في خطوة وصفها مراقبون بالمتطورة، كشف مفوض العون الإنساني بالسودان سليمان عبد الرحمن عن ترتيبات لإعادة الجنوبيين إلى مواقع عملهم السابقة في القطاع الخاص السوادني قبل الانفصال. وبحسب عبد الرحمن، فإن مواطني جنوب السودان النازحين من ويلات الحرب الدائرة في بلدهم يمكنهم الإقامة في مناطق السكن التي يختارونها بأي من ولايات السودان، على أن تتم معاملتهم باعتبارهم مواطنين وليسوا لاجئين، بحسب توجيهات الرئيس عمر البشير. وبالرغم من أن توجيهات البشير كانت أشبه ما تكون بطوق نجاة أُلقي على شخص مشرف على الغرق بالنظر إلى الظروف التي يمر بها النازحون الجنوبيون، فإنه لا يكاد يخرج عن دائرة دغدغة الآمال، حسب تفسير أسرار باولينو (إحدى النازحات من جنوب السودان للخرطوم). وتقول باولينو إن موضوع عودة الجنوبيين للعمل بالقطاع الخاص غير مبشر أو جاذب لسببين: أولهما أن الأوضاع الاقتصادية بالسودان في تدهور ملحوظ، وثانيهما أن الأجور زهيدة ولا تغطي الاحتياجات اليومية. وتضيف في حديثها للجزيرة نت "لو كانت هناك فرص عمل لما هاجر أبناء الوطن للخارج، ولو فرضنا ثمة جدية في تصريحات مفوض العون الإنساني السوداني فلا بد أن يكون تقاضي الأجر بالعملة الصعبة كما تنص القوانين الدولية". أزمة اقتصادية ويمر السودان بأزمة اقتصادية ضربت كل مفاصل الدولة منذ انفصال الجنوب في التاسع من يوليو/تموز 2011 مما أفقد الخرطوم عوائد بترول الجنوب التي كانت تمثل 80% من مصادر الموازنة العامة، وفقاً لخبراء اقتصاديين. من جانبه، يرى الأكاديمي والخبير الاقتصادي السوداني د. محمد الجاك في حديثه للجزيرة نت، أن دافع التصريحات -أو المقترح- سياسي أكثر من أي شيء آخر، لأنه لا يضع الظروف الاقتصادية في البلد موضع اعتبار، لا سيما أن نسبة البطالة عالية في البلاد، وعليه فإن السودانيين أولى بتلك الوظائف إن وجدت. وفى تطابق تام مع حديث الجاك، يقول المحلل السياسي ومستشار صحيفة المصير بجنوب السودان أتيم سايمون إن المقترح ينطوي على دعاية سياسية أكثر من كونه قابلا للتطبيق، لأن السودانيين أنفسهم يعانون من بطالة كبيرة وسط الخريجين وأصحاب الخبرات والكفاءات، كما أن المواقع التي كان يشغلها الجنوبيون في القطاع الخاص تم شغلها بمواطني الدولة. من جانبها، نفت وزيرة تنمية الموارد البشرية والعمل بالسودان إشراقة سيد محمود تسلمها خطاباً رسمياً بالمقترح، وما إذا كان معنياً بالقطاع العام أو الخاص. وكشفت في حديثها للجزيرة نت عن عدم إمكانية ذلك بقولها "حتى لو كان هناك إخطار بالمقترح فلا يمكن تطبيقه لأن الجنوب أصبح دولة قائمة بذاتها". وتكمن القراءة الوحيدة بحسب أتيم سايمون للمقترح ودلالاته في أن الاقتصاد السوداني قد تأثر تأثراً بالغاً خصوصاً في قطاع الزراعة المطرية، ما يعني أن الخرطوم بحاجة للعمالة الزراعية الموسمية من جنوب السودان أو ما اصطلح على تسميتهم ب "الجنقو". وأفادت مصادر موثوقة من سفارة دولة جنوب السودان بالخرطوم -فضلت عدم ذكر اسمها- بأنهم لم يتلقوا أي إخطار رسمي من حكومة السودان بتوجيهات البشير، وأنهم علموا بها من الصحف المحلية اليومية تماماً مثل غيرهم من الناس. المصدر:الجزيرة