أشاد نقاد ونجوم مهرجان «كان» السينمائي بشجاعة المخرج الموريتاني عبدالرحمن سيساكو الذي يتناول في فيلمه موضوع التطرف الديني الذي يجتاح دول الساحل الافريقي، ويقدم مدينة تمبكتو، المعروفة بتاريخها الثقافي وانفتاحها على العالم فنيا وثقافيا، ضحية للعنف الذي تمارسه القاعدة في المدن والقرى الافريقية التي قامت بغزوها وأعلنتها دولا إسلامية تحكمها بقوة السلاح والسوط وبفتاوى بعيدة عن تقاليد وأعراف افريقيا. وفي الفيلم، نجد إمام جامع تمبكتو، الذي يمثل الإسلام المعتدل، يواجه التطرف ببدء حوار مع مجموعة تمثل القاعدة حول مفاهيم الإسلام، وفتاوى زواج القاصرات بالقوة، ومنع الموسيقى، وتحريم عمل المرأة وغيرها. ويسألهم إمام الجامع: من أرسلكم لتطبيق هذه القوانين البعيدة عن الإسلام؟ ولماذا تحرمون كل شيء حتى لعبة كرة القدم لشباب المدينة؟ وهنا يترك أعضاء القاعدة الجامع، ويطالبون الإمام بالطاعة وتطبيق الشريعة الإسلامية دون تقديم إجابات عن تساؤلاته. وفي تحد لعناصر القاعدة، يقيم شباب القرية مباراة لكرة القدم ولكن دون كرة، ويجرون وراء كرة افتراضية، وتتعالى صيحاتهم دون أن نرى أي كرة في الملعب. ويضع الموقف الغريب عناصر القاعدة في حيرة، فيتركون الشباب يلهون بالكرة الافتراضية. كثيرة هي مشاهد الكوميديا السوداء في الفيلم، لعل أبرزها مشهد تعذيب المغنية التي حكمت عليها محكمة جهادية بالجلد 22 جلدة، واستمرت في الغناء أثناء تنفيذ العقوبة، ثم تنهار وتترك في العراء. وفي مؤتمره الصحافي، لم يخف المخرج سيساكو قلقه من أن التطرف يتوسع، ومحاربته مسؤولية دولية. وعن اختيار فيلمه في المسابقة، قال: لا توجد أي أسباب سياسية أو توجهات متطرفة ضد الإسلام أو المسلمين لاختيار الفيلم للعرض في المسابقة الرسمية، مشيرا إلى أن هناك توجها حقيقيا من أجل تقديم الوجه الحقيقي للدين الإسلامي الحنيف والقبول بالآخر. وقال سيساكو ان ظروفا صعبة مرت بفترة تصوير الفيلم وتزامنت مع الحملة الدولية لمطاردة المتشددين الإسلامين في مالي على وجه الخصوص، حيث تم تصوير أحداث الفيلم الذي تطلب قرابة أربعة أعوام من الإعداد والتحضير والإنتاج، مشيرا إلى أن الفترة الأولى للتصوير أحيطت بالسرية التامة. وحول واقع حال السينما في موريتانيا، قال سيساكو ان السينما في العالم العربي والدول الافريقية بوجه عام تمر بظروف إنتاجية غاية في الصعوبة، ملمحا إلى ضرورة السعي إلى إنتاج سينمائي مشترك مع عدد من القطاعات الإنتاجية الأوروبية، والفرنسية على وجه الخصوص. وسيساكو اسم فني له تجارب سينمائية، حيث أنتج أربعة عشر فيلما سينمائيا في المجالين الوثائقي والروائي.