تداول صحفيون ومفكرون وسياسيون سودانيون خلال هذا الأسبوع صورة السودان التي تنقلها وسائل الإعلام في الداخل وفي خارج السودان وكان ذلك خلال انعقاد المؤتمر القومي الثاني للإعلام. كان النقاش والتداول حول الصور التي ترسمها الوسائل الإعلامية عن السودان وأهله في وسائل الاتصال العامة المحلية والدولية وكاد المناقشون أن يجمعوا على أن الصورة في الوسائل الإعلامية هي ليست ذات الصورة الواقعية الحقيقية التي ينام ويصحو عليها أهل السودان كل يوم. كثيرون عند زيارة السودان للمرة الأولى يفركون أجفانهم مرات ومرات للتحقق من الصور المرسومة والواقع الماثل أمامهم.. دبلوماسي سعودي عبر عن ذلك أنه عندما صدر قرار نقله للعمل بالبعثة الدبلوماسية السعودية بالخرطوم لم يكن سعيدا بالقرار والذي كان عليه كوقع الصاعقة ولم تفلح محاولاته وأعذاره في أن تثني متخذ القرار فجاء للخرطوم كارها إلا أنه يقول إن السنوات التي قضاها بالخرطوم كانت أمتع سنوات عمله التي حاول بعد أن عرف السودان وألف حياته أن تمدد له فترة أخرى فرفض طلبه وعبر عن حالته بالقول: إن من ينقل للعمل بالسودان يذهب باكيا وعندما يعود إلى بلده يعود من السودان باكيا، وليس هذا كله من إكرام الضيف ووفادته التي هي طبع وسجية في أهل السودان ولكن أيضاً هناك كثير من مطلوبات الحياة في السودان باتت في متناول اليد فضلا عن الأمن من الخوف وسهولة التعامل في الأوساط الشعبية والرسمية. بعض الصور التي تنقلها الوسائل مستلة من مناطق الصراعات والحروب فرسمت السودان فقرا وجوعا وتسولا ومرضا وجهلا وأما ليالى الخرطوم وبورتسودان التي يرتادها المواطنون والمقيمون وعلى ضفاف النيلين وكورنيش البحر الأحمر التي قامت على جنباتها الفنادق والمطاعم والأبراج والكافيهات ومضامير ممارسة الرياضات المختلفة فصورها وصور الحياة في مناطق السودان المختلفة فلا تجد حظا في الوسائل حتى تظل الصور البائسة هي المنطبعة بالتكرار والتلاعب بعقول المتلقين من خلال المصادر المجهولة والنقل من بعض المواقع الاجتماعية التي تعوزها المهنية بالعدالة في العرض والتوازن في الرأي والكيد المستمر للخصوم وينطبق عليها وأكثر ما سبق أن عبر عنه الكاتب والمفكر الكبير هربرت شيللر عن أساطير صناعة التلاعب بالعقول الخمس التي برعت فيها بعض وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من الوسائل الجماهيرية. ليست صورة السودان زاهية ولاوردية ولكنها في ذات الوقت ليست كما هي تصور وتتداول الآن والواجب المهني يقتضي أن ننقل الصور كما ترى العين السليمة وليست بتلك التي رمدتها السياسة والأهواء والغرض. د. هاشم الجاز الخبير الإعلامي الأمين العام لوزارة الثقافة والإعلام السابق بولاية الخرطوم الأمين العام السابق لمجلس الصحافة والمطبوعات الشرق