قال الطيب صالح إن السودان به مشاكل كثيرة ومصر في غني عن هذه المشاكل حقا. كان واضحا لي أن الطيب صالح لا يرتاح للخط الإسلامي للدكتور حسن الترابي ولكنه لم يقل ذلك مباشرة فقد كان رحمه الله حريصا في تعبيراته ويختار كلماته جيداً. الآن يقف السودان علي عتبة التقسيم، لا حول ولا قوة إلا بالله. ماذا يفعل شخص مثلي نشأ وترعرع في ظل الثورة المصرية وأحلام أمة عربية واحدة.. شخص يري أن سوريا جزء من مصر.. ومصر امتداد السودان إلي الشمال، طبعا الجهل وعدم الواقعية العنيدة هي من أهم أسباب نكبة العالم العربي في العراق وفلسطين المحتلة والآن في انقسام السودان إلي شطرين. العزاء الوحيد أو الأمل الوحيد الواقعي هو كون السياسة الخارجية المصرية هي الآن أنجح سياسة خارجية عرفتها مصر منذ فترة طويلة. من الايجابيات التي لا يمكن أن يختلف عليها أي شخص مهما كان لونه السياسي أن عهد الرئيس محمد حسني مبارك هو عهد العلاقات المتميزة بأغلب الدول المهمة في العالم، لذلك أعتقد أن مصر سوف تجتاز هذه الفترة الحرجة وسوف تبقي علي علاقات الاخوة والصداقة ووحدة المصير مع السودان شمالا كان أو جنوبا وأن موسم الانفصال في الجنوب سوف يمر وتبقي العلاقات التاريخية العميقة بين بلدان وادي النيل. وأخيرا أرجو من كل من يغالي في التشدد والخلط بين الدين والسياسة في مصر أو أي دولة أخري أن ينظر بعين الاعتبار والاتعاظ إلي ما حدث في السودان وعلي أقل تقدير أقول الحكمة الانجليزية الشهيرة «إن الطريق إلي جهنم مفروش بالنيات الحسنة لبعض الناس». في العالم الذي نحيا فيه الآن لا تكفي النيات الحسنة بتاتا، بدون اعتبارات كاملة للواقع لا يمكن أن تكون هناك سياسة خارجية ناجحة للعالم العربي والمسئولية عن الفشل الحالي لا توجد بتاتا لا في القاهرة ولا في الرياض وإنما يجب البحث عنها في أماكن أخري. د. محمد النشائى