بسم الله الرحمن الرحيم خطبة الجمعة التي ألقاها الحبيب آدم أحمد يوسف نائب الأمين العام لهيئة شئون الأنصار بمسجد الهجرة بودنوباوي 16 أكتوبر 2015م الموافق 3 محرم 1437ه الخطبة الأولى الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على حبيبنا محمد وآله مع التسليم، قال تعالى: ﭽ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًاَﭼ . تلك هي صفة المؤمنين الذين يخشون الله ويراقبونه في السر والعلن ومن صفاتهم الحياء والتواضع ولين الجانب وخفض الجناح. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحياء شعبة من الإيمان. وقال: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى:- إذا لم تستحي فاصنع ما شئت). وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها مكارم الأخلاق: صدق الحديث، وصدق اللسان، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، والمكافأة بالصنيع، وبذل المعروف، وحفظ الذُمام للجار، وحفظ الذمام للصاحب، وقري الضيف وأُسهن الحياء. وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: من كسا بالحياء ثوبه لم ير الناس عيبه. وعن زيد بن علي عن آبائه يرفعونه: من لم يستحِ فهو كافر. وقال بعضهم: الوجه المصون بالحياءِ كالجوهر المكنون في الوعاء. وقال الخواص: إن العباد عملوا على أربع منازل على الخوف والرجاء والتعظيم والحياء فأرفعها منزلة الحياء لمّا أيقنوا أن الله يراهم على كل حال قالوا سواءً علينا رأيناه أو رآنا وكان الحاجز لهم عن معاصيه الحياء منه ويُقال القناعة دليل الأمانة والأمانة دليل الشكر والشكر دليل الزيادة والزيادة دليل بقاء النعمة والحياء دليل الخير كله.* أيها الأحباب بعد هذه السياحة الروحية في عالم الحياء نعود ونقول نعوذ بالله من أناس لم يستحوا من الله ولا من عباده أولئك هم الذين حكمونا ربع قرن من الزمان وما زالوا جاثمين على صدورنا اللهم خلص عبادك المستضعفين منهم يا رب العالمين. ونعود ونقول إن حواراً صحفيا أُجري مع السيد وزير الدولة بوزارة العدل حيث نفى وجود أي فساد في أجهزة الدولة وقال إنما يوصف بالفساد ما هو إلا تجاوزات مالية محاسبية ولا ينطبق عليها كلمة فساد بمعناه الفني، وقال إن اتجاه الدولة إلى إنشاء مفوضية للفساد لا يعني أن هناك فساداً يجب محاربته وقال إن إنشاء المفوضية إجراء احترازياً ونفى السيد وزير الدولة بوزارة العدل وجود أي, فساد بالبلاد، هذا التصريح الذي أدلى به السيد وزير الدولة بوزارة العدل في حواره هذا يتنافى تماماً مع حديث السيد وزير العدل الأسبق والذي صرح من داخل البرلمان عن وجود فساد كبير وتحدث عن قضايا بعينها كانت حديث المدينة عند المواطنين. وقضايا الفساد في البلاد معلومة ومحفوظة لكل مواطن حتى يكاد الأطفال يحفظونها عن ظهر قلب ولكنا نرجع ونقول إن تصريح هذا المسئول في هذا الحوار هل هو رأي شخصي أم سياسة دولة؟* فإذا كان رأيا شخصي يجب أن يواجه بالحقائق الثابتة عن الفساد الذي طال كل دواوين الحكومة وعلى السيد وزير الدولة بوزارة العدل المنوط به تنفيذ العدالة أن يراجع ملفات الاختلاسات والذي ذكرها المراجع العام في العاصمة والأقاليم والتي أُثيرت في البرلمان ووصلت إلى وزارة العدل ونقول للسيد وزير الدولة بوزارة العدل ماذا تسمى قضية الأقطان وماذا تسمي قضية خط هيثرو وماذا تسمي قضية الاعتداء على المال العام ببعض الولايات والتي ذكرها المراجع العام وماذا تسمى قضية ديوان الزكاة وقضية الأوقاف وقضية مكتب والي الخرطوم السابق، وآخرها ما طالعتنا به الصحف الاسبوع المنصرم عن قضية الصمغ العربي والتي جاءت بعناوين رئيسية:تطورات مثيرة في اختلاسات أموال الصمغ العربي ومفادها: كشف موظف بشركة الصمغ العربي تفاصيل جديدة في قضية محاكمة 7 موظفين لاختلاس أموال الشركة وتحويلها لمصلحتهم الشخصية ودونت الشركة بلاغات في مواجهة المتهمين وباشرت الشرطة إجراءاتها، واكتملت التحريات وأحالت النيابة القضية للمحكمة للفصل فيها.* وقضايا أخرى كثيرة بعدد نجوم السماء كلها محفوظة للمواطن الذي يعاني من شغف الحياة وضيق المعيشة وسوء الخدمات وانعدام الماء حتى في أرقى أحياء العاصمة. إن على المسئولين أن يتقوا الله فينا وأن يقولوا قولا سديدا وأن يتقوا يوما يرجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت. يا هؤلاء. إن أمامكم يوما يجعل الولدان شيبا، يوما مقداره خمسين ألف سنة، يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا، يوما يفر فيه المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه. يوما تدنوا فيه الشمس من رؤوس الخلائق فمن الناس من يلجمه العرق ومنهم من يغطيه العرق في ذلك اليوم هناك سبعة يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله، منهم إمام عادل أي حاكم عادل، فهل بلغك هذا يا وزير الدولة بالعدل؟. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ). الخطبة الثانية البلدان التي تُعرف ببلاد العالم الأول كلها تحكم برضا شعوبها أي بالحكم الديمقراطي المتعارف عليه اليوم وهو أن تقدم الأحزاب برامجها فيصوت المواطن الناخب لصالح البرنامج الذي يلبي طموحاته وقد ولى التصويت للأيدولوجيات والأفكار وما إلى ذلك من الشعارات التي كانت ترفع للكسب السياسي ففي ستينيات وسبعينيات وحتى ثمانينيات القرن الماضي كان الصراع بين الأحزاب وخاصة في عالمينا الإسلامي والعربي هو صراع أيدولوجيات ومدارس فكرية وعقدية فرُفعت الشعارات القومية والاشتراكية وقابلتها الشعارات الإسلاموية وكانت المحصلة النهائية هي كسب سياسي اتضح ذلك بعد وصول أصحاب تلك الشعارات إلى سُدة الحكم وغالبا عن طريق الانقلابات العسكرية وحتى في بعض الأحيان عندما نالت تلك الجماعات ثقة شعوبها انقلبت على الديمقراطية التي جاءت بها وأصبحت تسعى للتمكين عن طريق تقريب الجماعات وفتح أبواب الانتماءات وخاصة تلك الجماعات الإسلامية فجعلت من الوطن القطري دائرة كبيرة تتعدى دائرة القطرية فأعطت الذي يواليها حقاً في قطر لم يكن له فيه حق المواطنة وقلبت ظهر المجن للمواطنين الذين لم ينتموا لها فكريا وعقديا وهكذا أصبحت الديمقراطية عند أولئك الجماعات حصانا سابقا راهنوا عليه فعندما كان لهم الحق تنكروا للديمقراطية التي أوصلتهم إلى كرسي الحكم. ونحن في السودان قد اكتوينا بنار أولئك الذين تعاملنا معهم تعاملا ديمقراطية راقيا فقد أولاهم الشعب بعض ثقته فكانوا الحزب الثالث في الديمقراطية الحقيقية وكانت مكافأتهم للشعب أن انقلبوا على الديمقراطية وجاءوا بحكم شمولي واليوم هم يبحثون عن شرعية مفقودة. شرعية تنكروا لها فقد قالوا عند مجيئهم إن التعددية هي التي أقعدت البلاد، وقالوا إن الأحزاب هي التي خلفت البلاد وقالوا شرعيتنا هي القوة التي جئنا بها فمن أراد الحكم عليه منازلتنا. وما أن تربعوا على كرسي السلطة وبسطوا نفوذهم في كل مفاصل الدولة وعندئذ قالوا للأحزاب تعالوا نتنافس وهذا أشبه بالذي يربط يديك ويقول لك هيا اضربني وأنا جاهز للمنازلة. وهذه الأيام ملئوا الساحة السياسية ضجيجا بما يُسمى بالحوار ونحن نعتقد أن الحوار الجاد هو الذي دعا إليه كياننا السياسي منذ مجيء هذا النظام على ظهر دبابته ولكن كان وقتها النظام لا يعرف سوى الطريق الذي جاء به، واليوم وبعد التمكين والحصول على أكثر من 95% من مفاصل الدولة يريد النظام ليجلس مع أكثر من 80 جسما سياسيا أغلبها من صنع النظام وفصائل مسلحة لتكون له اليد الطولى والكلمة الأخيرة وما أشبه الليلة بالبارحة عندما دعا النظام للانتخابات وكانت نتائجها معلومة قبل انتهائها وكذلك حوار الوثبة قبل عامين وكل هذا معلوم لدى الشعب السوداني الألمعي الذي يظن بك الظن كأن قد رأى وقد سمع. هذا الشعب الملهم معلم الشعوب الذي صنع ثورتين عظيمتين في خلال عقدين من الزمان لا يمكن أن تنطلي عليه مثل هذه المسرحيات الهزيلة. إن موقف الشعب السوداني من حوار اليوم وانتخابات الأمس أشبه بموقف الطفل البريء عندما استعرض فرعون على قومه وهو مخدوع من قبل الذي قال له سأنسج لك ثوبا لا يراه إلا ذو عقل ثاقب وفي يوم الموعد حضر الرجل الذكي ولم يكن معه الثوب وأومأ في الهواء قائلا لفرعون ها هو الثوب وقد وضعته عليك فاخرج في القوم. فخرج فرعون عريانا ولم يجرأ أحد ويقول لفرعون أنت عريان إلا ذلك الطفل البريء الذي صاح قائلا انظروا إلى ملككم العريان. واليوم شعبنا بمواقفه الذكية يقول للنظام أنت مكشوف الظهر لا أحد معك إذا فأنت عريان. إن على النظام أن يفوق من غفوته ويصحوا من نومه وينظر بعين البصيرة ويعترف بأنه قد فشل في كل شعار رفعه فقد زادت معاناة المواطنين وتوقفت عجلة التنمية وتعطل الإنتاج في كل المصانع والمشاريع الزراعية وهجر المواطنون القرى والأرياف وريفوا المدن وعواصم الولايات وأصبحت الخرطوم عبارة عن قرية كبيرة ونتيجة لذلك أصبح الحصول على مياه الشرب في العاصمة الخرطوم أمر بعيد المنال لكثير من أحياء العاصمة وأصبح منظر بيع المياه في الأحياء والطرق منظرا مألوفا وهكذا الخرطوم التي كانت عاصمة يُسمى عليها أحياء في بعض مدن السودان صارت اليوم قرية في صحراء قاحلة لا ماء فيها ولا خضرة. إن السودان اليوم في ذيل قائمة الدول في كل شيء في الاقتصاد وفي السياسة وفي الدبلوماسية وقد كنا اقتصادياً فإن القوة الشرائية لعملتنا تعادل الدولار ثلاثة مرات وتتفوق على الجنيه الاسترليني وفي السياسة والدبلوماسية كانت الخرطوم أول عاصمة يُعقد فيها مؤتمر الجامعة العربية وكانت الخرطوم هي مقر الصلح للزعماء العرب عندما يختصمون واليوم أصبح حكامنا يحتفلون بوضع اسم السودان في قائمة الفصل العاشر بدلا من البند الرابع وكلها عقوبات من الأسرة الدولية وهكذا أصبح حالنا كحال الذي ذهب للطبيب وهو يتوقع أن يقول له أنت مصاب بمرض فقدان المناعة فقيل له أنت مصاب بمرض السرطان ففرح بالسرطان. نقول للقائمين بالأمر فقد جربتم وفشلتم والاعتراف بالذنب فضيلة وإن شعاراتكم لم يتحقق إلا نقيضها عليه ردوا الحق إلى أهله وأهل الحق هم الشعب السوداني، إن على النظام أن يدعو لحكومة قومية بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى وتلك الحكومة القومية هي التي تدعو لانتخابات مبكرة حرة نزيهة تخرج البلاد من ذلك المستنقع ومن هذا النفق المظلم فهل من مستجيب.