ناقشت الكثير من الدراسات الفوارق بين شيخوخة المرأة وشيخوخة الرجل، وفي الوقت الذي ذهب فيه شق منها إلى تأكيد نظرية استعداد جسد الأنثى للكبر والتراجع بنسق أسرع، نتيجة لطبيعته البيولوجية وما يترتب عليها من إجهاد وإرهاق حتى سن متقدمة، ترى مجموعة من الباحثين أن كل تلك التغيرات الفيزيولوجية والنفسية والهرمونية هي في الحقيقة آلية دفاعية أمام أعراض الشيخوخة وهي فرصة ذهبية لتجديد الخلايا وتنشيطها، يفتقد إليها الرجل. العرب القاهرة - مع التقدم في العمر يصاب الإنسان بالشيخوخة، ومن ثم يعاني من مضاعفاتها، المتمثلة في الضعف العام، من تراجع مستوى الصحة، وضعف الذاكرة، وصعوبة الحركة، وظهور تجاعيد الوجه والبشرة، وهو ما يمكن مواجهته وإبطاء تأثيره من أجل التمتع بالمزيد من فرص الاستمتاع بحياة مريحة خالية من الأمراض والمتاعب. والشيخوخة مرحلة من مراحل نمو الإنسان، يصاحبها نقص مستمر في القدرة على القيام بالمسؤوليات والمهام المعتادة، نتيجة الضعف الذي يظهر في القدرات البدنية في هذه السن المتقدمة. وتشير الدراسات إلى أن متوسط عمر الإنسان يزيد عاما بعد عام بفضل التقدم في الطب والوعي حول ضرورة العودة إلى أنماط الحياة الصحية وممارسة النشاط البدني، حيث يعد المعمرون حاليا من بين الفئات العمرية الأسرع نموا في جميع أنحاء العالم. ومن أكثر ما يخيف ويؤرق الإنسان في مرحلة الشيخوخة تقلص حجم الدماغ، الذي يبدأ بنسبة 1 بالمئة سنويا عند البالغين الأصحاء، ويحدث ذلك تغيرات في شبكة من الأعصاب مهمتها نقل الرسائل بين الدماغ والحبل الشوكي والجهاز العصبي المركزي، ويكون لذلك أكبر الأثر على سرعة معالجة المعلومات، وقوة الذاكرة والتركيز والقدرة على اتخاذ القرارات وحل المشكلات. وبحسب الباحثين في جامعة برلين، فإن شحن الدماغ من خلال تنشيط عمل خلايا المخ بالأنشطة وتمارين العقل، والتغذية الصحية، يجعل الشيخوخة أكثر شبابا وأقل مرضا ومعاناة. وتقارن د. فريال الشيخ، من مركز حلوان لعلاج الشيخوخة، بين شيخوخة الرجل وشيخوخة المرأة، قائلة "الرجل نسبيا تتأخر لديه علامات الشيخوخة، لأنه لا يعيش التغيرات البيولوجية التي تعيشها المرأة، كالحمل والولادة وما يرتبط بهما من متاعب جسدية مجهدة ومرهقة. وتوصلت دراسة كندية إلى أن إنجاب المزيد من الأطفال قد يكون الحل السحري الجديد لمحاربة الشيخوخة عند السيدات، بعيدا عن عمليات التجميل والمستحضرات التي تستخدم للحفاظ على مظهر الشباب. وقال الباحثون في جامعة "سايمون فريزر" الكندية إن نتائج الدراسة تدحض النظرية القديمة بأن إنجاب عدد أكبر من الذرية يعجّل بالشيخوخة. وأضافوا في الدراسة التي نشرت في مجلة "بلوس وان" أن تجاربهم أثبتت أن السيدات اللاتي ينجبن المزيد من الأطفال يزيد لديهن معدل إنزيم يسمى "التيلومير" وهذا الإنزيم مسؤول عن الحفاظ على حيوية خلايا الجسم لأجل غير مسمى. وعندما يصل معدل "التيلومير" إلى درجة معينة من التناقص، تبدأ الخلية البشرية في دخول طور الشيخوخة والانهيار، أي أن تناقص معدل هذا الإنزيم هو السبب الفعلي في حدوث شيخوخة الخلايا والأبدان. ودرس الباحثون حالات 75 سيدة ينتمين إلى اثنين من المجتمعات الريفية في دولة غواتيمالا ورصدوا عدد أطفالهن، كما قاسوا معدل "التيلومير" في خلايا أجسادهن على مدار 13 عاما. وقد توصلوا إلى أنه كلما أنجبت المرأة أطفالا أكثر، تباطأت لديها وتيرة الشيخوخة، مقارنة مع غيرها من السيدات اللاتي لم ينجبن أطفالا أكثر. الرجل نسبيا تتأخر لديه علامات الشيخوخة، لأنه لا يعيش التغيرات البيولوجية التي تعيشها المرأة، كالحمل والولادة وما يرتبط بهما من متاعب جسدية مجهدة ومرهقة وفي ما يخص التفسير العلمي لهذه النتيجة، ذكر الباحثون أن هرمون الأستروجين الذي تنتجه المرأة أثناء الحمل يعد بمثابة مضاد للأكسدة، ويحمي الخلايا البشرية من دخول طور الشيخوخة. وقالوا إن هناك أسبابا نفسية أيضا، حيث أن الأمهات اللاتي يُنجبن عددا أكبر من الأطفال يتلقين المزيد من الدعم النفسي والاجتماعي من أقاربهن وأصدقائهن، وهذا يؤدي إلى زيادة كمية الغذاء المخصص لحفظ الأنسجة البشرية، وبالتالي إبطاء عملية الشيخوخة. وتوصلت دراسة سابقة أجريت على الفئران إلى أن الحمل والإنجاب يساعدان على إبطاء الشيخوخة عبر تجديد الخلايا. ويشير د. سمير علي، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، إلى أن من الضروريات التي يحتاجها المسن كي يتجنب معاناة الشيخوخة أن تكون له اهتمامات قوية ومتنوعة، وله استقلال اقتصادي يجعل الاستقلال المعيشي ممكنا، وعلاقات اجتماعية عديدة مع أشخاص من كل الأعمار وليس مع المسنين فقط، والقيام ببعض الأنشطة الاجتماعية والمفيدة، والتي تشعره بوجوده وأن دوره في الحياة لم ينته، وهو ما يساعد على تحسين الحالة النفسية، وينشط عمل الدماغ، مؤكدا أن طريقة تعامل الآخرين مع المسنين تساهم بشكل مباشر في تجنيبهم الآثار السلبية للشيخوخة.