اطلق جهاز الامن السوداني شائعة جديدة لتغطية الجريمة التي قام بها الايام الماضية بتصفية احد ابناء شرق السودان المتهم بالتجسس لحساب اسرائيل دون ان يتم تقديمه للمحاكمة وبعد اعتقال استمر لنصف العام في احد مباني جهاز الامن بالخرطوم. وينحدر القتيل من احدي قبائل البجا واسمه حسن الحسن الشريف في الثلاثينيات من العمر وهو من ابناء منطقة شلاتين ويحمل الجنسية المصرية وتم اعتقاله مطلع العام الحالي، وإعلان الخبر في مارس عبر اجهزة الاعلام ومحاكمته إعلامياً وجماهيرياً بانه جاسوس اسرائيلي دون تقديم اي دليل مادي او عرضه امام القضاء وتوفير دفاع قانوني له. وكل البينات تثبت ان المتهم توفي تحت تأثير التعذيب الوحشي الذي يواجهه المتهمين عادة في تهم مثل التجسس، وان جهاز الامن يحاول إخفاء آثار الجريمة. وضمن محاولات إخفاء الآثار وتضليل الرأي العام اوردت صحيفة (الانتباهة) ان المتهم انتحر عبر شنق نفسه بملابسه الداخلية في زنزانته بأحد سجون الخرطوم، وأكد التقرير الطبي واقعة الانتحار عقب أن تم تحويل الجثمان لمشرحة أمدرمان. ومن المعلوم ان كل المعتقلين يتم تفتيشهم بدقة في مكاتب الجهاز حتي لاتتوافر لهم اي اداة ممكنة للانتحار، وان اوضاع الزنازين لاتسمح بذلك من حيث الحراسة والمراقبة وحتي مساحتها الداخلية وطريقة تصميمها. وافادت صحيفة (الانتباهة) ايضاً ان ذوو المتهم تسلموا الجثة وسيتم ترحيله لبورتسودان ليتم دفنه هناك. وأبلغ محافظ البحر الأحمر السابق الفريق عثمان فقراي -وهو أحد ذوي المتهم- أن المعلومات التي تحصلوا عليها من السلطات ومن بعض أقرباء المتهم، أنه أصيب قبل فترة بحالة نفسية أدت لقيامه بعملية الانتحار. معتبراً أن التواجد في الحراسات يقود لحدوث حالات مشابهة. ويثير تصريح الفريق فقراي الشكوك حول الحادثة اكثر مما ينفيها، حيث ان اصابة المتهم بحالة نفسية دليل علي تعرضه للتعذيب، كما ان من واجب السلطات في هذه الحالة نقله للمستشفي وليس إبقائه في المعتقل. ولم ينسي خبر «الإنتباهة» المعبر عن جهاز الامن التذكير بان الصحيفة كانت اول من انفرد في مارس الماضي، بخبر القبض على المتهم المنتحر وعلى شبكة تجسس إسرائيلية في البحر الأحمر. واضاف خبر الصحيفة "المتهم هو المتورط الرئيس بالإدلاء بمعلومات لصالح إسرائيل في حادثتي العربتين البرادو والسوناتا، فضلاً عن الغارات الإسرائيلية المختلفة التي حدثت بالمنطقة الشرقية"!. هكذا بكل بساطة المتهم القتيل والذي لم يسمع صوته احد ولم تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه هو المتهم والمسئول عن كل شئ!. وبالطبع تغاضت الصحيفة ووسائل الاعلام الحكومية عن الموضوع الاساسي وهو لماذا كانت الاسلحة اساساً تتجه لاسرائيل من ايران؟ وماهو مصلحة السودان في الدخول في لعبة اكبر من حجمه بمئات المرات؟ واليس ذلك هو السبب في تجنيد إسرائيل للعملاء لمراقبة الحركة في المنطقة. غير ان ماتتجنبه الاجهزة الامنية دائماً ووسائل اعلامها هو ذكر الحقيقة الناصعة البياض والتي تؤكد ان ضباطا كبار ومسئولين يتعاملون مع المخابرات الاسرائيلية والمصرية والامريكية والسعودية ويبلغونها بشحنات الاسلحة التي يتم إرسالها من السودان لغزة برعاية وتمويل ايران، ويذهب مثل هذا المتهم القتيل ضحية لمخططات نافذين في الجهاز للتغطية علي عمالتهم وتسريبهم للمعلومات. وفي تصريحات لاحدي الصحف الالكترونية المستقلة شكك أحد أقارب القتيل – ويدعي موسي ابوفاطمة – في صحة رواية الأمن المتعلقة بظروف وفاة الحسن، واتهم جهاز الأمن بقتله. واضاف ابوفاطمة ل(الطريق)، نشكك فى سبب الوفاة الذى أعلنته السلطات الأمنية، ونتهم جهاز الأمن بالتسبب فى وفاة إبننا الحسن". وقال ابو فاطمة، " ظللنا طوال الستة أشهر الماضية نطالب بزيارة ابننا في المعتقل، لكن سلطات الأمن لم تسمح لنا بزيارته، كما لم يتم تقديمه لمحاكمة". وأضاف أبو فاطمة، ان " كل التهم التى وجهت لإبننا غير حقيقية فهو كان إنسان بسيط يسكن فى حى شعبي ، ولا يوجد مايشير إلى علاقته بأي جهة خارجية".
