أعجبت جدا بالتصريحات التى أدلى بها الرئيس السودانى عمر البشير بالأمس لجريدة الشرق الأوسط حول مشكلة حلايب وشلاتين، فقد تناول البشير الأزمة بكل حكمة وهدوء، وذكر كيفية بداية الأزمة، وأكد ان بلاده لن تحارب مصر مصر من أجل حلايب وشلاتين، فى نفس الوقت تمسك بحق بلاده فى المنطقة، وأفاد بأنهم سوف يلجأون للتحكيم فى حالة تعثر المفاوضات، وأهمية تصريحات البشير، ليس لحكمته فقط بل لكى يتضح للبعض خاصة فى وسائل الإعلام، كيف تدار الأزمات بين الأشقاء، وأنه لا مجال أبدا للردح والقذف والسب والشرشحة فى الرد على التصريحات التى تصدر من الأشقاء فى السودان، كل منا يرى أن حلايب وشلاتين تقع ضمن حدوده، وكل منا يتمسك بحقه وبأرضه، ومن يمتلك الوثائق التى تؤكد زعمه سوف يحكم له ويفرض سلطاته على المثلث الحدودى، تماما مثلما فعل الرئيس حسنى مبارك فى قضية طابا، حيث وقع الصراع وقدم كل من الفريقين ما يدعم مزاعمه، وقضت المحكمة بإعادتها إلى مصر، وساعتها مصر كانت تستردها من العدو الذى اغتصبها بقوة السلاح، أما السودان فهى دولة شقيقة ولا يجب أن يدفع هذا النزاع بالبعض إلى توريط البلاد فى معركة كلامية مع أشقاء نعتز بهم ويعتزون بنا. غير خفى على أحد أن العلاقات المصرية السودانية لا تتوقف عند حدود تربط البلدين، ولا بشريان مياه يشق طريقه فى قلب الشعبين، ولا إلى الاشتراك فى اللغة أو الديانة، بل إن العلاقات المصرية السودانية تضرب بجذورها فى تاريخ الشعبين، وتتمثل فى علاقات المصاهرة والأخوة، وكتب التاريخ تشهد بهذه العلاقات القديمة. لذا من الصعب أن يبدد بعض الاعلاميين غير المسئولين هذه العلاقات الأخوية فى لحظة ما، أو عند نشوب أزمة بعينها، من الطبيعى أن تنشب خلافات وأزمات بين مصر والبلدان العربية، لكن من المؤلم أن تكون هذه الأزمات أو الخلافات السكين الذى يقطع علاقة الأخوة التى ربطت بين الشعبين. صحيح مشكلة حلايب وشلاتين ليست بالصغيرة ولا بالبسيطة، لكونها مشكلة مرتبطة بالسيادة وبالأرض، وهذا لا يعنى أن نتنازل عن الأرض من أجل الأخوة أو العلاقات التاريخية، بل ما نسعى إليه هو التمسك بالأرض وبفرض السيادة دون أن نخسر الأصدقاء والأشقاء بالدخول فى معارك كلامية نجرح فيها بعضنا البعض، فالمشاكل كما سبق وقلت فى طريقها إلى زوال، ولا يجب أن تحول مشكلة صغيرة صلة الدم والتاريخ إلى عداء وكراهية، والشعب السودانى فى النهاية يحتل مساحة كبيرة فى قلوبنا وفى دمائنا وفى تاريخنا. [email protected] الوفد