التحول الكامل – السريع وغير المتدرج - للمؤتمر الشعبي من إستراتيجية "إسقاط النظام وإجتثاثه" للمرحلة الجديدة (انشودة الحوار) يبدو أنها باتت قناعة راسخة لدي قيادة الحزب لدرجة الايمان والتحول للتبشير بها وللوساطة مابين المؤتمر الوطني والمعارضة. وبالامس (السبت) اطلق قائد الحزب حسن الترابي تصريحات اعلامية توقع عبرها مشاركة غالب الجهات المدعوة في الحوار الوطني وفق مبادرة المشير عمر البشير، وشدد على أن بعض الجهات تقول إن لديها شروطاً، ولكن الشروط هي قضايا محلها مائدة الحوار – ويقصد بالطبع المعارضة الرافضة للحوار. والملاحظة التي باتت ثابتة ومتكررة في تصريحات قادة الحزب الاسابيع الاخيرة ان حديثهم لم يعد عن المؤتمر الشعبي وحواره مع حزب البشير كما يقتضي العرف، بل بات كل الحديث يدور عن مشاركة الاحزاب في الحوار، وبلغة تحمل همزاً وغمزاً في مواقف الاحزاب الرافضة للحوار. وبذات الطريقة قال الترابي في تصريحاته التي اطلقها بالامس لقناة "الشروق" من العاصمة القطرية الدوحة ان غالب المدعوين للحوار سيأتون، وبعضهم سيكف عن المشاركة لأنهم يقولون إن ثمة شروط لا بد أن تستوفى أولاً، لكن "الحوار يبدأ بطرح القضايا الخلافية". ولايفوت علي قارئ العبارة الاخيرة وماقبلها انها تحمل نفس الاستاذية من الشيخ الدكتور عبر تعريف الحوار وكيفيته واولوياته. وأضاف الترابي أننا نريد أن تدرج كل قضايا البلاد الخلافية في هذا الاجتماع العام، ونعلم أنه قد تطرأ محادثات حول استكمال الهيكل والتوقيتات. وشدد الترابي على ضرورة التوصل لحلول لمشكلات السودان الحالية عبر الحوار الوطني، مطالباً بأهمية معالجة القضايا المتعلقة بالاقتصاد، وانتقال السلطة بالطرق السلمية، والانتخابات المفضية إلى ديمقراطية عادلة. ومضي مساعده علي الحاج علي نفس النسق ولكن بجرعة اكبر حيث ابدي تفاؤله بالتوصل لاتفاق إذا صدقت نوايا القوى السياسية لتجاوز الصراعات الموجودة على الساحة السياسية، مشيراً إلى توفر المناخ المناسب لحل القضايا السياسية بالبلاد أكثر من أي وقت مضى. وامتدح مساعد الأمين العام للمؤتمر الشعبي علي الحاج، الحراك السياسي الذي يشهده السودان، ارتكازاً على الوثيقة التي طرحها الرئيس عمر البشير حول قضايا الحوار الوطني. ولن يبذل المستمع والقارئ هنا جهداً ليكتشف ان مساعد الترابي يساوي بين كل الاطراف في المسؤولية : اذا صدقت نوايا الاحزاب المعارضة تجاه الحوار هل ستصدق نوايا البشير؟ وماذا جني الامام الصادق المهدي مثلاً من صدق نواياه وتمسكه بخط الحوار منذ العام 2000؟. والحال الماثل الآن هو ان الترابي وقيادات الشعبي باتوا يتحدثون باسم المؤتمر الوطني ويكفونه رهق التراشق الاعلامي مع المعارضة الرافضة للحوار. حيث تضع المعارضة شروطاً قبل دخولها في الحوار تتعلق باجراءات لتهئية المناخ ويرفض المؤتمر الوطني ذلك بل وزاد حملات اعتقالاته ومضايقاته ودعمه للمليشيات في دارفور. ويقوم قادة الشعبي بالرد علي طلب المعارضة بتصريح واحد ومكرر كان يجب ان يصدر من الوطني : "الشروط محلها مائدة الحوار". مايثير التساؤلات وينتظر ان تكشف عنه الايام هو : ماهي كروت القوة والضمانات – المفاجئة – التي امسك بها الترابي حتي بات يضع ثقته في البشير ويصر علي ان يكون الحوار معه وجهاً لوجه ودون اي ضمانات او تهئية للمناخ ويتحول لدور الوسيط بينه وبين المعارضة؟!. السؤال الآخر : ماذا لوفشل الحوار كغيره من الحوارات التي تحتمل النجاح والفشل؟ ..الشيخ ابراهيم السنوسي بعفويته المعلومة عنه اجاب علي السؤال بانهم سيرفعون من جديد شعار "إسقاط النظام" ولكن لم يجب السنوسي علي السؤال الذي بعده : تري هل الشعب السوداني سيكون علي إستعداد ليسمع لكم من جديد ويتقلب بين خطابكم الذي يضع البشير يوماً مع الابطال والصالحين ثم يحوله لمجرم وعنصري ثم لرجل يمكن الحوار معه وبعدها لديكتاتور يجب إسقاطه؟ هل سيصبر الجمهور لمشاهدة دورات العبث والمسرحيات المملة والقاتلة هذه؟ بل وهل نسي الشعب من الاساس تلك السنين العجاف ام كان في لحظة تناسي (89 – 1999م).