غوتيريش يدعم مبادرة حكومة السودان للسلام ويدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار    صقور الجديان" تختتم تحضيراتها استعدادًا لمواجهة غينيا الاستوائية الحاسمة    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    استقبال رسمي وشعبي لبعثة القوز بدنقلا    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    نيجيريا تعلّق على الغارات الجوية    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    بالصورة.. "الإستكانة مهمة" ماذا قالت الفنانة إيمان الشريف عن خلافها مع مدير أعمالها وإنفصالها عنه    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية مغمورة تهدي مدير أعمالها هاتف "آيفون 16 برو ماكس" وساخرون: (لو اتشاكلت معاهو بتقلعه منو)    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    بالفيديو.. بعد هروب ومطاردة ليلاً.. شاهد لحظة قبض الشرطة السودانية على أكبر مروج لمخدر "الآيس" بأم درمان بعد كمين ناجح    ناشط سوداني يحكي تفاصيل الحوار الذي دار بينه وبين شيخ الأمين بعد أن وصلت الخلافات بينهما إلى "بلاغات جنائية": (والله لم اجد ما اقوله له بعد كلامه سوى العفو والعافية)    منتخب مصر أول المتأهلين إلى ثمن النهائي بعد الفوز على جنوب أفريقيا    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان شريف الفحيل يفاجئ الجميع ويصل القاهرة ويحيي فيها حفل زواج بعد ساعات من وصوله    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية غير مسبوقة على مواقع التواصل.. رئيس الوزراء كامل إدريس يخطئ في اسم الرئيس "البرهان" خلال كلمة ألقاها في مؤتمر هام    النائب الأول لرئيس الإتحاد السوداني اسامه عطا المنان يزور إسناد الدامر    لاعب منتخب السودان يتخوّف من فشل منظومة ويتمسّك بالخيار الوحيد    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    صلوحة: إذا استشهد معاوية فإن السودان سينجب كل يوم ألف معاوية    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    كامل إدريس في نيويورك ... عندما يتفوق الشكل ع المحتوى    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    بولس : توافق سعودي أمريكي للعمل علي إنهاء الحرب في السودان    البرهان وأردوغان يجريان مباحثات مشتركة    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صلاح كرار : رسالتي للبشير \" الذين حولك أشبه (بُغثاء السيل) وأفضلهم يطمع في (كرسيك). الثورة يحميها أمثال إبراهيم شمس الدين،قلت : (لو لم تأت الإنقاذ سيصل الدولار إلى ثلاثين) ولست مسئولا عن المحاكمات.. محاولة اغتيال حسني مبارك خطأ إستراتيجي.
نشر في الراكوبة يوم 22 - 05 - 2011


حوار- فاطمة مبارك، بهرام عبد المُنعم
العميد (م) صلاح الدين محمد أحمد كرار، من مواليد الجزيرة (مُقرات) بمحلية أبو حمد ولاية نهر النيل في العام 1949م، بدأ تعليمه في (مُقرات)، حصل على بكالريوس الهندسة الكهربائية في يوغسلافيا، وماجستير في الإدارة العامة من جامعة الخرطوم، عضو مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني، عمل وزيراً للنقل والمواصلات في الفترة من 1991 وحتى 1993م، ثم وزيراً للطاقة والتعدين 1993 – 1995م، وفي 1995 – 1998م عمل وزيراً لرئاسة مجلس الوزراء، وسفيراً للسودان في البحرين في الفترة من 1998 وحتى 2003م. كما أن الرجل من الشخصيات المهمة في صفوف ثورة الإنقاذ الوطني التي تفجرت في العام 1989م، ولعب أدواراً مهمة، لذا حرصت صحيفة (الأهرام اليوم) على تقليب دفاتره، ونفض الغبار عنها، وإعادة قراءة ما علق بها من أحداث أثرت وستؤثر مستقبلاً على مجريات الأمور في السودان، فإلى مضابط الحوار.
{ صلاح كرار كان ملء السمع والبصر، من الذي أطفأ (مصباحه) بضربة لازب؟
- إن شاء الله مصباح كرار لن ينطفئ، الدليل على ذلك أنني بينكم أتحدث، بينما يصمت الآخرون، لكن نحن أُبعدنا بتخطيط، أنا أحد المؤسسين ل (الإنقاذ) الذين ثبتوا في ليلة الثلاثين من يونيو، كنت مكلفاً بمهة اعتقال شخصية مُهمة، ومن ثم كلفت بقيادة منطقة الخرطوم التي تبدأ من جسور القوات المُسلحة، والنيل الأزرق، وأمدرمان جهة الخرطوم، إلى مصنع الذخيرة والمدرعات بمنطقة الشجرة، وسوبا مقر الحرس الجمهوري، القائد المُكلف بقيادتها جاء قبل التنفيذ بأقل من شهر، وذهب إلى الإمارات وترك المنطقة بلا قيادة، أنا توليت قيادة المنطقة التي اعتذر عنها عدد من القيادات أعلى مني رتبة، اثنان منهم برتبة عميد، وآخر دفعتي برتبة عقيد. وكذلك قمت بتنفيذ مهمة اعتقال مدير الاستخبارات العسكرية ليلة التنفيذ التي كان من المفترض أن يقوم بها ضابط آخر لكنه (هرب)، توليت أنا مكانه. كذلك الضابط المكلف بتأمين المطار (هرب) أيضاً، اكتشفنا في الصباح الباكر أن المطار غير مُغلق، لكننا أغلقناه أمام حركة الطيران. أيضاً الضابط المُكلف باعتقال القائد العام (هرب)، وتولينا مُهمة اعتقاله.
{ هل غيروا رأيهم في اللحظات الأخيرة؟
- جميعهم غيروا رأيهم في آخر لحظة، ولم يخطرونا، وهذا شأن البشر في اللحظات الحرجة.
{ من هم؟
- لن أذكر أسماءهم لأنهم أشخاص موجودون، لكنني أقول هذا ليتذكر الرئيس عمر البشير هذه التفاصيل. الإنقاذ لن يفيدها إلا الذين ثبتوا ليلة الثلاثين من يونيو، طبعاً أمثال إبراهيم شمس الدين الذي مضى وهو أحد الرجال الذين لن يعوضوا، هذه رسالة أرسلها إلى (أخونا) عمر البشير عبركم، وأقول له لن يحمي هذه الثورة، ويحميك، ويخلص لك، إلا إخوانك الذين ثبتوا معك في ليلة الثلاثين من يونيو. الذين حولك أشبه (بُغثاء السيل)، وأفضلهم يطمع في (كرسيك). الثورة يحميها أمثال إبراهيم شمس الدين، وأدعو الرئيس البشير للاعتماد على الشباب داخل القوات المسلحة، إخوان الشهيد وداعة الله إبراهيم، والجلوس والاستماع إليهم، وليس مُهماً أشخاصنا لأننا جيل أدّى دوره ومضى ونحن في سن الستينيات، ولن نصلح مرة أخرى، لكن الشباب الموجود الآن في القوات المُسلحة إرجع إليهم يا أخ (عمر) وأجلس إليهم قبل فوات الأوان، استمع إليهم، هؤلاء شباب مخلصون لا يخونونك أبداً. أنا الحمد لله أحد الأشخاص الذين وفقهم الله في تلك الليلة وثبتوا، لكن هذا جلب لي نوعاً من (الحسد) من بعض الناس واعتبروني متطلعاً إلى (سُلطة).
{ ماذا بشأن مهمتك حول تنفيذ الاعتقالات ليلة الثلاثين من يونيو؟
- أنا نفذّت كل الاعتقالات في الخرطوم، طبعاً عاونني كقائد عدد من الضباط الشجعان ذوي الرتب الصغيرة (الرائد) فما دون. كان من بين المعتقلين سكرتير الحزب الشيوعي ووزير العدل الأسبق وآخرون. كان مركز الاعتقالات بفرع البحوث العسكرية جوار مسجد قوات الشعب المسلحة، حوى (14) من رتبة (فريق) إلى (لواء) و(2) برتبة عميد، منهم سفير الآن بالخارجية، وهو رجل عزيز أنا أقدّره وهو من المُخلصين للرئيس البشير.. حل مجلس قيادة الثورة في العام 1994م، تلاه قانون (التوالي) في 1996م، كُنّا في العام 1997م نريد أن ندخل انتخابات حُرة، وندعو الأحزاب لتداول السُلطة، لذلك (الجماعة ديل) استعجلوا وقطعوا الطريق أمام أي مشاركة للأحزاب، هذه المجموعة لا تريد مشاركة، أو تداولاً للسلطة.
{ هل توجد اتصالات بينك وبين أي من الأحزاب سواء من المؤتمر الوطني أو غيره؟
- لا توجد اتصالات، لكنني أحتفظ بعلاقات ودية معهم، الدكتور الترابي عندما خرج من السجن زرته في منزله وهنأته، البقية التقيها في فترات متقطعة.
{ السيد العميد، الذين استهدفوك هل كانت حربهم (مُعلنة)، أم ضرب تحت (الحزام)؟
- هؤلاء ليست لديهم الشجاعة لإعلان الحرب، كانت حربهم تقارير، و(اغتيال) شخصية، بعضها وصل إلى بعض الأشياء (الخسيسة) التي يدبرونها، لكن ربنا سبحانه وتعالي كان دائماً يحمينا من هذه التدابير التي (تغتال) الشخصية.
{ تقارير مثل ماذا؟
- (مطبات) و(كماين) يمكن لك أن تتخيلها، وأحمد الله أنني خرجت منذ فترة مبكرة ولم أشهد هذه الأشياء لإمكانية ارتكابي ل (حماقة) في داخل السلطة، كُنّا في مُنتهى الجرأة، ونتحدث بقوة شديدة ونناقش ونُغضب أي شخص في سبيل كلمة الحق ويعرفوننا تماماً، كل الجالسين الآن نحن اصطدمنا بهم أثناء التنفيذ في أشياء كثيرة حدثت (غلط)، ونُصر على تصحيحه، ونطالب بمحاسبة مرتكبيه، لكن في النهاية لا سلطة لدينا في إبعاد إنسان. أوّل من تنبّأ بخروجي من التشكيلة الوزارية هو أخونا الشهيد الزبير محمد صالح، كان ينصحني بعدم (المُصادمة)، استشهد الزبير في شهر فبراير 1997م، وأعفيت من منصبي في مارس 1998م، حمدت الله على ذلك، وعندما عُينت سفيراً قلت لهم أنا مُعيَّن سياسياً ولن أسافر إلا لتنفيذ مُهمة لا يستطيع أن يؤديها السفير العادي، وحدثت لي بعد ذلك مُضايقات كثيرة جداً، قررت بعدها الذهاب إلى البحرين وفتح السفارة لأول مرة.
{ كيف كانت علاقة الشهيد الزبير محمد صالح بالعسكريين وأنت أحدهم؟
- ممتازة.. الزبير كان عُنصر (الوفاق) وباختفائه اختلت الموازنة.. كان مُستمعاً جيِّداً، ويقبل أي انتقاد.
{ حسناً.. ماذا عن السيد الرئيس؟
- السيد الرئيس رجل متواضع، ويحترم إخوته، لكن الحلقة التي ضُربت حوله من (المدنيين) جعلته بعيداً عنّا.
{ ما هي ملابسات فصلك من العمل بالسلك الدبلوماسي بالبحرين؟
- أنا فُصلت من السفارة بالبحرين بسبب كتابة مقال صحافي بمناسبة العيد الرابع عشر لثورة (الإنقاذ) الوطني التي لم أحضر احتفالاتها بالسودان.
{ لماذا لا يدعونكم لاحتفالات ثورتكم على الأقل مرة في العام؟
- حتى عندما نُدعى لهذه الاحتفالات السنوية فإننا كنا نجلس في الصفوف الخلفية، والقصد من ذلك هو إبعادنا عن الأنظار وفيه نوع من (التكسير) و(الإذلال).
{ هل تقصد المجموعة الحاكمة الآن؟
- أنا أقصد المدنيين طبعاً.. عندما أتحدث عن المدنيين استثني منهم النائب علي عثمان محمد طه، وهو رجل يحترم ويقدِّر الناس، رجل يختلف تماماً عن الآخرين.
{ بتفصيل أكثر؟
- المجموعة التي تحدثت عنها تنقسم إلى قسمين.. الرئيس ليس لدينا فيه رأي غير خوفنا عليه ممن حوله.. علي عثمان رجل يحترم الناس، ذو خُلق ودين، لسانه عف وكذلك يده، مهما قيل عنه من إخواننا في المؤتمر الشعبي وغيرهم باعتباره مُهندس الخلاف، وهو ليس كذلك أصلاً، علي عثمان عندما لاحت ساعة الخلاف وُضع في موقف دون خيارات، وهو رجّح كفة الرئيس حفاظاً على الدولة من الضياع.
{ ماذا عن محتوى المقال الذي كتبته بالبحرين؟
- عندما كنت في البحرين وشاهدت الاحتفال بالعيد الرابع عشر لثورة (الإنقاذ) عبر التلفاز من القصر الجمهوري لم أشاهد واحداً من أعضاء مجلس قيادة الثورة، وسطرت مقالاً بعنوان: (الإنقاذ وهي تبلغ سن الحُلم) لم أمهره كسفير، لكن مهرته بصفتي عضو مجلس قيادة ثورة (الإنقاذ) المحلول، ذكرت فيه أن الإنقاذ بعد مرور (14) عاماً إذا أرادت الانفراد بالحُكم فإن مصيرها سيكون كمصير صدام حسين، وإن جاز لها الحكم منفردة في سنواتها الأولى لا يجوز لها بعد مرور (14) سنة أن تُقصي الآخرين، وقلت في المقال إنني لن أُعدِّد محاسن الإنقاذ لكنني سأذكر (مساوئها) لأن إنجازاتها هي شرعية بقائها، قلت على سبيل المثال: (والله.. الإحالة للصالح العام لم تكن سوى تصفية حسابات طلابية ونقابية)، وحكيت نكتة في المقال وقلت: (اتنين جوا ماشين لركوب القطار، جروا ورا القطر واحد ركب، وواحد فاتوا القطر، الفاتوا القطر قعد يضحك، قالوا بتضحك مالك، قال لأن الرِكب ده المودِّع وأنا المسافر)، فقطار الإنقاذ الآن يمتطيه (المودعون) وعندما تهدأ سرعته أو يتعطل (سينزلون).
{ حسناً.. حدثنا عن ملابسات الفترة الأخيرة في البحرين؟
- الإساءة التي تعرضت لها كبيرة جداً، سُحب اعتمادي وطُردت من المنزل، وانتُزعت سيارتي، واشترطت تسليم السفارة عبر لجنة لأني من أسسها لأول مرة، لذلك سكنت في الفندق، وتجولت بواسطة (تاكسي) إلى حين تسليم السفارة، وقلت لهم إن لم أفعل ذلك سيقولون إن زوجة صلاح (سرقت ليها ملايه أو صحن أو غيره). كان بعض الناس يدفعونني دفعاً للانضمام للمُعارضة، وكان مسؤول كبير في الوزارة وقتها يقول: (لن نُصرِّح إلى أن نعرف وجهته القادمة)، لذلك رددت عليهم عبر شقيقي محمد محمد أحمد كرار وقلت له: أُكتب في ثلاثة صُحف وقل لهم إنني سأصل إلى السودان في الثامن عشر من شهر سبتمبر 2003م الساعة (3) ظهراً بالقطريّة وقلت له: إذا استطعت أُكتب: (الراجل يلاقيني في المطار)، بالفعل وصلت السودان ولم يلتقني أحدهم.
{ هناك من حمّلكم عبء ارتفاع (الدولار) إبان ترؤسكم للجنة الاقتصادية؟
- اللجنة الاقتصادية كانت لجنة «مُصغرة» وتتكون من رئيسها ومقررها ومكتب فيه موظفان اثنان، كنا ندير الاقتصاد عبر الوزارات، قلت في مؤتمر إذاعي وقتها إننا وصلنا ووجدنا الدولار ب (اثنين ونصف وأربعة ونصف وثمانية) ثلاثة أسعار للدولار.. الدولار قيمة الاثنين ونصف لشراء سيارات النواب والدواء والدقيق.. الدولار قيمة الأربعة ونصف مخصص للسلع الأخرى، قيمة الثمانية سعر تشجيعي للصمغ والقطن، قلت لهم إن الدولة لديها سياسة في تحريك الدولار، حركنا الدولار من اثنين ونصف، إلى أربعة ونصف، إلى ثمانية، ثم إلى (12)، وكنا نعلم تماماً تبعات هذا التحريك، في الماضي كان الدولار يحركه (4) تجار، أتيت بهم وسألتهم عن أسباب ارتفاعه قبل (الإنقاذ)، فذكروا لي أنهم (4) تجار في السوق، وأن السيولة لديهم لا تتوفر لدى الحكومة.
{ من هم هؤلاء التجار؟
- لن أذكر أسماء.
{ لماذا؟
- ستجلب لكم ولنا المسؤولية.. الدولار كان يحركه ثلاثة إلى أربعة تجار في السوق، نحن الآن حركنا الدولار حركة كبيرة لكن وفقاً لسياسة نعلم مردودها على الدواء والمرتبات والسلع الغذائية وغيرها، قلت لهم: (لو لم تأت الإنقاذ بطريقة التجار دي سيصل الدولار إلى ثلاثين). لم أكن مسؤولاً أبداً عن الدولار، إن كُنتم تقصدون المحاكمات فإن اللجنة الاقتصادية ليست لها علاقة ب(الاعتقالات والمحاكمات والدَهْم) أو غيرها.
{ من الذين لديهم علاقة بالقضية؟
- أجهزة بالدولة ومسؤولون.. إذا كانت المسؤولية جماعية نحن مسؤولون عن الذي حدث، لكن إذا كانت فردية لم أكن أنا جُزءاً منها.
{ العميد صلاح كرار سخّر شركته الخاصة (QUICK Move) وقتها للتخليص الجُمركي كغطاء لتجارته المشبوهة بالدولار ما هو تعليقكم؟
- عليك بتصحيح معلومتك.. إذا كانت لدّى شركة ستكون مُسجلة في مُسجل عام الشركات، وسيكون لديها مقر ثابت. أنا أول اسم عمل سجلته كان في عام 2001م، أي شخص لديه معلومات قبل ذلك العام عن مقر شركة أملكه عليه بنشره في أجهزة الإعلام وسأعفيه من أي مسوؤلية.
{ كرار مُتهم بتصفية ممتلكات الدولة من الفنادق وعلى رأسها فندق السودان، والفندق الكبير، وفندق البحر الأحمر في بورتسودان، وفندق جوبا في الجنوب، وأطلقت يومها عبارة شهيرة مفادها أن الدولة غير معنية (ببيع الكسرة والمُلاح) ما هو تعليقك؟
- صحيح.. لا أذكر ذلك الحديث لكنني لا اعترض على هذه (المقولة).. أنا كنت وقتها وزيراً للنقل والمواصلات والسياحة.. جاءت عملية الخصخصة وتمت بقانون، وحدثت فيها نقاشات ودراسات كثيرة جداً، الدولة كانت تمتلك كثيراً من المرافق غير الاستراتيجية، على سبيل المثال الفنادق التي تتبع لوزارتي. أنا أسأل ما هو العائد على الدولة من هذه الفنادق؟ الدولة فشلت في تطوير ذلك النشاط بحيث تصبح هي المالكة ويدر عليها عائداً كبيراً، الفنادق حقيقة كانت تتبع لوزارتي، أنا كوزير كنت عضواً في لجنة الخصخصة، أشرفنا على بيع الفنادق، بعنا فقط فندق (البحر الأحمر) لشركة يملك السودان منها نسبة (60%) وهي شركة الفنادق (السودانية - الكويتية) التي تملك فندق (الهيلتون)، لم نبع الفندق لأحد التجار، فعلاً كنا نعتقد جازمين أن الدولة لا تستطيع أن تنافس في بعض الأجهزة الخدمية، مثلها مثل المستشفيات، يعني أن الدولة مهما أنشأت مستشفى لن تستطيع إنشاء مُستشفى كالذي شيَّده مأمون حميدة، أو فضيل أو غيرهم، الدولة دورها في امتلاك دور الضيافة لاستضافة الشخصيات الكبيرة، والاهتمام بالقصر الجمهوري.
{ صلاح كرار وآخرون يعيشون حالة من الهلع والخوف ويحيطون أنفسهم وأسرهم بحراسة مُشددة خوفاً من انتقام ضحاياهم في (بيوت الأشباح) وسجون النظام.. ما هو تعليقكم؟
- الحمد لله منذ أن كنت عضواً في مجلس قيادة الثورة شأني شأن كل إخوتي في المجلس العسكري لم يكن لدينا حرس خاص، نمتطي سياراتنا بأنفسنا، ونسير في شوارع الخرطوم، وكنا فضل ظهر لمن لا ظهر لهم.. منذ أن تركت الإنقاذ ليس لديّ حرس، أو (سواق)، الدولة لم تعطني (سواق)، لأنني أُحلت للمعاش برتبة (عميد).. ولا أستطيع أن أدخل نادي الضباط بسيارة، لأن لائحة نادي ضباط القوات المُسلحة تقول إن المسموح لهم دخول النادي بسياراتهم من رتبة (اللواء) فما فوق.. كنا نترك سياراتنا بالخارج وندخل إلى النادي.. اللائحة أيضاً تقول إن رتبة (الفريق) فما فوق يُعطى (سواق)، أنا ليس لديّ (سواق) والدولة لم تعطني (سواق).. أنا أسكن بمنزلي ومعي شاب إثيوبي، لا يوجد لديّ حرس خاص، منذ الصباح الباكر أصلي الفجر في المسجد بالقرب من منزلي، أذهب راجلاً حاملاً (عُكاز سلم) جلبته من (البلد) لوجود كلاب ضالة كثيرة، وأخاف أن يعضني كلب وتصير (فضيحة) في آخر عمري، وليس لديّ حرس خاص، بعد اللقاء الصحافي هذا سأذهب إلى السوق المركزي لشراء الخُضار، لكنك اذهب وشاهد الحراسة أمام منازل كبار المسؤولين، حراسة بالعشرات، نحن منازلنا غير محروسة بالجنود، ولا نخاف إلا من الله سبحانه وتعالى، لم نكن نظلم ونضرب، ونقتل، ونعذب الآخرين.. (بيوت الأشباح) التي ذكرتها لم نشاهدها، لكننا نسمع بها.. أعلم أن هناك أناساً ظلموا، لو أنا هناك أي شخص يعتقد أنني ظلمته، أو ضربته، أو اعتقلته أو شتمته، عليه بكتابة هذه الظلامات في الأجهزة الإعلامية وعلى هذه الصحيفة بالذات وسأعفيه من أي مُساءلة قانونية.
{ كانت لديك مُصادمات مع جهاز الأمن في العام 1995م بعد محاولة اغتيال حُسني مبارك في أديس أبابا ما هي تفاصيلها؟
- الخلافات كانت في وجهات النظر.. بعد أن قالت إثيوبيا بعد شهر من التحقيق إن عدداً من قادة الجبهة الإسلامية متورطون في اغتيال حُسني مبارك، قُلنا وقتها إن اغتيال حسني مبارك لن يخدم أي قضية من قضايا السودان، وأن محاولة الاغتيال خطأ إستراتيجي ارتكبه الذين شاركوا في هذه العملية.
{ بماذا تريد أن تختم هذه الحلقات التي قلبّت الدفاتر وأعادت لك ذكريات قديمة؟
- كل ما أرجوه أن ينصلح حال (الإنقاذ) من الداخل لأن ما أنجزته (الإنقاذ) في العشرين سنة الماضية في التنمية غير مسبوق.. لكن تبقى هناك نقاط (سوداء) ما زالت حتى الآن بقلم الرصاص يمكن محوها بسهولة، وكل ما أرجوه أن يُجنب الله (الإنقاذ) (التغيير) وأن يلهمها الصواب (بالإصلاح).
وأختم بمقولة للراحل المشير جعفر نميري: (إن أبناء الثورة مهما فعلت بهم الثورة فهم أبناؤها البررة.. أما أعداء الثورة فمهما فعلت لهم الثورة فهم ألد أعدائها).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.