منذ زمن ليس بالقريب، كانت الصراعات بين سلفا كير ميارديت رئيس جمهورية جنوب السودان و نائبه رياك مشار حول السلطة تدور تحت الطاولة. متكئا على نفوذه بحكم السلطة، ووسط العسكر اتخذ سلفا كير قرار نقل الصراع إلى العلن في يوليو الماضي بإقالة مشار من منصبه، صمت الرجل وإن كان في الصمت حديث بمنطق القبلية المتحكم في هذا البلد. ولأن صراع الكلمة فقط فعل ماض وفق قواعد الديمقراطية التي يمارسها ساسة الدولة الوليدة، اُعرب عن الأزمة بلغة السلاح التي يفهمها الجميع. محاولة انقلابية .. هكذا برر سلفاكير لشعبه أصوات تبادل إطلاق النار التي سمعت داخل إحدى الثكنات العسكرية في العاصمة جوبا، يقف خلفها نائبه المعزول، تهمة لا يعرف ما إذا كانت هي التي دفعت مشار للجوء لإحدى السفارات الأجنبية، أم فشل المحاولة. لكن بتجاوز التوصيفات والنفاذ لما خلف المواجهات، مع معرفة بسيطة بتاريخ البلاد، يسهل التكهن أن الجنوبيين وضعوا أرجلهم على بداية طريق الحرب الأهلية الطائفية، بين الدينكا أكثر قبائل جنوب السودان عددا و النوير أشدهم بأسا وفق التجربة، مرحلة نسي سلفا كير أو تناسى أنها ستكون النهاية الحتمية إذا ما استمر في سياسة إقصاء منافسيه داخل الحركة الشعبية أو خصومه في المعارضة. لكن يبدو أن ما يجري في جنوب السودان من موت مجاني رغم كل ما عاناه الجنوبيون، إذا وضع على ميزان المنطق فإنه قد يرجح كفة "واندينق" و هو أحد سلاطين الكجور عند قبيلة النوير تقول أسطورة قديمة يتداولها الجنوبيون على نطاق واسع أنه تنبأ قبل زمن بعيد أن من يجلب السلام في جنوب السودان لن يعيش إلا أياما بعدد سنوات حربه (جون قرنق)، يخلفه في الحكم أحد أبناء قبيلته (سلفاكير) سيعقبه أحد أبناء قبيلة النوير من صفاته: أحور العينين، أعسر وهي صفات تنطبق على مشار الذي آمن هو وآخرون بالأسطورة ربما أكثر من إيمانهم بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة. اسكاي نيوز