أوردت شبكة الشروق تصريحا للسيد الصادق المهدي أفاد بعزم الاتحاد الأوروبي الترتيب لتنظيم مؤتمر جامع تشارك فيه الأحزاب والقوى السياسية السودانية كافة، ويشمل من هم في الحكم وخارجه، من أجل إيجاد منبر لحل سلمي لقضايا السودان. وهذا لعمري تناقض واضح لمواقف السيد الإمام الذي دأب على تأكيد حتمية سودانية الحل وعدم اللجوء للأجنبي لحسم الخلاف الداخلي خوفاً من تكرار تجربة الصومال وأفغانستان وليبيا. ما الذي استجد؟ هل يأس السيد الإمام من قدرات شعبه السلمية أم أن الضغط الشعبي الكاسح دفع السيد الإمام نحو خطوة إستباقية للجم تطور الغليان الشعبي؟ نقرأ هذا التصريح والإمام قد حقب عفشه بصالة الانتظار بمطار الخرطوم الدولي للسفر إلى كمبالا لمحاورة الجبهة الثورية التي ربما تستضيف السيد الإمام في مليط إذا ما صدق بيانها الأخير. لا نملك إلا أن نشعر بالريبة حول ما رشح عن لقاء السيد الإمام سراً بالسيد النائب الأول الأمر الذي يوحي بطبخة يعد لها أهل الحل والعقد على نار هادئة. هذه التقاطعات المدهشة ما بين تحركات مبعوث أوباما الخاص المكوكية و"جقلبة" الاتحاد الإفريقي ما بين الخرطوم وجوبا ومن ثم دعوة الاتحاد الأوروبي للدخول إلى حلبة الصراع لهي دليل واضح على تفاقم أزمة النظام، وسعيه المحموم عبر الشريك غير المعلن في السلطة للبحث عن مخارج. لقد صدع السيد الإمام رأس الشعب السوداني برفضه للتدويل وإصراره على سودانية الحل فظللنا ردحاً من الدهر نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً. وها نحن قد أصبحنا موعودين بمؤتمر سوداني تحت رعاية دولية لحل قضايانا العالقة. رعاية الاتحاد الأوروبي لا شك ستصحبها "حزمة جزر معتبرة" على رأسها مباركة لقرار الاتحاد الأفريقي بعدم أحقية محكمة الجنايات الدولية في مسائلة الرؤساء على رأس العمل ويمكن أن يكون بهارها إعفاء بعض الديون أو إعادة هيكلتها. وهو أمر قد تقبله الإدارة الأمريكية على مضض تحت ضغط فضيحة التجسس على دول الاتحاد الأوروبي وبالتالي ستكون طبخة "مسبكة" يبتلعها محمد أحمد المسكين وهو صاغر. نحن غير معنيين بما يجري في الغرفات المغلقة بل بالمواقف المعلنة.. هل سبق أدانت السيدة ممثلة الاتحاد الأوروبي سلوك النظام تجاه المتظاهرين السلميين في سبتمبر؟ ... هل اتخذت أي موقف إيجابي تجاه قضايا الشعب السوداني؟ وما الذي سمعناه من السيدة "مارسدين" طوال فترة تمثيلها للاتحاد الأوروبي في السودان عن قضايا الهامش والحرب الأهلية؟ في هذا الوقت يشتعل فتيل الأزمات واحدة تلو الأخرى وتتكالب الملمات على النظام وتفرض عليه حصاراً محكماً.. وعلى رأس هذه القضايا المشتعلة استفتاء أبيي الذي يجرية دينكا نقوك من جانب واحد بما سيقود حتماً لمواجهة غير معلنة بين النظام والاتحاد الأفريقي من جهة ومع إدارة أوباما التي تعتبر نفسها عراب دولة جنوب السودان من ناحية أخرى. نقرأ هذه الأحداث مع التحركات الواسعة التي يجريها ما يسمى بالحراك الإصلاحي ودعوة حزب الترابي لهم للانضمام إليهم ومباركة الخال الرئاسي لهم.. والاحتفاء غير المسبوق من وسائل الإعلام بهذه المجموعة التي تمهد الطريق أمام قطاع كبير من زبانية النظام طوال ربع قرن لغسل أيديهم من دماء السودانيين .. وتطهيرهم من ذنوب تجويع الشعب وإذلاله ونهب ثرواته. الهدف النهائي لكل هذه التحركات هو إعادة إنتاج نفس النظام بوجوه شائهة.. لم تعد فصاحة اللسان كافية لخلق قائد سياسي فشباب السودان قد وعى الدرس جيداً ويعلم أن الفكاك من هذه الحلقة المفرغة التي ظلت البلاد تدور فيها لأكثر من ستين عاماً لا يكون إلا من خلال إعادة صياغة شاملة للواقع السياسي والاجتماعي والثقافي دون ترقيع وتجميل لوجوه شاهت وأطروحات بادت ودون استجداء للأجنبي على موائد العشاء الفاخرة لمد يد العون.. بل "بي ضرعات أولادنا" سيتم التغيير وحين تأتي الساعة فهي لن تبقي ولن تذر. [email protected]