اللهم ان كان محمد محمد طه ملحدا فأجعلني ثاني الملحدين بهذه الكلمات واضحه المعاني والدلالات صدح قطب الحزب الوطني الاتحادي المرحوم الاستاذ حسن بابكر برأيه وانحاز انحيازا مطلقا عندما أعلن رأيه صراحه حول المؤامرة التي كانت تحاك ضد شهيد الفكر الاستاذ محمود محمد طه,وأعقب ذلك بموقف أكثرجرأة وشجاعه عندما تأمرت القوى الرجعيه وحلت الحزب الشيوعي السوداني وطردت نوابه من البرلمان فقال:خير لي أن أموت شهيدا من شهداء الحريه والديمقراطيه بدلا من أن أكون خصما عليها, وأعقب القول بالفعل واستقال من الحزب الوطني الاتحادي الذي كان يتزعمه المرحوم اسماعيل الازهري. التاريخ يعيد نفسه الان و(آل بورن بورن) يتجمعون الان مرة أخرى وبنفس الوجوه المعهودة التي لاتذكر ماقالته بالامس. وحلقات التآمر ودوائرها في حالة سباق مع الزمن بعد تفريخ عناصر أكثر مكرا وخبثا وأوسع حيلة عن أساتذتهم في الماضي استعانوا بالمهلاوي والمكاشفي وابوقرون وعوض الجيد وبدريه , والان وتحت الضغط الجماهيري واشكال المقاومة المختلفه داخل السودان والحصار الدولي والاقليمي المفروضين على حكم المؤتمر الوطني يريدون تجيير الموقف ونسب وأد الديمقراطيه ووضع العراقيل لمجلس تسجيل الاحزاب , هذا المجلس الذي لايأتي الا بمن يبصمون على كل شيء دونما تردد. وفي الوقت الذي لازال فيه صدى كلمات الرئيس يتردد ومداد ماكتب به لم يجف حول الحوار الوطني واهميته يفاجيء السيد مسجل الاحزاب قادة الحزب الجمهوري برفض تسجيل حزبهم , وليته اكتفى بالحزب الجمهوري, وانما ارسل رسالة اخرى من خلال ذلك الى الحركة الشعبيه معلنا رفض تسجيلها مستقبلا, على الرغم من أن الحكومة تلهث والجلوس للتفاض مع الحركة الشعبيه وترسل رسلها سرا وعلنا. تجاه هذا الامر الخطير والمؤامرة القادمه كان لابد للراكوبه ان تدق ناقوس الخطر لان محاكم التفتيش يتم الاعداد لها من الان وخفافيش الظلام بدأت تتحرك حركة دؤوبه وقوى الاستنارة ممزقه الاوصال وتتصارع فيما بينها أكثر من صراعها ضد عدوها الاول وهو المؤتمر الوطني وتابع تابعيه آن لها الاوان في أن تتحرك لتواجه هذه المؤامرات والدسائس مواجهة عنيفه لان السيوف مسلطه على الرقاب حتى لاتكر قوى الهوس الديني مسبحتها الصدئه وتعود بنا الى محاكم الطواريء والعداله العاجزة , لان من يحاولون ايجاد المبررات للمفسدين ويحمون القتله ومصاصي الدماء شرعوا في استصدار الفتاوي وأن الشيطان قد أوعز لبعض من زوروا توقيعات واختام والي ولاية الخرطوم واكتنزوا مليارات الجنيهات من أموال السحت , هؤلاء وهم اسماء كبيرة وأصحاب مواقع خطيرة بدلا من محاكمتهم على جناح السرعه كي يكونوا عظة وعبرة للاخرين ولكن المفاجأت تأتي في المسلمات والابجديات وأبسط حقوق الانسان في حرية التنظيم والتعبير فاذا بمسجل التنظيمات والاحزاب تتفتق عبقريته باسباب اوهى من خيط العنكبوت رافضا تسجيل الحزب الجمهوري والذي شعاره (الحرية لنا ولسوانا) الراكوبه في هذا الشأن تستطلع اراء بعض الساسه والاكاديميين وهم الاستاذ فتحي الضو الكاتب والصحفي المعروف والدكتورة خديجه صفوت والدكتور عبدالسلام نورالدين والدكتور احمد سعيد الاسد والدبلوماسي والشاعر الاستاذ محمد المكي ابراهيم والدكتور عبدالله جلاب والدكتور عبدالماجد بوب حول هذا الامرفماذا قالوا الاستاذ فتحي الضو الحقيقة المفارقة الغريبة وقبل الدخول في حيثيات الموضوع, فالحزب الجمهوري من ناحية تاريخية تأسس في العام 1954 وسبق ذلك أحزاب كثيرة ناهيك عن احزاب الانابيب,, بما في ذلك تأسيس حزب الاخوان المسلمين الذي يغير جلده كالثعبان من جبهة الميثاق للاخوان المسلمين والجبهة الإسلامية القومية والمؤتمرين الوطني والشعبي من الناحية القانونية فان كثير من القانونيين أفتوا في خطل هذا القرار ووصفوه بالمعيب, بالنسبة لي شخصياً أجد نفسي في حرج شديد عندما استخدم تعبير القانون ودولة القانون والدستور وقانون الاحزاب ..الخ باعتبار ان هذا النظام الذي يمنح هذه المؤسسيات هو نظام غير شرعي وبالتالي فان شرعيته غير قابلة للنقاش, من الناحية الاخرى فان الدستور الذي ينطبق عليه قانون الاحزاب, ومن الاشياء التي انطلت على الكثيرين ان الدولة السودانية لا يوجد فيها دستور والموجود حالياً هو دستور 2005 والذي كان معداً لمرحلة تاريخية معينة اي الاتفاق بين الحركة الشعبية والنظام والآن وقد انفصل السودان والدستور الحالي لا يعتد به من ناحية المؤسسية وكل هذه الاشياء توضح بخطل وعدم منطقية هذا القرار, الامر برمته هو انعكاس لاكذوبة كبرى اسمها الحوار, وعندما اطلق النظام هذه الدعوة والتي سرت بين الناس كسريان النار في الهشيم فهي دعوة انطلقت من نظام يواجه سكرات الموت ومن عصبة تعودت وتمرست على المخادعة والفهلوة والالاعيب وبالتالي فان هذا السيناريو الذي يعيشونه الآن يريدون منه تحقير الشعب السوداني وذلك بمسألة بيع الوقت كما يقولون ولهم مآرب آخر من بينها الا يلتفت أحد إلى أمر المحاسبة وهي فيصل حقيقي في الصراع الدائر الآن, ومسألة المحاسبة لجرائم امتدت لربع قرن مهمة جداً وذلك حتى يستقيم الامر في الحياة السياسية. هل يعقل ان يقبل اي عقل وجود اكثر من 90 حزباً سياسياً بموجب ما سمعناه في الايام الفائتة وما اطلق عليه بالحوار. السؤال كيف كانت هذه الاحزاب تمارس دورها ونحن نعلم ان الاسس السياسية والعلمية والمنهجية لاي عمل سياسي يحتم ان تتوفر الكيانات الحزبية ونظم معينة فان كانت هذه الاحزاب الانبوبية طيلة هذه الفترة, هذا مجرد ذر للرماد على الاعين وذلك حتى يستطيع النظام تمرير مسألة الحريات التي يتحدث عنها. في تقديري الدخول في مسألة هذا القرار وصلاحيته من عدمها وعدم منطقية هذا الكلام مجرد مضيعة للوقت. الحريات وفقاً للقاعدة الذهبية المعروفة فانها لا تعطى بل تنتزع في التضحيات الجسام وحالياً بدأ البعض في جلد الذات والخنوع وهذه مسائل غير واقعية وهذا النظام سخر كل امكانيات الدولة من أجل القمع واسكات الراي الآخر ولاجهاض الحريات وبالتالي فالمقارنة تكون جائرة والشعب السوداني لم يستسلم لهذا النظام انما هناك طرق معينة يصعب الحديث عنها وهذا الشعب سيسترد كل حقوقه السليبة يوماً ما والمواجهة لا بد أن تكون حاسمة ويجب مواجهة النظام باساليبه لينتزع الشعب حقوقه كاملة والمعركة الآن ليست معركة إنما هي معركة الشعب السوداني كله في اطار المقاومة الشاملة لكل سياسات النظام وفي اطار الدعوة الجادة لاسترداد الديمقراطية الحقيقية ودعوة الرئيس للحوار اجد فيها حرجاً في استخدام التعابير المؤسسية كرئيس للجمهورية وهي نفسها في فترة بسيطة جداً مرت بتناقضات غريبة جداً وهو نفس الرئيس الذي دعا الناس إلى الحريات قال مؤخراً في مدينة كسلا داعياً لاستخدام القوة مع المعارضين وفي نفس الوقت تم اعتقال مجموعة من الناشطين البعثيين وهم يمارسون حقوقهم الطبيعية ومواجهة هذا النظام بالوسائل المعروفة, وهناك تناقضات والنظام على لسان رئيس الجمهورية ولسان آخرين يلوذون بموضوع الحوار عندما يضيق عليهم الخناق وهذا نوع من كسب الوقت حتى لا يحدث ما يؤدي للاطاحة بالنظام. الدكتور عبدا لماجد بوب يقول :هل البرنامج الذي بموجبه قدم الحزب الجمهوري للتسجيل وهل هناك أي شئ يُخِل بنصوص الدستور مثل الحريات في التعبير والتنظيم الخ .. هذه هي نقطة الإنطلاق ، وكلنا عايشنا فترة تسجيل الأحزاب والجماعات الدينية الرافضة لأي شكل تعبير آخر ، ودائماً كانت هذه السلطة تتوجَس من أي نشاط يقوم به الجمهوريين ، وهذه معارك طويلة منذ منتصف الستينيات كانت المحاولات المتكررة لتكفير الأستاذ محمود حمد طه وتم إحضار علماء من مصر ليُساهموا في موضوع التكفير ، إلي حين صدور الحكم في حق الشهيد ، بالنسبة لي ومن خلال إهتمامي بمشكلة الجنوب إطلعت علي الوثائق التي صدرت منذ أوائل الخمسينيات والخاصة بالحزب الجمهوري وفي دستوره وإعلانه السياسي كان فيه متقدماً جداً بل وأصبحت الشغل الشاغل في العمل السياسي حتي وصلت إلي مرحلة الإنفصال والأستاذ محمود كان يري ضرورة منح حقوق متساوية في الدستور للجنوبيين وحتي بخصوص الإدارة وهو كان متقدماً وهذا الشعار لم تكن ترفعه مجموعات أو أحزاب سياسية جنوبية وهو شعار الحكم الفيدرالي ، ولم يكتف بإصداره كإعلام فقط بل دخل في تفاصيله وفي صلاحياته التي تنتقل من المركز إلي الأقاليم ، وبصراحة كان ذلك موقف سياسي مستقبلي ويحفظه التاريخ بإعتباره نظرة ثاقبة في مستقبل العلاقة بين الشمال والجنوب ، وكان دائماً لديه إهتمامات بالآخر وبالذات بالجنوب وفي تلك المرحلة كان المثقفين في أبيي هم جسد واحد وهم لامناط بهم توحيد كل فئات الشعب السوداني والشئ الآخر الموقف الوطني الذي كان ناصعاً جداً في الفترة من مطلع 1954 وحتي 1955 وقد كانت هناك معارك ساخنة في البرلمان وطبعاً الحزب الجمهوري لم يكن ممثلاً في البرلمان لأنه لم يخوض الإنتخابات ، لكن الأستاذ محمود كان من أوائل الذين عارضوا قانون النشاط الهدَام ، وصوَت ضد ذلك مع مجموعة من الصحفيين والطليعيين في بعض الأحزاب ، وهناك أسماء كبيرة وكثيرة توارت ولم تُسهم في ذلك وهذا كان موقف سياسي نبيل ، كذلك موقفه من رفض المعونة الأمريكية لأن المعونة الأمريكية في العام 1958 كانت تشترط أشياء تُضعِف بنية الإستقرار الوطني والأستاذ محمود من قِلة وبعض قيادات الحزب الوطني الإتحادي هم هؤلاء كانوا الأساسيين إضافة إلي نائب الحزب الشيوعي وعدد من الصحفيين اليساريين وحزب الجبهة المعادية للإستعمار وكلهم وقفوا صفاً واحداً ضد المعونة الأمريكية ، وإذا كان الإخوة الجمهوريون قرروا أن يقتحموا هذا الجزء فإنهم أصحاب رصيد تاريخي ووطني يؤهلهم لإقتحام العمل الوطني من أوسع أبوابه والأستاذ محمود من أبكار السودانيين الذين كان لديهم موقف واضح ووطني ضد الإستعمار وشنَ حملة شرسة داخل كلية غردون ومن القلائل الذين وقفوا كان الأستاذ محمود وكذلك وقف معه الأستاذ حسن بابكر ، وعملا معاً في السكة الحديد عقب تخرجهما ، وإستقالا سوياً . الحزب الجهوري حزب يستند إلي فكر وذلك مُدعَم بمواقف واضحة ، وما يجري له الآن ماهو إلا من باب الكيد السياسي وإذا كانت هناك قضايا فكرية فالفكر محله سوح الجدل والحوار ، أما العمل السياسي لديه وسائل أخري ، وإذا كان الإخوة الجمهوريون قد قرروا أن ينشطوا في المجال السياسي فهي خطوة قد جاءت متأخرة جداً ولكن هناك الكثيرون يتطلعون أن تكون لديهم إسهامات فكرية . وحول دعوة الرئيس للحريات وقمعها من قبل مسجَل الأحزاب والتنظيمات أعتقد المسؤولية هي مسئولية مجلس شئون الأحزاب وموقف الرئيس إلي آخره وهذا لا يحتاج إلي إجتهاد كبير لأن الرئيس هو رئيس الإنقاذ من البداية والإعلان يذهب من جهة والمواقف تذهب إلي الجهة الأخري لذلك أنا لا أعَتد بالكلام الذي يصدر من الرئيس بل أعتد بالحكم الصادر من جهة من المفترض لها أن تستنبط أحكامها من أصول القوانين . الدكتور عبدالله جلَاب : كمبدأ أساسي فإن الحجر علي الأحزاب ومنعها من ممارسة نشاطها هذه مسألة غير مقبولة وهي ضد الحقوق الأساسية المكفولة للإنسان في أن يُمارس كل الممارسات السياسية والفكرية والتنظيمية لأنها حقوق أساسية لكل شخص لكن أن تتدخَل بعض الجهات الحكومية لتُحدد للناس بأن هذا مسموح وذاك ممنوع فذلك لا يتم إلا في ظل الأنظمة الديكتاتورية وهذا خطب جلل وببساطة فهو منطق الإنقاذ الذي جاءت من أجله لأنها تُريد أن تمسح كل الرصيد السياسي للقوي السياسية السودانية من تنظيمات ونقابات وإتحادات نسائية وطلابية وكما نري فإن تجربتها سجَلت فشلاً ذريعاً ، وحتي الحُجة التي يُرددونها في مواجهة الجمهوريين وأنهم ضد الدين فهذا حق لم يعطيه لهم أحد فهنالك جهات لديها رأي صارخ جداً فالسلفيين مثلاً رأيهم لا تراجع عنه حول الترابي وإذا كان المنع يسير بهذه الطريقة إذا يجب منع الترابي وحزبه ، لكن من الأساس فمن أين للدعوة للحورا أن تكتمل وأنت تغمط الآخرين حقوقهم ولا تتجه في الوجهة السليمة وهؤلاء الناس يقولون حديثاً في جهة وينقضونه في جهة أخري مثلاً يُناقش الحركة الشعبية ويتفاوض معها من جهة ويمنع نشاطها من جهة أخري ، والحريات لابد أن تكون للجميع ، يتحدث النظام عن الحريات الصحفية بينما هناك عشرات الصحفيين تم منعهم من الكتابة بل ويُقدموا للمحاكم ويُسجنوا ، هذه كلها تسير الآن في إتجاة أيام الإنقاذ الأولي ، والطريق الوحيد الذي سارت عليه الإنقاذ عند مجيئها تُريد أن تسلكه مرة أخري لكن ذلك مستحيل الآن والحريات الكاملة لن تتم إلا بإسقاط هذا النظام وحول دعوة الرئيس للحوار يمكن أن أقول إما أن مسجَل الأحزاب صلاحياته أكبر من صلاحيات الرئيس أو أن حديث الرئيس يذهب مع الريح كما يحدث كل مرة وهذا هو الراجح . الشعب السوداني هو الذي يمتلك قرار من يعمل ومن يتوقف وهذا النظام مهما فعل فهو يعيش بعقلية شمولية موغله في القِدم أعتقد أنها هي من تمنح وهي من تمنع وهذا لا يصلح في هذا الزمان . السفير والشاعر الأستاذ محمد المكي إبراهيم يقول : الحرمان من العمل السياسي فيه كثير من عدم التقدير لإستشهاد الأستاذ محمود محمد طه نفسه ، لأنه كان من مقتضيات المجاملة والتقدير أن يسمحوا لتلاميذه بتسجيل حزبهم وأنا لا أري فرق ما بين حزب كبير كحزب الأمة والإتحادي وحزب صغير كالحزب الجمهوري ، بطبيعة الحال ولا أري مجالاً ولا داعياً للتمييز في المعاملة وأضيف أنه من كان مثل تلامذه الأستاذ محمود قد تعرَض للنكبة نكبة مقتله لكان قد لجأ لأعمال العنف لأخذ الثأر ولكن الجمهوريون بحكمتهم وطبعهم المسالم لجأوا إلي العمل السياسي وليس إعمال العنف ، فكان من واجب الدولة أن تستقبلهم بأزرع مفتوحة وتسمح لحزبهم بحرية العمل وفي ذلك مصلحة للجميع . وحول حديث الدولة علي لسان رئيسها عن الحريات فأنا ألمح عملاً من أعمال الهوي والتستر علي جريمة إغتيال الأستاذ محمود وتبريراً لاحقاً لعمل القضاة الذين أدانوه وأصدروا عليه حكمهم القاسي ، الأمر الذي يؤكد أن هناك علاقة قوية بين القتلة وبين من منعوا نشاط الحزب الجمهوري هذه المرة . الدكتور أحمد سعيد الأسد ( إقتصادي ) يقول : المؤتمر الوطني ماهي المقومات التي جعلت منه حزباً ؟ وهذه نقطة هامة ، قبل إنقلاب ( الإنقاذ ) كان الحزب الجمهوري موجوداً ولديه أدبياته ومنابره ولا يمكن أن ننسي الفتيات الشامخات وهنَ يرتدين الزي السوداني البسيط ويقفن في الأٍسواق والتجمعات ليوزعنَ كُتيبات الأستاذ محمود محمد طه . والدستور الذي كُتب في عهد الإنقاذ وإن أراد إقامة حواجز ومع ذلك فهو لا ينقض الوجود الحزبي ، وإذا كان الأمر أن الدستور يُحرَم بعض النشاطات الحزبية فإنه كان من الممكن أن يُحرَم وجود حزب الأمَة لأنه حزب كانت لديه معوقات وضد الديمقراطية والسلام ولماذا لم يُتخذ قراراً تجاهه ، أنا أري أنهم إجتهدوا لإستنهاض جميع الناس الذين يمكن أن يُساندوهم كحزب ويقفوا ضد هذا القرار . مجلس تسجيل الأحزاب تابع للمؤتمر الوطني وكذلك كل توابعه من مواد وقوانين ، إذاً هم لا بد أن يكونوا اللسان الناطق بإسم الجهة التي تقف من خلفه ، والحزب الجمهوري حزب سياسي عريق ظل يواصل نشاطه منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي وقد واجه صعوبات كثيرة في مسيرته الطويلة إلي أن أصدر جعفر نميري قوانين سبتمبر في العام 1983 وقد تحرَش بهم الأخوان المسلمين إلي أن تآمروا مع نميري وأعدموا الأستاذ محمود محمد طه . حالياً حزب المؤتمر الشعبي من أين له بالدوافع القانونية ليتحوَل إلي حزب سياسي وهذا سؤال لأنه هذه مجموعة إنشقت علي المجموعة التي دبرت الإنقلاب فلا الشعبي ولا الوطني أحزاب لها أساس وبالتالي يمكن أن نصل إلي نقطة مهمة وهي أن قوانين مجلس الأحزاب وتكوينه شائهة لأنها مربوطة بالإنقاذ ولا يُعقل لمثل هذا المجلس أن ينفي وجود كيانات حزبية تجاوز عمرها نصف القرن والتناقض في أنك إذا أردت أن تقيَم موقف الحزب الجمهوري وعلاقته بالسلام والديمقراطية فإن وضعهم أفضل بكثير من الجبهة الثورية التي تحمل السلاح ، وإذا كان البشير يدعو التنظيمات المسلحة للحضور للخرطوم من أجل التفاوض فلماذا يرفض تسجيل الحزب الجمهوري وهذا أمر عجيب ، فدعوة الحوار التي أطلقها البشير تفضح نفسها وتمنع دعاة السلام عن ممارسة أنشطتهم . فالقيادات المتبقية في الحزب الجمهوري بعد مقتل الأستاذ محمود سافرة في العداء للنظام وهذا هو سبب الرفض لأنهم يمكن أن يُساهموا في فضح النظام من الناحية الدينية بشكل خاص وهذه كبيرة بلا شك ومهما كان فهم قيادات الحزب الجمهوري لا بد من الترحيب بهم وتقييم أعمالهم وذلك يُحفزهم في مواجهة النظام ولابد من الإشارة أن أحزاب الأمة والإتحادي حملوا السلاح في وجه هذا النظام فلماذا إعترف بهم بينما الحزب الجمهوري لا يقبل بفكرة العنف ونُذكَر قادة الإنقاذ بأن الميرغني كان داعية إجتثاث النظام من جذوره وهو الآن مرتمي مع آخرين في أحضان النظام الذي أغدق عليهم النعم والعطايا . الدكتور عبد السلام نور الدين يقول : أولاً واحدة من عجائب الإنقاذ أنها ومنذ إستيلائها علي السلطة في يونيو 1989 تُعلن أنها جاءت لتطبيق الشريعة الإسلامية وأول ما قامت به أنها خرقت مسألة تطبيق الشريعة الإسلامية وقتلت مجموعة من الناس بدعاوي حيازتهم للعملة الأجنبية لأنهم خالفوا منشور أصدره البنك المركزي في التعامل بالعملات الأجنبية ، يعني لم يُذهقوا روح أحد ولا يمسوا أي شئ له علاقة بالشريعة الإسلامية إنما خالفوا فقط منشوراً لبنك السودان ، وبعد أن إغتالتهم قامت بفتح الصرافات نهاراً جهاراً ، وهم وأتباعهم من إحتكر العمل في الصرافات والتعامل بالنقد الأجنبي وهذا يُذكرني بكلام قديم جداً لحاكم أثينا بركليس في القرن الرابع – الخامس قبل الميلاد كان يقول أننا أُناس متحضرون لأننا نضع القانون ونخضع له ، جماعة الإنقاذ لا خضعوا لقانون ولا حتي لشريعة إسلامية والذين يُبررون أن وجودهم السياسي أنهم جاءوا لتطبيقها فهم ببساطة خرقوا الشريعة الإسلامية آلاف المرات وفي كل النواحي ، والقوانين الوضعية التي قاموا بكتابتها يقومون بخرقها مثلاً حرية التعبير والإعتقاد مُضمَنة في دستور العام 2005 وبناء علي ذلك تشكَلت حكومة الوحدة الوطنية وهم حتي الآن يعتقدون أنهم يسيرون وفقاً لدستور 2005 وفي خلفيتهم الشريعة الإسلامية ومع ذلك يخرقون الدستور الذي وافقوا عليه أصلاً وهم علي هذا النهج سائرون ، لذلك رفضهم لتسجيل الحزب الجمهوري بدعوي مخالفة الدستور وإثارة النعرات الدينية مع العلم أن الحزب الجمهوري لم يخِل بأي شرط من الشروط التي تُخالف القوانين وفي مقابلة طويلة جداً لمسجَل الأحزاب السفير محمد آدم الأمين ، الأمين العام لمجلس شئون الأحزاب يقول أن الحزب الجمهوري لا تنطبق عليه هذه المواصفات وهذا الكلام حقيقة يقع في إطار المغالطات الصريحة والواضحة ، وكان يتوجَب عليه أن يذكر كيف يُخالف هذا الحزب الدستور وكان عليه أن يُحدد الفقرات التي تدعم حديثه الخ . وهذا يصُب في صياغ الرفض الكامل للخضوع للقوانين والشرائع التي إرتضوها أو يُبشَروا بها ، السؤال إذاً لماذا يفعلون ذلك ؟ يُخيَل لي أن ذلك أمر قصدوا منه إهانة وإستهانة الجمهوريين وهذه مسألة ترجع لكثير من الأشياء منها العداء القديم والمستمر ما بين الحركة الإسلامية والجمهوريون وواحدة من نتائجها محكمة الردة في العام 1965 ومحاكمة الأستاذ محمود وتلفيق التهم التي قادت إلي إعدامه . المأساة أن السفير محمد آدم الأمين ، الأمين العام لمجلس شئون الأحزاب يُناقش بلغة باهتة ويعرف أنه يغالط عندما يقول نحن لا يهمنا أفكار الحزب وبالمثل فإنه حتي إذا جاءت الحركة الشعبية فإننا لن نقوم بتسجيلها لأنها تنتمي إلي بلد آخر وهذه فيها مغالطة ، والآن المناقشة ليست عن الحركة الشعبية . وأعتقد يجب أن لا يكون هناك إحتجاجاً فقط إنما يتوجَب أن تكون هناك مواجهة لهذا القانون ولكل مغالطات الإنقاذ وبدون مواجهة وبشكل كامل علي مستوي الدين والقانون الخ ... . هناك بعض الناس يعتقد أن هذا الامر غير مجدي لكن حقيقة هذه هي المنظومة الفكرية القائمة علي المغالطات والأفكار وهي ( الإنقاذ ) فإننا إذا لم نقم بالنظر إليها بوضوح ونفندها هذا يعني أن الحزب الجمهوري سيُمنع من ممارسة أي نشاط مهما كان وإعتباره عملاً غير قانوني وبالتالي سيتم القبض عليهم وهنا تكمن المأساة . وحول دعوة الرئيس للحوار فإنه من الشروط الأساسية لأي حوار هو تهيئة المناخ وفتح الأبواب للأحزاب لكن الواضح أن الدعوة هذه غير أمينة والدليل علي ذلك أن الدعوة للحوار والأحزاب والمنظمات والحركات التي يعنيها هذا الحوار أكثر من أي جهة أخري ليست طرفاً في هذا الحوار ، والحوار هو إصطفاف لنفس الأحزاب التي تجمعت وأسقطت حكومة أكتوبر وهي الأخوان المسلمون ، حزب الأمة والحزب الإتحادي , وهي نفسها الأحزاب التي كونت الجبهة الوطنية ومن طرائف الجبهة الوطنية أنها وقفت ضد مايو بإعتبارها إنقلاب شيوعي ، والنميري في العام 1971 دخل في نزاع صريح وواضح مع الحزب الشيوعي وقتل عبد الخالق محجوب والشفيع وجوزيف قرنق وأدخل الشيوعيون إلي السجون ووقف ضد الشيوعية ، إذاً إذا كانت الحجة الأاساسية وأنتم كونتم الجبهة الوطنية وجهزتم أنفسكم لإسقاط الشيوعية هل النميري تخلَي عنها وأنتم حاربتوه بعد خمس سنوات عندما شنت الجبهة الوطنية حرباً علي النميري وتحمَل أبناء كردفان ودارفور عبء الجبهة الوطنية وقتلوا ودفنوا في مقابر جماعية وعندما تمت هزيمة الجبهة الوطنية دخلوا في مصالحة مع النميري ودخلوا الإتحاد الإشتراكي . نفس هذه المجموعة وبعد الإنتفاضة كونوا إئتلافاً حكومياً واليوم هذه الدعوة من رئيس الجمهورية هي دعوة لهذه الأحزاب كي تصطف من جديد وتضمن إنقاذ ( الإنقاذ ) ولأن الرئيس أعلن بوضوح لن يتحدث مع الحركات المسلحة حول الثروة والسلطة وهي القضية الاسا سية في النزاع يُخيَل لي أنه من الأفضل أن يُنظر إلي هذا الحوار في هذا السياق وليس غير ذلك . الدكتورة خديجه صفوت تقول: كيف وصل مسجل الاحزاب الى تعليل رفضه تسجيل الحزب الجمهوري من ان مبادئ الحزب تتعارض مع العقيدة الاسلامية والسلام الاجتما عي والاسس الديمقراطية لممارسة النشاط السياسي؟ عن اي سلام اجتماعي واسس ديمقراطية يتحدث مسجل الاحزاب؟ والاهم هل من مهام مسجل الاحزاب التفسير و الافتاء؟ و كيف توصل مسجل الاحزاب الى ان الحزب الجمهوري يقوم علي اساس طائفي ومذهبي؟ و كيف تعين "عدد من الافراد و المجموعات" على تقديم طعون لدي المجلس ضد تسجيل الحزب قبل منح الحزب الجمهوري الرخصة بمزاولة العمل السياسي ؟ هل كانت الاحزب السودانية غير الحزب الجمهوري قد اخضعت من قبل لمثل هذا الاستفتاء؟ هل يقيص قانون الاحزاب لسنة 2007م والمادة (3/12) من لائحة تسجيل الاحزاب السياسية بالسودان فتح باب الاستفتاء في شأن كل حزب يتقدم لتسجيل لدى مسجل الاحزاب؟ وهل كان اي من الاحزاب السياسية السودانية حريا بان يسجل اذا ما فتح الباب للرأي العام ان يدلي بدلوه فى الامر؟ اعتقد ان اسلام محمود محمد طه الذي كان حريا بان يقدم بديلا لخطاب الاسلام السياسي و يحمي الاسلام السنى المستهدف منذ القرن الثامن-ان اسلام محمود محمد طه ما يبرح يؤلف خطرا على بعضهم. فان اعدم شيخ فى السادسة و السبعين من عمره رغم القانون الدولي الذي منع مثل ذلك القرار ورغم الاحتجاج العالمي فهل ترانا بسبيل ان نشهد اليوم مطاردة اتباع الحزب الجمهوري؟ لكنى مع ذلك كله وبسببه ومع الاهميه البالغة لرفض تسجيل الجزب الجمهوري اجدنى أعتقد ان المسجل يسبي برفض تسجيل الحزب الجمهوري خدمة للنظام و هو يواجه تفاقم السخط الشعبي و ذلك بان يلهى الناس-بهذه القضية بالغة الاهمية مؤاكدا-في وقت تكاد فيه اغلبيات السودانيين المفقرين تموت جوعا في بلد وافر الثروات والخيرات. د. يوسف الكودة رئيس حزب الوسط الاسلامي الحديث في تقديري عن هذه القضية لا يتعلق بمسألة محاكمة للفكر الجمهوري عند من يختلفون مع اخوتنا الجمهوريين بقدر ما هو سؤال قانوني مشروع عن سبب ذلك الرفض من مجلس الأحزاب لمواطنين سودانيين يعيشون تحت ظل نظام يصر علي انه يعتمد الديمقراطية والمواطنة طريقا لتوزيع الحقوق بين مواطنيه اضافة الي ما وقع فيه أولئك المانعون من تناقض واضح وبين عند النظر الي ما سببوا به الرفض وهو ان المتقدمين للطلب تخالف معتقداتهم العقيدة الاسلامية وعلي فرض صحة ذلك التسبيب سؤالنا الاخر كيف تأتي ذلك لحزب الحركة الشعبية التي شاركت في حكم البلاد فترة من الزمن بعد تمكين لها ممن قام بمنع اخوتنا الجمهوريين من تسجيل حزبهم سؤالنا هل هم كانوا مسلمين فضلا عن ان يكونوا ممن خالف معتقده عقيدة الاسلام ؟! بالطبع انا لست ضد تسجيل الحركة الشعبية لحزب او تسجيل ممن يتهمون بالإلحاد او العلمانية لأحزاب لهم لطالما هم مواطنون سودانيون ولكنني فقط احببت الإشارة لبيان ذلك التناقض الفاضح والذي لا ينم عن شيء سوي الاحتفاظ بحق التأديب والأذي للجمهوريين لطالماظلوا وعلي تاريخهم الطويل ينتقدون من يقوم علي النظام نقدا لاذعا من خلال منابر عديدة لا يهمني الان اي من الفريقين كان أهدي سبيلا علي الاخر فمهما كان من ذلك يبقي الحق حقاً والعدل عدلا واسمعوا ما اقول لكم فان الجمهوريين سيسجلون حزبهم هذا وليس بعد فوات النظام وإنما في ظل ووجود هذا النظام.