الناطق الرسمي للحكومة يهنئ الشعب السوداني بتحرير كامل ولاية الخرطوم    عثمان ميرغني يكتب: كامل ادريس..    والي الخرطوم يقدم التهاني الانتصارات في جنوب أمدرمان والعبور من جبل أولياء لتمشيط قرى الجموعية    بوتين يوجه دعوة إلى البرهان للمشاركة في القمة الروسية العربية الأولى    روسيا تسلم وزارة المعادن عدد (2) أطلس للخرط الجيولوجية وتقارير فنية فقدت بسبب الحرب    "الدعم السريع" تكشف حقيقة مقاطع الفيديو المتداولة لجثامين متحللة بالخرطوم    وزارة الري تكشف عن خسائر تاريخية وفقدان مستندات عمرها 100 عام    لابورتا: برشلونة يعاني لتجديد عقد يامال والتعاقد مع هالاند ليس مستحيلاً    معارك حرب الصالحة كشفت عن نضوج ذهنية القتال الشرس والصعب للأجيال الجديدة    لماذا "فشلت" القمة العربية في بغداد؟    كيف تمنع جيرانك من سرقة الواي فاي؟    واشنطن ستتخلى عن إسرائيل إن لم توقف حرب غزة    6 بؤر محتملة لإنفلونزا الطيور في أكبر مصدر للدجاج بالعالم    نادي الموسياب يخطِّفُ تعادلاً ثميناً من الهلال بدوري الدامر    تكوين لجنة تطبيع جديدة لنادى المريخ شندي    الهلال بطل خارج الحدود    ارفعوا القبة للمعلم عماد النحاس .    لا يعرف عظمة هذه الفتوحات ولا يقدرها حق قدرها إلا من عاش هذه الحرب    صلاح يكشف كواليس تجديد عقده ويتحدث عن الكرة الذهبية    الحزن يخيم على مواقع التواصل الاجتماعي بالسودان بعد استشهاد المصور والناشط "شيخو" إثر هجوم بمسيرة تابعة لمليشيا الدعم السريع على منطقة جبال الإبياتور بسهل البطانة    (كنت أمشي في دروب الشك، أبحث عن الله، أطلب فقط إشارة واحدة) فتاة مسيحية تعتنق الإسلام بعد إستشهاد المصور السوداني "شيخو".. تعرف على التفاصيل!!    شاهد بالفيديو.. الفنانة السودانية إيمان أم روابة تشعل حفل زواج بصعيد مصر وتطرب الجمهور بأغنياتها الشهيرة    المدير العام لقوات الشرطة يتفقد الإدارة العامة لمكافحة المخدرات ويوجه بمشاركتها مع شرطة ولاية الخرطوم في عمليات الانتشار والتامين    من يرافق ريال مدريد وبرشلونة في السوبر الإسباني بالسعودية؟    فياريال يفسد احتفالات برشلونة ويضمن تأهله لأبطال أوروبا    انتكاسة تؤجل تجديد عقد كريستيانو مع النصر    سفارات كييف في أفريقيا.. خطط ومهام تتجاوز الدبلوماسية    ظاهرة قمر الحليب تزين سماء السودان    امريكا تُعلن عن صفقة أسلحة جديدة مع الإمارات    تراجع حركة الموانئ ببورتسودان    بنك الخرطوم يحسم الشائعات.. "بنكك" باقية وستظل    مبارك الفاضل: أغنياء الذهب يحولون دون إنهاء حرب السودان    وفاة الفنان محمد فيصل (الجزار)    السندريلا: الزوبعة الإعلامية لا تثنيني عن دعم قضايا وطني    كيم كارداشيان أمام المحكمة غدا    أسوأ من التدخين.. عادة يومية تهدد حياتك بصمت    الزنجبيل.. الحليف الطبيعي لصحة قلبك    والى الخرطوم يقف على الأضرار بالمحطات التحويلية للكهرباء بعد قصفها بالمسيرات ويشيد بسرعة تحرك قوات الدفاع المدني    ترامب: أريد أن "تمتلك" الولايات المتحدة غزة    مكافحة المخدرات تضبط بنقو داخل مستشفى الدويم    وعكة صحية وتغيب عن الحضور.. ماذا حدث بقضية محاكمة نجل محمد رمضان؟    والي الخرطوم ووزيرة الصناعة يتفقدان عددا من المصانع التي إستئنأفت نشاطها بالخرطوم والوالي يصف الخطوة بالمهمة للمساعدة في الإعمار    ألفاظ مشتركة بين أهل السودان والخليج (1–2)    محمد رمضان يمازح جمهوره بعد زلزال القاهرة: «مفيش زلزال بيحس بزلزال»    ((مبروك النجاح يانور))    صاحب أول حكم بإعدام رئيس مصري سابق.. وفاة قاضي محاكمات مبارك ومرسي    تجهيزات الدفاع المدني في السودان تحتاج إلي مراجعة شاملة    عبر تطبيق البلاغ الالكتروني مباحث شرطة ولاية الخرطوم تسترد سيارتين مدون بشانهما بلاغات وتوقيف 5 متهمين    ما هي محظورات الحج للنساء؟    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اغتصاب
نشر في الراكوبة يوم 17 - 04 - 2015

لربما هو موضوع زواج القاصرات، أو في الواقع اغتصاب الأطفال، الذي يمثل المعضلة الأكبر في كتب التراث الدينية، والذي يستدعي إعادة قراءة لنصوص القرآن والسنة من أجل فهم أفضل وأكثر تطوراً وإعادة ترتيب للأحداث الاجتماعية التاريخية، وصولاً لمخرج من مأزق التفسير المبيح وأحياناً المستحسِن في كتب التراث تلك، واستقراراً عند حظر يرعى حقوق الطفلة الأنثى ويحميها.
طبعاً ذيول ومتعلقات الموضوع كثيرة، فموضوع مكانة ووضع المرأة والتعامل مع جسدها في الأديان عموماً وفي التراث الديني الإسلامي خصوصاً، يحتاج لتنقيح عميق وسريع.
إلا أن زواج الطفلات، حتى لا أكرر كلمة اغتصاب والتي هي في الواقع الأكثر صحة من أي توصيف آخر، يمثل معضلة اجتماعية وأخلاقية حالية صارخة تفضي إلى ايذاءات نفسية وجسدية عميقة وأحياناً كثيرة إلى الموت.
ان المجتمع الذي تغتصب فيه فتياته الصغيرات لا يمكن أن يكون مجتمعاً متوازناً صحياً، بل أبعد من ذلك، هو لا يمكن أن يكون سوى مجتمع منخور من منتصفه، مريض دميم، تعنف فيه إناثه اللواتي هن مصدر للحياة، لتتراكم لديهن المشكلات النفسية والأمراض الجسدية الناتجة عن الممارسة الجنسية المبكرة، وما يمكن لها أن تسبب من تشوهات بليغة لأجهزة الطفلة الصغيرة غير المكتملة.
ان المجتمع التي تكون فيه الأمهات طفلات بحد ذاتهن، طفلات مغتصبات معنفات، لا يعرفن من العلاقة سوى الغصب ولا يفقهن من التعامل الزوجي سوى الخوف، ان مثل هذا المجتمع لا يمكن أن يخلق أجيالاً سوية بناءة محبة للحياة، إنه مجتمع يصنع معادلة غير موزونة، تختل ضفتيها بين الأنثى المستضعفة التي هي العامل الأول في بناء الأسرة والذكر المستبد الذي هو العامل الأبعد عن المحيط البيتي، وعليه تتشكل هذه الحالة الغريبة لكينونة مغتصبة ضعيفة تتولى أمر نشأة جيل لاحق، فعلى أي شكل سيكون هذا الجيل وبأي مفهوم إنساني سيتشكل؟
ان فهم الجسد واحترامه وكفالة سلامته هي أهم قواعد بناء الإنسان الصحي القوي اليوم، وتلك قواعد يحرم منها عدد كبير من الطفلات المسلمات اللواتي يزوجن، أو لنقل يبعن، في عمر صغير يصل في تعريفه التراثي إلى سن المهد.
هذه الكارثة الإنسانية تذكر بإباحة وأحياناً باستحسان في كتب التراث السنية منها والشيعية والتى لم تمنع أن تزوج الطفلة ويدخل بها حتى وهي رضيعة، وفي روايات أخرى يمكن التمتع بها بطرق أخرى إن هي لم تطق الجماع، وفي أخرى يمكن الدخول بها ان كانت بنيتها قوية وقادرة على الفعل الجنسي. إنه حتى أفضل الاختيارات بين المنصوصة أعلاه تبقى فضيحة وكارثة إنسانية لنا كبشر نحيا بالمفاهيم الإنسانية للقرن الواحد والعشرين، وهي اختيارات يجب أن تجتث جميعاً من عروقها حتى لا يبقى لها أثر، انطلاقاً إلى تحديد سن زواج معقول تتفق عليه معظم الحضارات الإنسانية الحالية طبقاً للعلوم الطبية الحديثة كسن الثامنة عشرة، ثم إلى الحظر التام لظاهرة الختان الوحشية، والذي يحمي الأنثى جسدياً ونفسياً، هذا بالإضافة إلى ضرورة تمكين المرأة من نفسها وقراراتها، فلا تزوج إلا بإذنها، ولا تجبر تحت أي ظرف للدخول في زواج تكرهه. إنه واجب إنساني عالمي، لا يستوجب تذكيراً أو مناضلة، أن تقوم كل الدول الحالية التي تحترم مدنيتها وإنسانية مواطنيها على تشريع قوانين تحمي الأنثى صغيرة وكبيرة من هذه الجرائم البشعة، وتضمن تحرر إرادتها وتملكها زمام أمورها وقراراتها.
لن نحرر دولنا من قبضة التطرف سوى بتحرير العقل الإنساني والإرادة الإنسانية، وهذان يتطلبان تمكين الإنسان من عقله، فيقرأ ويتثقف ويقول ما يشاء، ومن جسده، فيقرر فيه، بغير ما يضره، ما يشاء، وبغير هذا التحرر، ودون هذا الاحترام التام للجسد والإرادة الأنثويين، لن نأخذ خطوة واحدة للأمام، بل سنبقى كما نحن: إلى الخلف سر.
د. ابتهال الخطيب
القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.