أزمة المياه المستفحلة هي أزمة قديمة متجددة ،حيث ما تلبث أن تهدأ قليلا إلا وتعود بصورة أعنف ،كما يحدث الآن ،وقد شهد اليومين الماضيين تصاعداً كبيراً ولافتاً في حدة الأزمة مما حدا بالعديد من المواطنين للخروج في تظاهرات احتجاجية من أجل استرداد الحق الأساسي في التمتع بالمياه النقية كحق لا يدانيه أي حق اخر باعتباره أحد الركائز الاساسية للحياة ،والمشهد نفسه يتكرر في كل مرة ،احتجاج ،قمع ،تجاهل من السلطات المختصة بتوفير المياه ،أو تصريحات رسمية تجافي الواقع . (الميدان )حاولت الوقوف علي شواهد الأزمة فكانت هذه الحصيلة : تقرير: الميدان حلفا الجديدة ...الماء فوق ظهورها محمول : في اتصال هاتفي ل (الميدان ) مع احد المواطنين من منطقة حلفا الجديدة بولاية كسلا ،قال : ( نعاني من انقطاع مياه الشرب بحلفا الجديده لاكثر من خمسة أيام ، أي منذ بداية شهر رمضان ، وقد وصل سعر برميل المياه ( تناكر ) الي 80 جنيهاً ، هذا بالاضافة الي انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من خمس ساعات خلال اليوم وفي نهار رمضان مما يؤدي الي انعدام الثلج الذي يعتبر ضرورة في مائدة الافطار ، وذهب قائلا : ( شاهدت الكثير من النساء يحملن ( الجرادل ) ويذهبن شرقا وغربا بحثا عن المياه ، وقد جرت محاولة يائسة لسد حاجات المواطنين عبر عربات ( المطافي ) إلا أنها لم تنجح لاصطفاف الصفوف الطويله وتغول بعض من يدعون النفوذ عليها بادعائهم بانهم قاموا بشرائها ، مع العلم ان مدينة حلفا تحيط بها الترع من جميع الاتجاهات وتقع بالقرب من خزان خشم القربه وعلي بعد مسافة من نهر عطبرة ،مشهد حلفا الجديدة هو نفسه في مناطق كثيرة من السودان . بحري ...للأزمة أوجه عديدة : شهدت أحياء متفرقة في منطقة بحري وبحري شمال قطوعات كبيرة في المياه استمرت لثلاثة أيام علي الأقل في الكثير من الاحياء مثل المزاد وحلة حمد وحلة خوجلي والدناقلة والديم والدروشاب والسامراب وأم ضريوة ةمخطط نبتة السكني ،وقال عدد من سكان تلك الاحياء ل (الميدان)انهم لم يشهدوا مثل هذه القطوعات من قبل ،كما ان ادارات الطواري في مناطقهم تستقبل الشكاوي دون أن تكلف نفسها عناء الحضور للمتابعة ولا تعطي اي مبررات لقطوعات المياه ،وشملت القطوعات هذه المرة مناطق لم تكن تعاني منها الا جزئيا حيث ارتفع سعر برميل المياه بمناطق بحري الي (30) جنيها ويقوم بعض السكان باستعمال سياراتهم الخاصة لجلب المياه من مناطق أخري ،تزداد معاناة المواطنين هناك في الحصول علي المياه مع انعدامها في هذه الايام علي وجه الخصوص نسبة لتزامن الانقطاع مع شهر رمضان والذي يمثل معاناة أخري . وقال أحد مواطني حلة خوجلي للميدان أن هيئة المياه العاجزة عن توفير المياه منذ يومين للحي دون إخطار الناس،لا تتواني عن خصم قيمة المياه مقدماً من المواطن مع فاتورة الكهرباء متسائلاً عن أين تذهب كل تلك الإيرادات المالية، مضيفا أن الاحتجاج وحده هو الذي يعيد الماء للبيوت وأنهم يئسوا من بلاغات الطوارئ والشكاوي . الكلاكلة ...أبو آدم علي الخط : خرج الكثير من المواطنين بمناطق الكلاكلة وأبوآدم إحتجاجاً على قطوعات في المياه ، وتدخلت الشرطة وفضت التظاهرة مستخدمة الهروات وقنابل الغاز المسيل للدموع ، ويقول المواطنون هناك : ( "إن القطوعات إستمرت اكثر من إسبوعين ) ،وشكا المواطنون هناك من عدم استجابة السلطات ،وقد كشف مواطنون ل (الميدان) بالمنطقة أن مسؤولا استغل منصبه الاداري فقام بجلب تيم من الادارة المسؤولة عن المياه من إحدي المناطق المجاورة واستعان به في توصيل المياه لمنزله فقط دون النظر لمعاناة المواطنين بورتسودان ...سيناريو يتجدد كل مرة : وفي بورتسودان أيضاً يتكرر المشهد كل عام خاصة في مثل هذه الأيام التي من تعتبر فصول الصيف في المنطقة التى تعاني الان من ازمة حادة في المياه يصحبها انقطاع في التيار الكهربائي ،حيث قال احد المواطنين : ( ان المدينة تشهد ازمة مياه حادة وانقطاع في التيار الكهربائي ادي الي ارتفاع سعر الصفيحة المياه الي 4 جنيهات في الاحياء الشرقية للمدينة ، و(3) جنيهات في الاحياء الجنوبية لبورسودان ويتهم المواطنون هناك الحكومة بعدم الجديه في حل المشكلة رغم ادعاءاتها المتكررة في هذا الخصوص لايجاد الحل .حيث كشف عدد من الناشطين وابناء المنطقة انهم سوف يقومون بتنظيم وقفة احتجاجية احتجاجا علي انعدام خدمات المياه والكهرباء . وبينما تتسع مشكلة المياه في العاصمة والأقاليم،في ظل صيف ساخن فإن سلطات المياه تبدو عاجزة عن توفير المياه برغم الأموال التي تجنيها لقاء فاتورة المياه ( المنعدمة)،وهي مظهر من مظاهر أزمة شاملة تعصف بالاقتصاد والخدمات دون جهد رسمي لحلها .