانات، ومعظمها يؤكد أن أكثر من 100 مليون ديك يتم ذبحها للاستهلاك ليلة الميلاد في 5 قارات في أكبر مجزرة طيور بالعالم. وديك الحبش متنوع الأحجام والأوزان، فحين يبلغ شهرين من العمر يصل وزنه الى 5 كيلوغرامات كمعدل، خصوصاً الرومي البرونزي اللون. أما اذا بلغ من العمر 6 أشهر تقريباً فإن وزنه قد يصل الى 12 و13 كيلوغراماً، أي أنه يكفي لعائلة من 10 أفراد يتجمعون حوله وهو مشوي بالنار، متكاتفين على تناول لحمه شريحة بعد شريحة حتى لا يبقى منه الا العظام.