كان الرجل الغامض يجلس بهدوء وفي زي مدني أنيق وسط كوكبة من الجنرالات..الصحفيون في ذاك المؤتمر الصحفي كانوا يتهامسون قبل ان يكشف الرجل عن وجهه باعتباره العميد محمد حمدان دقلو القائد الميداني لقوات الدعم السريع.. العميد دقلو كان في غاية الغضب من الامام الصادق المهدي ..من شدة الغضب فلت لسان العميد دقلو الشهير بحميدتي عبارة "لو خليناهم كان وصلوا الخرطوم وعرفتوا حاجة". ما عناه العميد حميدتي أخذ بعدا مثل كرة الثلج.. بلاغ ضد الامام المهدي تم تعزيزه لاحقا بتهمة تقويض النظام الدستوري فانتهى الامام الى سجين في كوبر لحين انتهاء التحريات..او ارتفاع سقف التسامح وحفظ البلاغ بواسطة وزير العدل ..وربما وثبة جديدة تقضي بإصدار عفو رئاسي يعزز من حكمة العفو عند المقدرة. من ناحية اخرى صدر *بيان مقتضب من مدير عام جهاز الأمن الوطني يبلغ الكافة ان ثلاث الوية من قوات الدعم السريع ستنتشر في محيط الخرطوم في حالة استعداد كامل ..الخطوة المفاجئة يمكن قراءتها من عدة أوجه ..ولكن عندما يتم ربط كافة النقاط مع الأخذ في الاعتبار التقدم العسكري الذي تحققه هذه القوات في مسارح العمليات وخطوط المواجهة الأمامية يمكن اعادة تفسير الاحداث بشكل مختلف. بداية ان هنالك معلومات في غاية الخطورة لا تفضل الحكومة كشفها الان..مثل ان هنالك تهديد وشيك للأمن القومي..قوات الدعم السريع بشكلها الحالي ستكون راس الرمح في مواجهة هذا التهديد ..ولهذا السبب استحقت هذه القوات الحفاوة التي جعلت الحكومة تغضب من الامام المهدي وتودعه سجن كوبر حتى لا يعكر الأجواء.. ولكن لماذا الامام الصادق يذهب كبش فداء لتجاوز غضب رجال في مهمة خاصة..اغلب الظن ان الامام وضع نفسه في مرمى النيران المتقاطعة..ولم تكن حساباته تعتقد ان الغضب الحكومي سيظل مرحلة العودة للسجون..بعيد البلاغ الاول تعامل الامام مع الاحداث تحت هول الصدمة.* هنالك تصريح قي غاية الأهمية صدر من العميد معاش مالك عبدالله الحسن رئيس لجنة الأمن والدفاع بالمجلس الوطني..النائب ذو الخلفية العسكرية طلب من القوات المسلحة ابعاد الأمن والشرطة من المشاركة في العمليات حتى تقوم بمهامها في توفير الأمن الداخلي ..جاء هذا التصريح في وقت تشهد الساحة جدلا حول توزيع المهام بين القوات العسكرية ..صحيح ان التصريح تم نسخه باخر صادر من رئيس البًرلمان الدكتور الفاتح عزالدين يؤكد دعمه اللامحدود لقوات الدعم السريع* سنحاول قراءة التطورات تحت ضوء اعادة انتشار قوات الدعم السريع حول العاصمة السودانية..هذا الاتجاه كان يمكن ان يكون تحت غطاء قوات مشتركة دون الكشف عن عنوان هذه القوات ..اغلب الظن ان الامر هنا مقصود لذاته..ويهدف الى منح هذه القوات وجبة معنويات دسمة حينما توكل لهم الحكومة مهمة في حساسية تامين الخرطوم ..الدعم المعنوي جعل وزيرة في الحكومة تخرج عن المالوف وتطلق زغرودة دعم لهؤلاء الرجال ..هذا يعني ان الامر في غاية الخطورة .. وان الحكومة تراهن وترى ان انسب قوة يمكن الاعتماد عليها *هي قوات الدعم السريع.. بالطبع الحكومة تدرك المحاذير التي جعلت والي شمال كردفان يطالب برحيل هذه القوات من عاصمة ولايته باعجل ما تيسر.* المعادلة التي تحتاج الى استقصاء وتدقيق تربط بين الجبهة الثورية والإمام الصادق المهدي من جهة والحكومة والدعم السريع في الناحية المقابلة ..بمعنى هل بدا الامام المهدي بعد تقارب الاسلاميين في القصر والمنشية يبحث عن تحالفات جديدة تعود به الى مرحلة التجمع الوطني الديمقراطي ..في اغلب الظن ان الحكومة ملكت المؤتمر الشعبي معلومات جعلت رد فعله متفهم لعملية اعتقال الامام رغم كلفتها السياسية الباهظة. بصراحة رفع سقف المخاطر له ثمن سياسي غالي..في مثل هذه الأجواء تتجمد عجلة الحياة في انتظار المجهول..لهذا من الافضل للحكومة ان تعمل تحت قاعدة كل شيء هادي في الميدان الغربي حتى ولو لم يكن الامر كذلك. (مقال لم ير النور بسبب تعليق صدور صحيفة الصيحة)* [email protected]