بخلاف الانتقادات الشديدة التي وجهها لنظام جعفر النميري (حكم 16 عاما) يرى رئيس وزراء السودان الأسبق وزعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي أن نظام عبد الرحمن سوار الذهب الذي تولى الحكم عام 1985 وفّى بوعوده للشعب، وأدخل المدنيين في إدارة الدولة، كما أجرى انتخابات حرة ونزيهة عام 1986، سمحت لحزبه بالفوز وأعطت الفرصة للشعب كي يعبر عن انتماءاته. واندلعت مظاهرات عارمة ضد نظام النميري في أبريل/ نيسان 1985 انتهت بتنحيته من الحكم وهو بالولاياتالمتحدة الأميركية، ليتولى بعده الفريق سوار الذهب الحكم، وبالتحديد في السادس من أبريل/نيسان من نفس العام. وفي شهادته ال13 لبرنامج "شاهد على العصر" يؤكد المهدي أن نظام النميري كان أول حكم دموي في السودان، وهو الذي أدخل أمن الدولة على البلد، وحوّل الحرب في الجنوب إلى حرب خطيرة، وانتهز فرصة علاقته مع الولاياتالمتحدة ليطلب القروض ويتسبب في انهيار الجنيه السوداني، إضافة إلى أن النميري أدخل السودان طرفا في الحرب الباردة. أما سوار الذهب -يضيف المهدي- فكان "تقيا وورعا وخلوقا جدا" وقد أقام نظاما منحازا للشعب، ولم يكن لديه طموح الحكم العسكري، وكان يدير السلطة بصفة ودية جدا مع الجميع، كما أنه أطلق الحريات والتزم بإجراء انتخابات نزيهة في موعدها. وكان أول قرار اتخذه هو حل جهاز أمن الدولة الذي وضعه نظام النميري. ووفق السياسي السوداني، فقد كانت هناك ثورة شعبية في السودان ضد حكم النميري عام 1985، ولكن القوات المسلحة انحازت إلى جانب الشعب ف"لا يمكن لأي تغيير أن يحدث دون أن يكون فيه عنصر عسكري" ويقصد أن الشعب ينتفض ويتظاهر، لكنه لا يستطيع أن يحسم الأمور، وأن القوات المسلحة هي التي تمسك بمفاصل الدولة خلال حدوث التغيير، وتكون مسؤولة في الفترة الانتقالية. ويكشف المهدي -في شهادته- أن فوز حزب الأمة بانتخابات عام 1986 ب101 مقعد لم يشفع له بتشكيل حكومة بمفرده، دون حزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة محمد عثمان الميرغني والجبهة الإسلامية القومية بزعامة حسن الترابي، ولكن قرار الحزب كان يقضي بعقد ائتلاف مع الميرغني دون الترابي. وكان الترابي والميرغني -يضيف المتحدث- قد اجتمعا بعد الانتخابات واتفقا على مجموعة من الأمور التي كان حزب الأمة يطالب النظام بتنفيذها منها "لا لإلغاء قوانين سبتمبر" وهي القوانين التي أصدرها النميري في سبتمبر/أيلول 1983 وتستند إلى الشريعة الإسلامية و"لا للقصاص الشعبي" و"لا لاتفاق كوكادام" الخاص بمسألة الجنوب. خصومة ويرجع ضيف "شاهد على العصر" أسباب الخصومة بين حزب الأمة والجبهة الإسلامية إلى بداية تحالف هذه الأخيرة مع نظام النميري، ويذكر بهذا الصدد أن الترابي زاره يوم 25 فبراير/ شباط 1985 يطلب منه الدخول في تحالف معهم بحجة أن النميري أصبح يريد الاعتماد عليهم بدل حزب الاتحاد الاشتراكي. ولم يكن النميري يريد الاعتماد على جماعة الترابي- كما يقول المهدي- بدليل أنه قام بالقبض عليهم يوم 10 مارس/ آذار 1985. ووفقه فإن حزب الأمة هو أكثر من تعامل ب "لطف ورقّة" مع الحركة الإخوانية.